ستة وثلاثون عامًا مضى على إعلان إستقلال دولة فلسطين في 11/15/ 1988 هذا الإعلان على لسان الشهيد أبو عمار من على منبر المجلس الوطني الفلسطيني في دورتها التاسعة عشرة بالجزائر حمل معاني كثيرة منها:

- أولاً: التعبير والتأكيد على أن الشعب الفلسطيني بكل مكوناته ماضٍ بنضاله بكافة الوسائل الكفاحية والنضالية المكفولة دوليًا حتى دحر الاحتلال الاستعماري الإحلالي الإسرائيلي عن أرض فلسطين مهما بلغت المؤامرات والتحديات.

- ثانيًا: رسالة إلى المجتمع الدولي عامة وللدول دائمة العضوية بمجلس الأمن خاصة، بأن للشعب الفلسطيني الحق بالحرية والاستقلال أسوة بباقي شعوب العالم وإعمالاً لميثاق الأمم المتحدة الكافل لهذا الحق الأساس والأصيل وهذا يرتب عليهم ممارسة كافة أشكال الضغوط والإجراءات الكفيلة بإلزام سلطات الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي إنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية، وتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.

- ثالثًا: رسالة لدول العالم وعلى وجه الأخص للدول التي تزعم أنها ترعى وتكفل وتدعوا لتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان أن هذه المبادئ مكفولة بإعلان الاستقلال أي أن الدولة الفلسطينية المستقلة دولة ديمقراطية تؤمن بتعزيز مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان نصًا وعملاً.

- رابعًا: الدولة العربية الفلسطينية جزء لا يتجزأ من الوطن العربي.

- خامسًا: إن الشعب الفلسطيني يؤمن إيمانًا قاطعًا بحقه الأساس بالحرية وبالتحرر من نير الاستعمار الإحلالي الإسرائيلي، متمسكًا بالقرارات الدولية بتصفية الاستعمار، وبالتالي لن يركع ولن يستسلم مهما بلغ حجم المؤامرات والتفاوت بموازين القوى العسكرية لصالح الكيان الاستعماري الإسرائيلي المدعوم من قوى الاستعمار العالمي.

* تحديات أمام الاستقلال:

منظمة التحرير الفلسطينية بمجلسها الوطني تدرك منذ إعلان الاستقلال بأنها ستواجه تحدياتٍ لا بد من العمل على تجاوزها حتى إنجاز الاستقلال واقعًا على الأرض الفلسطينية المحتلة، إستنادًا لقرارات الجمعية العامة وعلى رأسها قرار التقسيم رقم 181 لعام 1947 ومن هذه التحديات:

- أولاً: ميزان القوى العسكرية والسياسية والاقتصادية لصالح الكيان الاستعماري الإحلالي الإسرائيلي.

- ثانيًا: غياب العمق الجغرافي والإستراتيجي  للمقاومة الفلسطينية بالرغم من البيئة الشعبية الحاضنة والداعمة لخيار المقاومة بوسائلها المكفولة دوليًا.

- ثالثًا: إكتفاء الموقف العربي الرسمي بغالبية الأحيان بالتعبير عن مركزية القضية الفلسطينية عبر إصدار البيانات والمواقف النظرية دون أن تترافق بموقف موحد لإتخاذ إجراءات عملية ضاغطة بما تملكه من عناصر قوة سياسية واقتصادية وجيوسياسية على الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن وخاصة على أميركا للضغط عليها وإلزامها بمسؤولياتها لإيقاف سلطات الاحتلال الإسرائيلي.

- رابعًا: قبول غالبية الدول الأعضاء بالجمعية العامة للأمم المتحدة بالدور التجميلي التي أرادته لها الدول الخمس دائمة العضوية وبتوظيفها لتحقيق مآربها ومصالحها مما أدى إلى أن تبقى مئات من قرارات الجمعية العامة حبرًا على ورق دون أن يجد أيًّا منها سبيله للتنفيذ وخاصة قرار التقسيم 181 وقرار 273 الذي اشترط لقبول إسرائيل عضوًا بالأمم المتحدة تنفيذها القرارين 181 و194.

