في فترة زمنية قياسية قامت القوات الاسرائيلية الارهابية والمستوطنون بعدد من عمليات الاجرام البشعة ضد الفلسطينيين المسالمين ترافقت مع مسلسل طويل بالانتهاب للأرض (هذا الارهاب محرض الغضبة والمقاومة الأول) واقتحامات القدس و الأقصى، وأعقبت المسلسل الدامي للارهابيين المستوطنين منذ قرروا في العام 2014 ان ينتقلوا من سياسة حرق المساجد وقطع الاشجار الى ارتكاب الجرائم بحق البشر مباشرة.
يقول الله تعالى (انا من المجرمين منتقمون) والاسرائيليون مارسوا ضد البشر أشكالاً من الاجرام فقاموا خلال هذا الاسبوع الاول من شهر 10 للعام  2015  بجرائم القتل عن مسافة صفر كما حصل مع الطالبة النصراوية اسراء عابد من مدينة العفولة، وقاموا بجرائم القتل العمد (قالوا انها بالخطأ) ضد الفتى عبد الرحمن عبيد الله ومع شروق دويّات في القدس التي عمدوا لنزع حجابها فقاومت فكان القتل، و ثالثا قاموا بالقتل من أجل اللهو و التسلية أو بداعي الخوف و الذعر كما فعلوا في طعن العرب بالنقب وكما فعلوا مع الطالبة هديل الهشلمون في الخليل، اما الشكل الرابع للاجرام و الذي تخصصت به عصابات المستوطنين فهي الحرق –التي أشعلت بدايات الغضبة أيضا مع اقتحامات الأقصى-كما فعلوا بشهيد الفجر الفتى محمد ابو خضير في 02/07/2014 مشعل غضبة القدس، وكما فعلوا مع آل الدوابشة.
أما الشكل الخامس من الاجرام الصهيوني فهي جريمتهم الأزلية ضد عموم الشعب بالاحتلال لفلسطين، وسرقة الارض وزرعها بالمستوطنات والمستوطنين سواء بالقدس أو في عموم الضفة التي خلفوا فيها منذ العام 2008 جيلا ارهابيا من الفتية الصغار من المستوطنين.
 ان الاجرام الصهيوني هذا وغيره الكثير الذي شكل العامل الدافع والمحرض للفلسطينيين في مساحة فلسطين وإن بأشكال مختلفة، وشكل عامل التحفيز للإشعال الذاتي لغضبة القدس التي استعر فيها الطغيان والظلم والإرهاب الذي كدسه "نتنياهو" وتحالفه الثلاثي مع الجيش و المستوطنين بقرار واضح.

من المقاومة الشعبية الى غضبة القدس
تشتعل وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بمجموعة من النقاشات حول اسم أو مضمون أووسائل العمل بانتفاضة أو هبة أو صرخة أو (غضبة القدس) الحالية، غضبة أبناء فلسطين الشباب، وفي ذات الوقت حار الاسرائيليون بفهم هذا الحراك الفلسطيني الثوري، ويحتار البعض في بداية انطلاقتها ولا يدركون جيدا أن صانع الحدث من حيث المصطلح والمضامين هم شبيبة الميدان وقياداته الجديدة ليس منذ الأمس مطلقا وإنما في حدها الأدنى منذ عام تقريبا أي بدءا من العام 2014.
من المفيد أن نقول إن مسار العمل المقاوم  الشعبي الجماهيري بأكف مفتوحة وبالفعل السلمي لم يتوقف في فلسطين منذ العام 2005 أي بعد تجربة الانتفاضة الاخيرة (2000-2004) التي خالط نهاياتها تجارب سلبية، لم يتوقف ولنا في نماذج المخيمات أو القرى التي قاومت الاحتلال مثال هام حيث ولدت فكرة “باب الشمس” –وما تلاها-في اللجان الوطنية للمقاومة الشعبية، في حركة فتح وخاصة بقيادة عضو مركزية حركة التحرير الوطني الفلسطيني-فتح القائد الميداني محمود العالول، وكافة الفصائل والمؤسسات الوطنية في القرى التي استمرت تنظّم مسيرات شعبية أسبوعية منذ عدة أعوام مثل بلعين ونعلين والنبي صالح والمعصرة وكفر قدّوم وغيرها، أو خارجها. إضافة للأنشطة الشعبية الأخرى في مختلف المناطق.
