بدلاً من التأمل والتعقل واستنتاج حقيقة ان الفلسطيني لا خيار له سوى فلسطينيته وان حضن سوريا مثل حضن ايران وقطر غير دائم وان حضن مصر هو للمصريين وان غزة جزء من فلسطين وان فلسطين ليست غزة وان قضية فلسطين أكبر من حماس وفتح معاً وان الشعب الفلسطيني يطالب الجميع بالتأدب قبل النطق باسمه من قبل هذا وذاك. بدلاً من الانكفاء الى البيت الفلسطيني نجد حماس تعود الى سياسة الاعتقالات ومواصلة حملة الاعلام المنافق والكاذب ضد من يخالفها الرأي .. وهي الآن تعاني أزمة مالية بسبب اغلاق الانفاق وتنتظر من المواطن الذي يقبض راتبه من السلطة ان يدفع أتاوة حتى تدفع حماس رواتب موظفيها ومجاهديها وعسسها وأمرائها من ذوي الدم الأزرق النبيل. وكنت أتوقع من اسماعيل هنية في هجومه أمس على حركة تمرد الناشئة في غزة ان يتخذ خطوات تقدمية لنقل المصالحة الى الأمام لكنه تمترس حول غزة فقط ودعا لأول مرة الفصائل الى مشاركته حكم غزة .. وكأنه يقول: فشلنا وانتهى فصل حصاد الأنفال والغنائم من ايران وقطر وزكاة المسلمين وريع الأنفاق والمكوس .. وحذر حركة تمرد ضد الظلم من التمرد باعتبار ان التمرد ضد بعضنا خطر .. فماذا تسمي ما فعلته حماس منذ انقلابها؟ هل هو تحول ديمقراطي أم تحول همجي سرد هنية نتائجه بقوله ان 260 من فتح و180 من حماس قتلوا في الانقلاب .. لكنه لم يشر الى الاعداد التي لقيت ربها جراء سياسات حماس واستمطارها الاعتداءات الاسرائيلية المتتالية بهدف اثبات وجودها السياسي وسط صفير وتصفيق من تخلوا عنها الآن وتركوها في غزة وحيدة.
لن ينقذ حماس سوى فتح ولن ينقذ غزة سوى شعبها المترامي الأطراف في فلسطين كلها و خارجها .. وعلى غزة ان تتمرد على الظلم والانقسام، فليست كل حماس متفقة مع الانقسام وليست غزة رهينة الانقسام الى الأبد .. فالنصائح الحمساوية هي التي أطاحت باخوان مصر وهم الذين سولوا لهم ان أخونة الدولة ضرورية وان الانفراد بالحكم ونبذ الآخرين وقمعهم هو بداية الخلافة وان عدم تسليح مائة ألف اخواني للحسم العسكري مع الجيش هو أسهل الطرق لاقامة دولة الاخوان .. وكانت النتيجة ما نراه في مصر.
حماس مطالبة بالانقلاب على نفسها الآن حتى لا ينقلب عليها أحد وأسهل الطرق للانقلاب هي المصالحة الحقيقية وما عداها تهلكة.