ألاعيب النفط مسرحية طويلة مستمرة العرض منذ عقود، اغتنى الكثيرون منها وافلس آخرون. ففي مطلع الثمانينيات روج الاميركيون ومعاهد ابحاثهم السياسية والعلمية انهم على وشك ايجاد بديل للنفط وعقدوا مؤتمرات لهذا الغرض فهوت اسعار النفط، وبعد فترة صعدت الاسعار ثم تراجعت مجددا ولم يظهر بديل النفط وهكذا صار التلاعب باسعار النفط وفق امزجة سياسية خفية تشارك فيها دول وشركات عملاقة وعملاء وانظمة موجهة الخ. وبلغت الاسعار 140 دولارا قبل فترة ثم بدأت تنتكس تدريجيا دون اسباب معقولة، وقيل ان التخفيض تم بفعل فاعلين لضرب النمو الروسي بعد الازمة الاوكرانية والموقف الروسي من ازمة سوريا ودعمها لايران لكن الخاسر ليست روسيا وحدها بل الدول العربية كلها المنتجة للنفط. وحاليا يزداد انخفاض الاسعار بعد عودة ايران الى السوق إثر رفع العقوبات عنها ما يعني ان انهيارا جديدا سيطرأ على اسعار النفط لأن الدول المنتجة لم تخفض المعروض بل تزيده لحاجتها الملحة للسيولة المالية.

عندما يفقد النفط اهميته تفقد المنطقة اهميتها وتحل ازمات المنطقة نفسها بنفسها لأن لا احد سيكترث بها على المدى الطويل فلو لم يكن هناك نفط لما وقعت المنطقة العربية في شباك المستعمرين حتى الآن ولما اقام اليهود مشروعهم الاستيطاني هنا، ولما جرى تقسيم العالم العربي الى دول متناحرة ولما جرت المذابح والفتن المستعرة حاليا.

عندما يفقد النفط اهميته او يتلاشى لن تسفك دماء جديدة في المنطقة العربية وسيفقد الغرب شهيته في التدخل وسينتهي المشروع الاستيطاني الصهيوني وقد يحتفظ اليهود بمدينة ساحلية كتذكار فقط، لأن احدا لن يهتم بالمنطقة الفقيرة هذه. ولو احتسبنا مزايا النفط على الامة لوجدناها مجرد اوهام بل كوارث ومصائب فلا تنمية انتاجية ولا مجتمعات متماسكة ولا تصنيع ونمو بل مجرد اسواق استهلاكية مجردة من مقومات الانتاج والبقاء والدفاع عن نفسها. دول ومجتمعات خنثى لا هي ذكر ولا انثى.