تحل اليوم انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة الـ51 بعد مضي ثلاثة أشهر على الهبة الشعبية، التي جاءت لتعلن لإسرائيل والعالم، ان إرادة الثورة الام، ما زالت، هي الناظم لخيار الشعب، ولتقل ان الجماهير الفلسطينية، لم تعد تقبل سياسة المماطلة والتسويف لدولة التطهير العرقي الاسرائيلية، وترفض الاستسلام لمشيئة الاستعمار، وتجدد الانتصار للحقوق الوطنية كاملة غير منقوصة، وتؤكد جاهزيتها الكاملة للسلام العادل والممكن، المتمثل بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وضمان حق العودة على اساس القرار الدولي 194.

انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، وحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، كانت لحظة استثنائية في مسيرة الكفاح الوطني التحرري، عندما بادرت مجموعة من المناضلين لانتزاع حق الدفاع عن الحقوق الوطنية من ايدي أهل النظام الرسمي العربي، ورفضت تدجين الذات الوطنية وفق المعايير العربية والدولية المتواطئة مع إسرائيل، وتمردت على كرت التموين وصفة اللاجئين المقصاة عن بعدها السياسي، وانطلقت في ظل موازين قوى تميل كليا لصالح دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية، مع ذلك لم يأبه اولئك الرواد في إشعال فتيل الثورة، وتحملوا كامل المسؤولية في الخروج من نفق الصمت والمراوحة في المكان.

نعم الهبة الشعبية المتعاظمة في عبورها عتبة شهرها الرابع، شاءت الاعلان الصريح للقاصي والداني، عن الرفض الكامل لسياسة التطويع والاملاء الدولية والاسرائيلية. وتطالب الدول المانحة الشقيقة والصديقة، باعادة النظر في سياسة الرشوة، لان ما تقدمه تلك الدول، لا يساوي شيئا من الحقوق الوطنية المنهوبة طيلة سبعين عاما. والكف عن التلويح بالضغط على القيادة الفلسطينية، ومسكها من اليد، التي تؤلمها، وتحمل مسؤولياتها في الضغط على دولة الارهاب المنظم الاسرائيلية لتحقيق جزء من العدالة السياسية بالزامها باستحقاقات التسوية السياسية. والخروج من تحت عباءة السياسة الاميركية المتواطئة مع حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة.

القيمة الاساسية في إحياء ذكرى الانطلاقة، يتمثل في استخلاص عبرها ودروسها، وإعادة الاعتبار لمثلها وقيمها واهدافها وفاء لاسرى الحرية ولارواح الشهداء جميعا منذ اول هبة ضد الحركة الصهيونية في عشرينيات القرن الماضي حتى يوم الدنيا هذا. وتمسك الشعب الفلسطيني في مواصلة طريق الكفاح الشعبي المتلازم مع النضال السياسي والدبلوماسي والاقتصادي والثقافي التربوي والاعلامي لتحقيق الاهداف الوطنية. إنما هو إصرار على رفض سياسة الطمس والتبديد للحقوق والمصالح العليا.

 ويخطئ من يحاول وضع العصي في طريق الهبة الشعبية، فلا إسرائيل ولا اميركا ومن يدور في فلكهم، يمكن لهم وقف وإسكات الهبة الجديدة. لان الجماهير الشعبية لم تعد تحتمل الصمت على المحارق وجرائم ومذابح وعنصرية إسرائيل المارقة والخارجة على القانون. لا سيما ان التهويد والمصادرة والجدار والاستيطان بات يخنق الانفاس الفلسطينية. ويداس صباح مساء على خيار السلام من قبل حكومة المستوطنين الصهيونية. والعالم كله من اقصاه لاقصاه، بات يعلم أن قادة الائتلاف الحاكم في تل ابيب، هم وليس احد غيرهم، من يعطل مسيرة السلام، ويدفع الامور نحو حافة الهاوية. ما يفرض على كل محب للسلام الانتصار على إرادة الاستعمار والارهاب الصهيوني، ودعم كفاح الشعب والقيادة الفلسطينية العادل لاحقاق العدالة النسبية.

وفي ذكرى الانطلاقة الـ51 ودخول الهبة شهرها الرابع، لا يجوز القفز عن خيار المصالحة الوطنية، لان إعادة الاعتبار لوحدة الارض والشعب، وحماية الاهداف والمصالح العليا للشعب، يعتبر واحدا من اهم العبر والدروس الوطنية. ولان بقاء الحال على ما هو عليه، يعطي كل القوى المعادية والشامتة الفرصة للاساءة للحقوق الفلسطينية. وبالمقابل غض النظر عن محارق الفاشية الاسرائيلية المتصاعدة. فهل تستجيب حركة حماس لارادة الشعب، وتسقط خيار الانقلاب، وتعيد الاعتبار للشرعية الوطنية؟ وهل تنتصر الارادة الوطنية الجامعة، لتشكل لوبي ضاغط لفكفكة الانقلاب الحمساوي؟ وكل عام والثورة والهبة الشعبية وحركة فتح ومنظمة التحرير بخير.