يقتضي مواجهة الرئيس الأميركي ترامب بموقف فلسطيني وعربي موحد، مدعوم بدعم دولي كبير، يمكن أن تكون له آثار ملموسة، خاصة إذا تم تقديم هذا الموقف بشكل استراتيجي ومدروس.
رغم أن سياسات ترامب في السابق قد أظهرت انحيازًا سافرًا لإسرائيل، فإن الضغط السياسي والدبلوماسي المتحد عربيًا ودوليًا قد يفرض عليه تحديات جديدة، وحتى تغييرات، على مواقفه.
يمكن لهذا الموقف الموحد أن يؤثر من خلال التأثير على الرأي العام الدولي وضغط المجتمع الدولي:
- للتأثير على مواقف ومصداقية الولايات المتحدة: إذا اتحدت مواقف الدول العربية مع دعم دولي واسع خلف موقف ينادي بحل الدولتين على أساس قرارات الشرعية الدولية، قد يشكك ذلك في حياد الولايات المتحدة ويضعها تحت ضغط دولي، ما قد يدفع ترامب إلى تخفيف موقفه المتشدد خشية أن تصبح الولايات المتحدة معزولة دبلوماسيًا.
- التأثير على الرأي العام الأميركي: الرأي العام الأميركي يتأثر بالتوجهات العالمية وضغط الحلفاء، ما قد يجعل بعض فئات المجتمع الأميركي تعيد التفكير في دعم سياسات ترامب الأحادية، خاصةً إذا قدم الفلسطينيون رؤية إيجابية لحل الدولتين كحل سلمي وعادل.
* ثم الضغط الاقتصادي والسياسي من قبل الدول العربية:
- تأثير القوة الاقتصادية للدول العربية: الدول العربية، خاصة دول الخليج، تملك أوراق ضغط اقتصادية وسياسية، خاصة أن هذه الدول تمثل حليفًا اقتصاديًا استراتيجيًا للولايات المتحدة. موقف موحد من قبل هذه الدول قد يدفع ترامب لإعادة النظر في سياساته، خاصة إذا توصلت هذه الدول إلى رسالة واضحة بأن استمرار الدعم الأميركي غير المشروط لإسرائيل قد يضر بالعلاقات العربية-الأميركية.
- ثم التعاون مع دول أوروبية ومؤسسات دولية: انضمام الاتحاد الأوروبي إلى هذا الموقف الموحد يضفي عليه قوة إضافية، حيث يعارض الاتحاد الأوروبي الاستيطان ويدعم حل الدولتين، مما يمكن أن يولد ضغطًا كبيرًا على ترامب.
* العمل من خلال الأمم المتحدة والمحافل الدولية:
- قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة: إذا تمكنت الدول العربية من حشد دعم دولي في الأمم المتحدة، فقد يؤدي ذلك إلى مزيد من القرارات التي ترفض السياسات الأميركية، مما قد يضعف موقف ترامب.
- الضغط عبر المؤسسات الدولية: مؤسسات مثل محكمة العدل الدولية يمكن أن تلعب دورًا في تأكيد عدم قانونية الاحتلال والاستيطان، مما يضع المزيد من الضغط على الإدارة الأميركية لمراعاة القانون الدولي.
* وأخيرًا إبراز رؤية فلسطينية موحدة:
- تقوية الموقف الفلسطيني الداخلي: موقف فلسطيني موحد وثابت، خاصة إذا نتج عن مصالحة حقيقية بين الفصائل الفلسطينية، سيعطي الفلسطينيين مصداقية أكبر في المحافل الدولية. ويجعل من الصعب تجاهل مطالبهم، خاصة إذا كانت مدعومة من الدول العربية ودول كبرى.
- الإعلام الدولي والنشاط الحقوقي: على الفلسطينيين وداعميهم العرب الاستفادة من وسائل الإعلام العالمية لتعزيز روايتهم، مما يزيد من الضغط الشعبي والدبلوماسي على ترامب، ويُعقد مهمته في دعم السياسات الإسرائيلية دون النظر للرأي العام العالمي.
* وكذلك التأثير على علاقات أميركا الإقليمية:
- استغلال رغبة ترامب في تعزيز التحالفات ضد قوى إقليمية أخرى: الدول العربية يمكن أن تربط تعاونها الأمني والاستراتيجي مع الولايات المتحدة بمدى استجابة ترامب لحل الدولتين.
* ومن ثم تقديم مبادرة سلام مقبولة دوليًا:
- تأتي أهمية إعادة طرح مبادرة السلام العربية: إعادة التأكيد على مبادرة السلام العربية لعام 2002 قد يكون لها تأثير إيجابي، حيث تضمن الاعتراف بإسرائيل مقابل الانسحاب من الأراضي المحتلة. طرح هذه المبادرة مجددًا سيضع ترامب في موقف صعب إذا ما واصل تجاهلها، خاصة إذا دعمتها قوى دولية كبرى.
سوف يظل ترامب ثابتًا في بعض مواقفه، إلا أن مواجهته بموقف فلسطيني وعربي موحد، ومدعوم دوليًا، سيعزز من الضغط الدبلوماسي عليه. هذا الضغط قد لا يؤدي لتغيير كامل في سياساته، ولكنه قد يدفعه على الأقل لتبني مواقف أقل تطرفًا، أو ربما دفع الإدارة الأميركية نحو تخفيف دعمها غير المشروط لإسرائيل، ما يفتح نافذة جديدة أمام القضية الفلسطينية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها