ما زالت قضية داني دايان، رئيس مجلس المستوطنات السابق، والمرشح الاسرائيلي لتولي مهمة سفيرها في البرازيل محل تجاذب، وأخذ ورد بين الدولة البرازيلية والحكومة الاسرائيلية. اولا لأن حكومة نتنياهو، تجاوزت الاعراف الدبلوماسية بطريقة اعلانها عن سفيرها في البرازيل، وقبل موافقة حكومتها؛ ثانيا موقف رئيس وزراء إسرائيل على لي ذراع الحكومة البرازيلية، من خلال الاصرار على تعيين دايان المستعمر او تخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي بين البلدين. وهو ما يوحي وكأن حكومة نتنياهو فوق القانون الدبلوماسي الدولي. وتشاء من خلال نهجها السياسي، إبلاغ الدولة البرازيلية المستقلة وذات السيادة، انها هي صاحبة القرار في تعيين سفيرها فيها. وما عليها سوى قبول السفير المرشح دون مناقشة او اعتراض او تحفظ من اي نوع.

إسرائيل المارقة تتصرف كدولة فوق القانون أو "كامبراطورية عظمى" تجول وتصول في وضح النهار وعلى مرآى ومسمع العالم في استباحة الدم والحقوق الوطنية والارض الفلسطينية، تقتل وتعدم وتجرح وتعتقل العشرات والمئات والآلاف من ابناء الشعب الفلسطيني، ولا يحرك العالم ساكنا. ليس هذا فحسب، بل ان قادة ودبلوماسيي الدول يطأطئون الرؤوس كالنعام امام جبروت الولايات المتحدة، التي تحمي دولة التطهير العرقي الاسرائيلية من العقاب، وتغطي على جرائمها وحروبها ومذابحها ضد الفلسطينيين. إذًا لماذا لا تتصرف باستعلاء وغطرسة تجاه دولة كبرى كالبرازيل؟ لماذا لا تدير الظهر للقانون الدولي والدبلوماسي؟ لماذا لا تستخف بالبرازيل والسويد وقادة دول العالم طالما اميركا تقف خلفها وتدعم خياراتها العنصرية؟ وما هو الوازع السياسي او الدبلوماسي او الاخلاقي، الذي يمكن ان يلزمها ويحول دون بلطجتها وغرورها؟ واين العالم، الذي فتح لدولة مارقة مركبة ومزورة ذراعيه عام 1948 على انقاض نكبة الشعب الفلسطيني، صاحب الارض، التي اقيمت عليها إسرائيل؟ اين قادة اوروبا من معاييرهم القيمية والاخلاقية والثقافية والديمقراطية؟ لماذا لا يحاولون رفع الصوت عاليا للحؤول دون مواصلة إسرائيل للصعود نحو الفاشية والاستعلاء على الشعب الفلسطيني ودول العالم؟

لا يبدو ان حكومة نتنياهو ستتراجع عن غطرستها وعنصريتها، ولا يبدو في الافق المنظور، ان الولايات المتحدة ستراجع سياساتها تجاه دولة التطهير العرقي الاسرائيلية، ومن المستبعد حدوث تطورات دراماتيكية في السياسة الدولية تجاهها، لكن دولة كالبرازيل، لا يمكن ان تسمح لحكومة قطعان المستعمرين لي ذراعها. وبالضرورة ستحافظ على هيبتها وسيادتها. ولن تحني رأسها للغطرسة الاسرائيلية، ولن تلغي قرارها حتى لو خفضت إسرائيل مستوى التمثيل الدبلوماسي فيها. لان البرازيل تعاملت بمسؤولية تجاه مكانتها كدولة كبيرة، لها وزنها في اميركا اللاتينية وعلى المستوى العالمي، وبالتالي لم ترفض وجود سفير لاسرائيل، شرط ان توافق عليه هي، لا ان تفرضه الحكومة الاسرائيلية. ووفق القانون الدبلوماسي الدولي اعترضت على الشخص المرشح، لأنه رئيس مجلس الاستيطان سابقا، ولصيق الصلة بالارهاب الصهيوني المنظم، وطالبت بتغييره. وعلى اسرائيل الاصغاء لموقف الحكومة البرازيلية، لا ان تعترض وتسعى لفرض خيارها على دولة ذات سيادة ومن وزن البرازيل.

النتيجة المنطقية للسياسة الاسرائيلية، تشير إلى أنها دخلت تدريجيا في حروب جانبية مع دول العالم، فهي راهنا تدخل الصراع مع دول الاتحاد الاوروبي بسبب وسم البضائع المنتجة في المستعمرات، وتدخل في حرب مع الحكومة السويدية ردا على تصريح موضوعي لوزيرة الخارجية فلستروم، والآن تدخل في مواجهة مع البرازيل، وتحاول فرض إرادتها عليها، المحصلة ان الغرور والغطرسة اعميا حكومة الائتلاف اليميني المتطرف بقيادة نتنياهو، حتى انها لم تعد ترى إلا نفسها فوق الجميع، ما سيضاعف من عزلتها وسقوطها في شرور اعمالها وجرائمها حتى لو بقيت اميركا تقف خلفها.