- خامسًا: الدعم الأميركي والأوروبي المطلق للكيان الاستعماري الإسرائيلي المصطنع وتمكينه من عناصر القوة والإفلات من المساءلة والعقاب بإنحياز أعمى وبإقصاء لمبادئ وأهداف الأمم المتحدة وبإنتهاك صارخ لميثاقها وللشرعة الدولية.

* المطلوب لتجاوز التحديات:

أثبتت الأحداث الأخيرة وخاصة خلال السنة الأخيرة التي فضحت بصراحة وعنجهية عن المخطط الإسروأميركي التوسعي الذي يستهدف الأمن والاستقرار القومي العربي بل ووحدة أقطاره الجغرافية تحت عنوان تغيير خريطة الشرق الأوسط وفقًا لتصريحات مجرم الحرب نتنياهو وزمرته ومن قبل تصريح وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس التي بشرت بما يسمى الفوضى الخلاقة وتصريحات الرئيس المنتخب ترامب ومرشح نائب الرئيس الديمقراطي تيم ويلز بأن مساحة "إسرائيل" ضيقة وسيعمل على توسيعها، هذا المؤشر يعتبر الأكثر خطورة على جدية المخطط الإسروأميركي التوسعي والذي يتطلب من قادة الدول العربية والإسلامية الحذر وعدم الاستخفاف، وما حرب الإبادة والتطهير العرقي بقطاع غزة وعموم فلسطين  وفي لبنان وسوريا إلا البداية وجرس الإنذار.

نخلص إلى أن دعم حرية فلسطين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى مدنهم وقراهم التي طردوا منها عنوة عام 1948 تنفيذًا للقرارات الدولية ذات الصلة  تشكل الإطار الحامي والسور الواقي أمام نجاح المخطط الأميركي بأداته الإسرائيلية للتوسع الجغرافي بدءًا بالدول المحيطة بفلسطين المحتلة وما إنقلاب الكيان الإسرائيلي على إتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة وادي عربة إلا الدليل ومن الإجراءات المطلوبة للعمل عليها دون تأخير ما يلي:

- أولاً: تعزيز وحدة القوى الفلسطينية تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني نحو تحقيق الهدف المرحلي بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس والمعترف بها دوليًا بموجب قرار الجمعية العامة رقم 19/ 67 / 2012 على حدود الرابع من حزيران 1967 والذي تم بموجبه إعتراف 149 دولة بدولة فلسطين كعضو مراقب بالجمعية العامة للأمم المتحدة منهية بذلك المزاعم الإسرائيلية أن هذه أرض متنازع عليها وليست محتلة وما قرار محكمة العدل الدولية إلا التأكيد القانوني من أعلى سلطة قضائية دولية على عدم شرعية وقانونية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة إثر عدوان حزيران عام 1967.

- ثانيًا: حشد جبهة دولية عريضة تعمل على إلزام الكيان الإسرائيلي الإرهابي إنهاء احتلاله للأراضي الفلسطينية المحتلة وللجولان تحت طائلة فرض العقوبات والعزل إعمالاً لميثاق الأمم المتحدة وتنفيذًا لقراراتٍ ذات صلة:

▪︎ مجلس الأمن وخاصة قراري 242 و2334.

▪︎ قرارات الجمعية العامة بدوراتها الحالية والسابقة بدءًا من قرار رقم 181 و194 و273.

▪︎ قرارات محكمة العدل الدولية الصادرة عام 2004 و2024 المطالبة مجلس الأمن والجمعية العامة بتفكيك النظام العنصري الإسرائيلي وإنهاء احتلاله غير القانوني للضفة الغربية وقلبها القدس ولقطاع غزة.

- ثالثًا: الطلب من الحكومة السويسرية بصفتها الدولة المودعة لإتفاقيات جنيف دعوة الدول الأطراف لعقد إجتماع طارئ للدول الموقعة على إتفاقيات جنيف لإتخاذ القرارات والإجراءات الكفيلة بإلزام سلطات الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ أحكام إتفاقيات جنيف على الأراضي الفلسطينية المحتلة  التي تحظر إجراء التغييرات الجغرافية والديموغرافية والتشريعية على الأراضي المحتلة وإلزامها على إنهاء أي إنتهاكات صارخة أو جسيمة أو بسيطة من  مصادرة الأراضي وبناء المستوطنات أو معاملة أسرى الحرب أو فرض العقوبات الجماعية وغيرها من الإنتهاكات.

