الشعب الفلسطيني، شعب واحد، له تاريخ وثقافة وهوية وطنية واحدة. وما نتج عن النكبة عام 1948 والنكسة عام 1967 من تجذر لبعضهم في ارض الاباء والاجداد وانتزاع وطرد لقطاعات من ابناء الشعب إلى دول اللجوء والشتات، وخضوع التجمعات الفلسطينية في جناحي الوطن للانظمة العربية مع ما حملته من انعكاسات على واقع كل تجمع نتاج اختلاف الانظمة السياسية، لم يؤثر نهائيا على عمق الروابط الوطنية والثقافية، وبقيت الشخصية الوطنية جامعة للكل بغض النظر عن المواقع الاجتماعية والسياسية الفكرية والثقافية للمواطنين واللاجئين على حد سواء.

كانت الذات الوطنية في كل التجمعات: في داخل الداخل او الاراضي المحتلة عام 1967 او في دول الشتات والمهاجر كلُ واحد. وفي حالة تكافل وتكامل بشكل خلاق. ولم تتمكن عوامل القهر والطمس والتهويد الاسرائيلية، وسياسات التعسف ضد اللاجئين من إضعاف حالة الانتماء للوطنية، لا بل العكس صحيح، كلما كانت عمليات القهر والتآمر تزداد على الشعب وثورته المعاصرة، كانت اواصر الاخوة الفلسطينية تتعمق أكثر فاكثر.

وشكلت منظمة التحرير منذ تأسست في عام 1964، حاضنا ومجسدا للشخصية الوطنية. وتعاظم دورها مع انطلاق شرارة الثورة المعاصرة مطلع الـ1965، ومع اعتراف مؤسسة القمة العربية بها ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب العربي الفلسطيني عام 1974. باتت هي الممثل للكل الفلسطيني. في الوقت الذي اتسمت فيه القيادة السياسية بالحكمة في التعامل الايجابي مع سمات كل تجمع من التجمعات الفلسطينية، دون ان يعني ذلك، التخلي عن المسؤولية السياسية والثقافية عن اي مواطن فلسطيني، أيا كانت الجنسية، التي يحملها. وبالتالي كل فلسطيني بغض النظر عن مكان اقامته او الجنسية، التي يحملها، هو جزء لايتجزأ من الشعب الفلسطيني، ومنظمة التحرير الفلسطينية تمثله، وتمثل مصالحه. ولكن دون افتعال قصص وهمية وغوغائية ذات انعكاسات سلبية.

ما تقدم، له عميق الصلة بالقصة، التي اثارها عدد من الغيورين الفلسطينيين حول استشهاد نشأت ملحم في عرعرة يوم الجمعة الماضي. حيث اتجه بعض المتحمسين من ابناء الشعب لتوجيه الاتهام لوزارة الصحة بما لا يمت لها بصلة، لعدم إدراجها الشهيد نشأت في قوائم شهداء الهبة. ما اضطر الوزارة لاصدار بيان توضيحي. عكس الرؤية الوطنية حول الكيفية، التي يتم فيها اعتماد الشهداء. ومع ذلك لم تهدأ النفوس. وخرج بعض اعضاء المجلس الوطني بطريقة غير دقيقة لتوجيه اصابع الاتهام للمؤسسات الوطنية دون اي سبب وجيه. ورغم عدم وجود مبرر واقعي لافتعال الازمة، لانه لا يوجد في الجوهر تناقض، وإن وجد انما في الشكل. ارتباطا بالواقع الموضوعي لهذا التجمع او ذلك. والجميع يعلم، ان ابناء الشعب الفلسطيني في الجليل والمثلث والنقب، هم جزء اصيل من شعبنا، ولا يمكن التخلي عنهم. ولكن هذا الجزء له ظروفه واشكال نضاله الخاصة. ولا يجوز للعواطف ان تعمي بصيرة الغيورين، وتدفعهم لمنزلقات خاطئة ومسيئة للعاملين في وزارة الصحة. وليفكر الجميع بشكل عقلاني ومنطقي بمصالح ابناء الشعب في مناطق الـ48، والابتعاد عن سياسة التطير والانفعال العاطفي. لان ذلك في مصلحة كل شعبنا.

نشأت ملحم شهيد فلسطيني رغما عن نتنياهو ويعلون وعموم وزراء حكومة الائتلاف الحاكم. ومنطق وجرائم حرب قادة إسرائيل، هو الذي دفع نشأت للرد على العنصرية التطهيرية الصهيونية بالمثل. ومن يعتقد انه يستطيع تطويع ارادة الشعب الفلسطيني، يكون مخطئا لا في داخل إسرائيل ولا في اراضي دولة فلسطين المحتلة عام 1967 ولا في اي مكان من العالم. ومن يريد وقف دوامة العنف، عليه ان يسقط كل القوانين العنصرية، ويعيد للعرب الفلسطينيين حقوقهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وينسحب كليا من القدس والضفة وغزة والسماح للدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة برؤية النور، والسماح بعودة اللاجئين لديارهم على اساس القرار الدولي 194.