إن تركنا المسار السياسي الفاعل والمؤثر في هذه الغضبة في قراءتنا هذه مؤقتا لنركز على الوضع الميداني يمكننا القول اليوم بارتياح إن غضبة القدس الحالية لم تولد فجأة أبدا، وإنما تراكمت بحيث بدأت شرارتها الكبرى في العام 2014 في مدينة القدس أساسا، وفي حراك مدن وقرى الضفة الأخرى معا وسويا، ولا تركنوا لمن يفترض أنها بالقدس فقط، بالبُعد التقزيمي للنضال، فهذا تكذبه الأحداث وإن اشتدت المواجهات نعم في القدس آخر عدة شهور، لأن  القدس بأقصاها الجريح لا تقبل التقسيم له مطلقا ولا تقبل الروايات التوراتية التاريخية المكذوبة، فهذا الصرح لنا وما كان للعام 1929 في هبة البراق إلا أن أثبتت أن حائط البراق ذاته وهو جزء من السور الغربي للأقصى (يسمونه زورا حائط المبكى) هو جزء من الصرح الإسلامي كما أن القدس درة فلسطين وهي التي يحميها الفلسطينيون بأقصاها ومساجدها وكنائسها وأسوارها وبيوتها وحواريها لأنها رمز الألم والأمل،
وبوابة الحرب والسلام معا، ورمز اليأس من العدو والأمل بالله سبحانه وتعالى، وبالصامدين المرابطين فيها، ولأنها حتما ستكون عاصمة فلسطين الأبدية.

من قصرة الى سوسيا الى القدس
في الوقت الذي استمر فيه جنوب الضفة خاصة في الخليل وبيت لحم و يطا يقاوم سرقة الأرض وتدمير بيوتنا ويقاوم البؤر الاستيطانية المنتشرة كالسرطان في كل مكان في قرى ومناطق المعصرة وجورة الشمعة وسوسيا وترمسعيّا وبلعين... الخ . كان أبطال جنين ونابلس والشمال عامة ينقضون ضد المستوطنين دفاعا عن فلسطين وأراضينا وكان نجم هذه الغضبة اللامع في حقيقة الأمر في الشمال الفلسطيني هم مناضلو قرى نابلس الصناديد، ولنضعكم في نموذج قرية قصرة الرائع التي تصدت ببسالة عز نظيرها للمستوطنين فأشعلت شمعة منيرة في درب (غضبة القدس) منذ تواصل تصديها لعصابات المستوطنين.
كانت بلدة قصرة في محافظة نابلس نموذج المقاومة الباسلة أو الغضبة بأكف مفتوحة منذ رفضها بوضوح إرهاب المستوطنين في فلسطين وخاصة شمال الضفة، وتصديها لهم الى الدرجة التي قام بها أهلها في شهر يناير عام 2014 بأسر 17 ارهابيا مستوطنا وتعاملوا معهم بأخلاق الفرسان فلم يمسوهم بل وأطلقوهم وقال إمام مسجد قصرة حينها الشيخ زياد عودة:(هدفنا ليس قتلهم وإنما ايصال رسالة لهم ولعموم المستوطنين ولدولة "اسرائيل" بأن عليهم أن يوقفوا اعتداءاتهم علينا، وإلا فإن عليهم تحمل عواقب ذلك في المستقبل).
وحصلت اشتباكات متجددة بعد ذلك من القرية والقرى الأخرى مع المستوطنين، كان من ضمنها معركة قصرة في 31/7/2015 حيث تصدت الحجارة مقابل رصاصات المستوطنين وجنود الاحتلال الذين كانوا يراقبون ويحمون المستوطنين.

انعطافة المتطرفين الارهابيين عام 2014
وأيضا في العام 2014 ذاته انتقل المتطرفون اليهود من المقيمين على أرضنا قسرا في المستوطنات من أسلوب عمليات حرق الاشجار والبيوت وحرق المساجد التي بدأوها منذ العام 2009 الى عمليات المواجهة المباشرة مع المواطنين الفلسطينيين أصحاب الأرض، فمارسوا إرهاب الحاخام (اسحاق شابيرا) الأسود الذي أباح دم الأطفال الفلسطينيين وحرقهم بفتوى فقهية لم يكن من حاخامات المستوطنات إلا أن امتدحوها خاصة حاخام (بيت إيل) القريبة من منزلي في رام الله الذي اعتبرها بفخر حينها (ابداعا فقهيا واكاديميا)! ومن هنا تصاعدت الاعتداءات على الناس حتى لقيت جذوتها في جريمة احراق عائلة الدوابشة   في قرية دوما نابلس (28/8/2015). (أنظر نماذج مسلسل القتل والحرق المتواصل لاحقا: في قتل الطالبة هديل الهشلمون بدم بارد بالخليل 22/9/2015، وبإطلاق النار على شروق صلاح دويّات من مستوطن إرهابي حاول نزع حجابها فلما قاومته جثم عليها وقتلها بالقدس 7/10/2015، وفي قتل الطفل عبدالرحمان عبيد الله 5/10/2015...الخ)
المفارقة هنا أن نشأة هذه العصابات الاستيطانية الإرهابية بدعم الثلاثي حكومة نتنياهو وكبار المستوطنين والجيش الصهيوني-الجيش أحيانا يتفرج وأحيانا يرعى ويدعم مباشرة وأحيانا يتبادل الأدوار مع العصابات- قد ترافقت مع ذات العام الذي قررت فيه حركة فتح بالمؤتمر السادس عام 2009 أن تعتمد الحرب الشعبية أو المقاومة الشعبية الجماهيرية السلمية استراتيجية لها، وهذا ربما نطرقه في بحث آخر.
