قرابة الثلاثة الآف فلسطيني بدوي من سكان النقب يعانون أزمة خاصة تتعلق بحرمانهم من المواطنة والجنسية الإسرائيلية نتيجة إجراءات عنصرية جلية. حيث يقوم موظفوا وزارة الداخلية ومنذ تقريبا العام 2010 بسحب الجنسية من ابناء الشعب الفلسطيني البدو بذريعة، أنهم "منحوا الجنسية بالخطأ!"، او لكونهم لا يتحدثون العبرية، او لإنهم غير مسجلين في الإحصاءات ما بين عامي 1948 و1952، مع انهم موجودين في دولة إسرائيل أب عن جد، وبعضهم خدم في الجيش الإسرائيلي، وبعض آخر حصل ابنائه على الجنسية، وهو لم يحصل، والعكس صحيح، وجميعم دفعوا ضرائب. وفي الوقت نفسه، يعلم الجميع ان اليهودي في اي مكان في العالم، وبغض النظر عن قوميته، فإنه يحصل على الجنسية الإسرائيلية لمجرد الولاء لدولة الأبرتهايد الكولونيالية، وأي كان التجاوزات او الثغرات، التي وقع فيها، ورغم انه غير مسجل من اصله في سجلات الداخلية في أي زمن سابق.

وإذا توقف المرء امام بروز هذه الظاهرة العنصرية، فإنه يلحظ صعودها مع صعود اليمين المتطرف الصهيوني إلى سدة الحكم؛ ومع تبلور مشروع برفر الإستعماري، الهادف للسيطرة على حوالي مليون دونم من اراضي البدو الفلسطينيين؛ ومع رفض الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة الإعتراف بالعديد من القرى البدوية؛ ليس هذا فحسب، بل تقوم بهدمها بشكل متواصل، كما قرية العراقيب، التي هدمت حتى الآن قرابة ال120 مرة؛ وبهدف دفع المواطنين الفلسطينيين، اصحاب الأرض الأصليين للترانسفير عن قراهم وأماكن سكناهم إلى دول اخرى، وذلك للسيطرة على الأرض، وتقليص عدد السكان الفلسطينيين، في الوقت الذي تبحث عن اي يهودي بالمجهر، كي تستقدمه لدولة إسرائيل.

إذا الإنتهاكات الإسرائيلية الخطيرة ضد السكان الفلسطينيين البدو، ورغم إدعاء وزراء داخلية سابقين كأرييه درعي وغيره، انهم لم يوجهوا هكذا سياسة، بل طالبوا موظفي الداخلية بتسهيل حصول السكان على الجنسية، تشير إلى مضي حكومة الإئتلاف اليميني المتطرف في خيار تعميق التمييز العنصري والترانسفير في آن. لإن الذرائع والحجج الواهية، التي يدعيها موظفوا الداخلية، لا تسمن ولا تغني من جوع!، وهي ذرائع سخيفة وواهية، ولا تمت للحقيقة بصلة. لإن من يعرف إسرائيل واليات عملها الأمنية، فإنه يدرك انها حتى لو لم تقم بتسجيل هذه العائلة البدوية او تلك في إحصاءات 1948 و1952، وقبل سن قانون الجنسية في العام 1952، إلآ انها تعرف، ولديها المعطيات الأمنية عن كل مواطن في الدولة. أضف إلى ان قطاعا واسعا من ابناء النقب وبئر السبع من الفلسطينيين خدموا في الجيش الإسرائيلي، فكيف تحرمهم او تحرم ابناؤهم من الحصول على الجنسية الإسرائيلية؟ وما هو المصدر القانوني لذلك؟ وما علاقة معرفة اللغة العبرية من عدمها بالحصول على الجنسية؟ ولماذا لم يطبق هذا الشرط على اليهود من اي دولة أخرى؟ وهل هذا يستقيم والقوانين العالمية وحقوق الإنسان؟ وهل يتوافق مع ابسط معايير الديمقراطية؟

ما تنفذه وزارة الداخلية الإسرائيلية، هو جريمة بحق الفلسطينيين سكان النقب، ولا يجوز ان يمر ذلك مرور الكرام. بل يفترض ملاحقة الحكومة ووزارة الداخلية في المحافل القضائية والتشريعية والسياسية الإسرائيلية وحتى الدولية، لقطع الطريق على إنتهاكاتها الخطيرة، التي تهدد مصير المئات من العائلات الفلسطينية البدوية. والعمل على إلزامها بمنح الجنسيةالإسرائيلية لهم، لإنها حق وواجب، وهي ليست مِنْة او كرم اخلاق منها. وفي السياق العمل على تحقيق المساواة للمواطنين الفلسطينيين في النقب والمثلث والجليل ومدن الساحل.