أصدرت المنظمات الأممية جملة من القرارات لصالح التأكيد على الحقوق الوطنية ودعم كفاح الشعب العربي الفلسطيني، لعل ابرزها اعتبار العام 2014 عاما للتضامن في المحافل والمنابر ودول العالم كلها، ما آثار ردود فعل غاضبة في إسرائيل، إنعكس في تصريح لمندوب دولة التطهير العرقي في الامم المتحدة المجنون والخارج عن المعايير الديبلوماسية والسياسية. ويكشف عن غطرسة وقحة.

هذا القرار الاممي يعكس أولا تضامن العالم المتزايد مع حقوق الشعب الفلسطيني؛ وثانيا يشير الى مدى تعمق العزلة الاسرائيلية؛ وثالثا إصرار العالم على تحشيد الرأي العام العالمي لتعميق التضامن مع الحقوق الوطنية الثابتة وغير القابلة للتصرف؛ ورابعا يفتح الابواب على مصاريعها امام القيادة السياسية الفلسطينية وادواتها لتخاطب شعوب الارض قاطبة لتشرح المأساة، التي يعاني منها الشعب الفلسطيني والانتهاكات الخطيرة وجرائم الحرب، التي ترتكبها دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية ضد المواطنين العزل ومدنهم وقراهم ومزارعهم ومصالحهم الحياتية وآثارهم واماكن عبادتهم الاسلامية والمسيحية وخاصة في القدس العاصمة الابدية لدولة فلسطين.

كما ان القرار الاممي، الذي جاء في اعقاب رفع مكانة فلسطين دولة مراقب في الامم المتحدة قبل عام، يشكل فرصة حيوية ومهمة لممارسة المزيد من الضغوط على دولة الارهاب المنظم الاسرائيلية، وإشعار قادتها واحزابها بمختلف تلاوينها وتوجهاتها وخاصة اليمينية واليمينية المتطرفة، أن سياسة الاحتلال والعنصرية البغيضة المتناقضة مع أبسط قوانين ومواثيق وحقوق الانسان الاممية، لا تجلب سوى المزيد من العزلة والحصار كخطوة اولى نحو مزيد من السياسات العقابية ضد إسرائيل.

ويؤشر القرار الأممي ان الاحتلال الاسرائيلي وهو الاخير في العالم، بات مرفوضا من قبل شعوب وحكومات الدول قاطبة، لاسيما وان القرار حاز على تأييد 110 دول إضافة إلى 56 دولة ممتنعة عن التصويت، وهنا الامتناع في مضمونه دعم للقرار، ولكن لاعتبارات سياسية خاصة بالدول المعنية لم تعلن تأييدها الواضح والصريح، وبقيت إسرائيل وست دول اخرى من بينها الولايات المتحدة وكندا ومكرونيزيا ضد القرار، الامر الذي يوضح بشكل جلي، ان العالم ضاق ذرعا باسرائيل وسياساتها الاستيطانية، لا سيما وان القيادة الشرعية برئاسة الرئيس ابو مازن وقبله الرئيس ياسر عرفات قدمت كل الاستحقاقات لتحقيق حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967. ومدت يديها للعالم لصنع السلام، الذي يحقق الحقوق الوطنية الفلسطينية بحدها الممكن والمقبول من قوى الشعب العربي الفلسطيني الحية.

لكن القيادة الاسرائيلية الخارجة على القانون الدولي والمدعومة من اميركا وكندا، مازالت ممعنة في غيها الاستيطاني وتضع العراقيل والعقبات في طريق السلام، وتعمل على مدار الساعة على تأبيد الاحتلال والاستيطان الاستيطاني في اراضي الدولة الفلسطينية، وتدير الظهر لمواثيق واعراف وقوانين الامم المتحدة، المؤيدة والداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، مفترضة ان العالم "سيقبل" بخيارها الاحتلالي البغيض. إلا ان احلام دولة التطهير العرقي الاسرائيلية باءت بالفشل، وستبوء اكثر فاكثر مع تصاعد واتساع دائرة التضامن مع الشعب العربي الفلسطيني وحقوقه المشروعة في الحرية والاستقلال والعودة وتقرير المصير.

القرار الاممي باعتبار العام 2014 عاما للتضامن مع الشعب الفلسطيني، لعله يشكل ضربة قاسية للاحتلال الاسرائيلي، ويضع حدا لمأساة الفلسطينيين الممتدة على مدار عقود سبعة خلت، ويفتح الابواب واسعة لاقامة الدولة المستقلة وذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، ويهيئ المناخ الاممي للضغط على إسرائيل لضمان عودة اللاجئين على اساس القرار الدولي 194 والافراج عن اسرى الحرية جميعا.