في العام 2014 كانت أيضا النقطة المفصلية في مسار المتطرفين في القدس الذين انتشروا أواخر حكومة "نتنياهو" العنصرية المتطرفة (قبل الانتخابات الاسرائيلية 2015) وبدعم واضح من حكومته لفرض نجاحه – وهو ما حصل – وكان ذلك متعانقا مع الاعتداءات المتواصلة للارهابيين المستوطنين في وسط الخليل وفي الحرم الابراهيمي الشريف، وقامت هذه العصابات بالاعتداء على الممتلكات وعلى المواطنين في سياسة مستمرة كان أبرزها جريمة احراق الفتى محمد أبو خضير بالقدس وهو متوجه لصلاة الفجر من قبل 3 إرهابيين صهاينة في 2/7/2014، وتواصلت الجرائم في كل مكان وكانت قمتها بقتل الوزير القائد المناضل من حركة التحرير الوطني الفلسطيني-فتح زميلنا الاخ زياد أبوعين في 10 ديسمبر 2014؛ إثر قمع القوات الإسرائيلية لفعالية زرع لشجر الزيتون بقرية ترمسعيا برام الله، ولا نريد أن نعدد عشرات بل مئات جرائم الاحتلال في القدس والضفة وقطاع غزة، ولكم في التقارير الموثقة امكانية الاطلاع على آلاف الاعتداءات على بيوت وأراضي وأرواح المقدسيين كنموذج حي ثم الاعتداء على مقدسات المسلمين والمسيحيين (حرق كنيسة الطابغة في اراضي فلسطين عام 1948 كانت نموذجا صارخا أيضا) وصمود المرابطين الاسطوري في الاقصى المبارك.

غضبة من صنع الشباب
إذن من الممكن أن نلحظ بوضوح أن الشرارة كان لها رأس في شمال وجنوب الضفة وعنوانها الأشهر صمود قرية قصرة الأسطوري، واستشهاد المناضل زياد أبوعين ثم  حرق آل الدوابشة، وكان لها الوضوح في مدينة القدس عاصمة فلسطين الابدية خاصة مع حرق الطفل محمد أبو خضير الذي رسّمه الرئيس محمود عباس أيقونة لهذه الغضبة أو الثورة الشعبية منذ 7/7/ 2014 عندما التقى عائلته وقال (صابرون صامدون مرابطون)، وبالطبع في دفاع المرابطين المستميت عن حرمة المسجد الأقصى.
إن غضبة القدس الحالية كما أشار قادة الميدان من شباب العشرينيات هي غضبة لماذا؟ لأن في الغضب لله ان يستثار المسلمون والعرب (!؟ ) وفي الغضب للأرض أو غضب الأرض أن تتزلزل الأرض تحت أقدام الغزاة، أما لماذا القدس وليس فقط الأقصى بحجمه الجغرافي (وليس بمعناه الروحي العميق) كما يحاول البعض تصوير الحدث مخطئا، فكان الرد الواضح لأن القدس تعني الأرض، كل الأرض، فهي عاصمة فلسطين، والقدس رمز بوابة السماء، والقدس الشعب والقدس نضال أبناء القدس الصامدين المرابطين فلها معطيات الأرض والناس والسياسة وليس المعنى الديني التوراتي المكذوب الذي يحاول الاسرائيليون جرنا له ليصوروا أن المشكلة في مساحة الأقصى فقط دون أن يدركوا أن كل فلسطين هي الأقصى  عندنا وهي القدس، وهي ملك الامة جمعاء، وعليهم أن يدركوا أن كل فلسطين هي الاقصى وهي القدس وإن أي استيطان في أي جزء من فلسطين (توافقنا فلسطينيا على حل الدولة الفلسطينية في حدود 1967 من أرضنا فلسطين) هو ذاته الاقصى والقدس.
إن معركة أبناء فلسطين الصابرين الصامدين المرابطين من طلاب العلم ومن المرابطين والمرابطات في المسجد الأقصى المبارك إن حملت الكثير من المعاني الروحية والقيم الاسلامية العميقة التي من المتوجّب أن تستثير كامل الامة الاسلامية والعربية، وإن عبرت غضبتهم العربية بوضوح عن رفض مطلق لمحاولات الاستيلاء على مسجدنا الأقصى المبارك وتحويله لما يدعونه زورا على الحقيقة والتاريخ "هيكلا" فإنها غضبة لن تتوقف حتى ينزاح الاحتلال عن مسجدنا وعن اسوارنا وعن بواباتنا وعن كنائسنا وعن هدم بيوتنا عن إرهاق مواطنينا بالقدس عبر سياسات التمييز العرقي الغاصبة.