- رابعًا: قطع كافة أشكال العلاقات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والإعلامية والثقافية مع الكيان الاستعماري الإسرائيلي تمهيدًا لعزله عالميًا عقابًا على جرائمه وسياسته العدوانية واستمرار احتلاله للأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة.

- خامسًا: دعم نضال وصمود الشعب الفلسطيني بوطنه سياسيًا وماليًا واقتصاديًا بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني حتى دحر المستعمر الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

* بعد استعصاء إمكانية استجابة الكيان الإسرائيلي على مدار 76 عامًا بدعم أميركي:

▪︎ لإحترام إلتزاماته كعضو بالأمم المتحدة.

▪︎ لتنفيذ القرارات الصادرة عن مجلس الأمن بإنتهاك للمادة 25 من ميثاق الأمم المتحدة.

▪︎ الإلتزام بتنفيذ قرار محكمة العدل الدولية بموجب المادة 194 من ميثاق الأمم المتحدة.

▪︎ عدم تنفيذ بل الإنقلاب على تعهداته الثنائية المبرمة مع مصر وفلسطين والأردن وبالتهديد باحتلال أرض أو أجزاء من أراضي دول عربية محيطة بفلسطين أو بعيدة عنها وما الخارطة التي عرضها مجرم الحرب سموتريتش بباريس عام 2022 وبدعم وتأييد من نتنياهو إلا تعبيرًا عن النوايا العدوانية التوسعية الإجرامية مما يستدعي الإنتقال للمرحلة بأدوات جديدة تهدف لترسيخ وحماية الأمن القومي العربي بإتباع وتبني إستراتيجية موحدة ومتوافق عليها لوضع الوطن العربي الكبير بأقطاره على خارطة العالم كقطب فاعل مستقل مع قرب ولادة نظام عالمي جديد دون التقليل أو الإستهانة بإمكانية تحقيق ذلك وحتى لا تعاد نتائج الحرب العالميتين الأولى والثانية وما أسفرت عن استعمار واستباحة للوطن العربي بمكانته وثرواته ووحدته وهيمنة على سيادته وما صناعة الكيان الإسرائيلي على أرض فلسطين بقرار الدول الاستعمارية "أميركا وبريطانيا وفرنسا" إلا للحفاظ على نفوذها وهيمنتها ومصالحها والحيلولة دون تحقيق  أي شكل من أشكال الوحدة العربية.

ومع رئاسة ترامب للولايات المتحدة الأميركية وبما يعرف عنه أنه رجل الصفقات وهذا ينسحب بالتأكيد على طبيعة قيادته التي عهدها العالم بدورته الأولى مما يتطلب من الدول العربية بنواتها السعودية ومصر والأردن وسوريا ولبنان وفلسطين أن تعمل على إبرام صفقة تحقق مكسبًا للطرفين:

● العربي بإنجاز إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتمكين الشعب الفلسطيني من الحرية والاستقلال وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس تنفيذًا للقرارات الدولية وللمبادرة العربية وإعلاءً لحق الشعوب بتقرير المصير وتصفية الاستعمار أينما وجد.

● الأميركي بالانتصار لقوة الحق والإنحياز لمبادئ العدالة وتجسيدًا للأمن والسلم الإقليمي والدولي وإعادة بعض مما فقدته من ثقة شعوب العالم.

● للرئيس ترامب أن يسجل التاريخ له القدرة على تحقيق سلام استعصى على سلفه من رؤساء وذلك  بالانتصار للشعب الفلسطيني الذي تعرض ولا يزال يتعرض للظلم والاضطهاد والتهجير القسري منذ ما يزيد عن قرن.

● الانتصار لفلسطين بدعم نضال وصمود شعبها حتى الحرية والاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، انتصارًا للأمن والاستقرار الإقليمي والقومي ورمز للقوة والوحدة وحماية للأمن القومي العربي الشامل، وإفشالاً للمخطط العدواني الإسروأميركي التوسعي.