إن (غضبة القدس) الحالية هي من صنع وطني محلي بحت، وبأيدي الشباب، الجيل الذي يتسلم الراية متفقّها في مضمون الفعل، فهو جيل الأمل والفعل وليس جيل اليأس أبدا فالله معنا.... فاختار أن يحارب ويقاتل بأكف مفتوحة وصدور عارية، فنحن قرأنا معا ما قاله الشيخ زياد عودة امام مسجد قرية قصرة-نابلس، حيث ندرك  مدى الوعي الكبير لأهمية سلمية هذه الانتفاضة أو الشكل الابداعي الجديد الذي لا بد سيبرز من هذه المقاومة.  

اليأس والوعي
يطرح بعض الكتاب من الاسرائيليين أن اليأس وما يسمونه التحريض الفلسطيني الداخلي من أسباب هذه النفرة الكاتب فيقول د.رؤوبين باركو في صحيفة (اسرائيل اليوم) المقربة من نتنياهو (الوضع اليائس الذي هم فيه جعل السلطة الفلسطينية وحماس تستخدمان شعار "المسجد الاقصى في خطر") وهو إذ يدين الرئيس أبومازن يقول أيضا أن (أبو مازن ورجاله وعدداً من القائمة المشتركة والحركة الاسلامية يسعون لتحقيق حلم الانتفاضة الثالثة التي من شأنها اعادة الانتفاضة الأولى أي "انتفاضة شعبية غير مسلحة على شكل عصيان مدني جماعي مثل غاندي) مرجحا الفشل بالطبع، ويقول الكاتب الاسرائيلي عاموس جلبوع في معاريف (التحريض مغروس في مجرد جوهر السلطة التي تربي على كراهية "القرد اليهودي". ولا ينقص الفتيان الفلسطينيين الشبان أي "افق سياسي")
إن الوعي بمقدار وحجم وحدود القوة التي نمتلكها، وكيفية إحسان استخدامها، استفادة واستنفاذا واستخلاصا لتجارب العدوان الهمجي على قطاع غزة الباسل لمرات ثلاث مدمرة، ولانتفاضاتنا بالأخص منذ العام 1987م كان لابد أن يُظهر هؤلاء الشباب وقد وعوا جيدا أهمية عدم الانجرار للاستدراجات الصهيونية للقيام بأعمال عنفية  تنعكس علينا بالوبال والخسران داخليا وعالميا، كما كان يحصل في أواخر انتفاضة الاقصى الباسلة (2000-2004) خاصة مع دخول الأمة العربية والإقليم في النفق المظلم.
يقول الكاتب الاسرائيلي "جدعون ليفي" نافضا يديه من الوضع الراهن في "هآرتس" 8/10/2015 ("اسرائيل" أقوى من أي وقت مضى، والغرب غير مبال وهو يسمح لها بالتصرف كما لم يسبق أن سمح لها. والفلسطينيون ضعفاء ومنقسمون ومعزولون وينزفون كما لم يسبق أن كانوا منذ النكبة. لذلك قد يستمر هذا سنوات اخرى لأن "اسرائيل" تستطيع والرأي العام فيها يريد. ولن يحاول أحد وقفها باستثناء الرأي العام العالمي والعدالة الطبيعية والأخلاق الانسانية اللذين لا يقبلون بهذا بأي شكل.)
رغم تشاؤم "ليفي" يطرح الكاتب مرزوق الحلبي في صحيفة الحياة اللندنية في 9/10/2015 وكأنه يرد عليه قائلا: (لن تفيد الإسرائيليين تنظيرات نتانياهو عن الإرهاب وتشديد قبضة الاحتلال. فيما سيُشكّل مسار أبو مازن والنضالات الفلسطينية المدنية رافعة قوية الدفع باتجاه تحرير القيادة الإسرائيلية من وهمها، وإن كنا نتوقّع أن تحاول هذه القيادة كل شيء لإثبات عقيدتها السياسية والأمنية القائلة بإمكانية إدارة الصراع حتى يوم القيامة من دون حله.)

الغضبة ومربع العنف
من المهم القول أن هناك من يحاول جر هذه الانتفاضة أو الهبة أو (#غضبة_ القدس) الحالية لمربع العنف فيسهل على الإسرائيلي تعريتها والقضاء عليها، وهو ما سعى له أيضا "نتنياهو" من أمد بعيد، بل وهو يتمناه يوميا لولا خروج عصابات "تدفيع الثمن" عن طاعته وبيعته وأهدافه بجر الفلسطيني لهذه المنطقة، حيث عمد "نتنياهو" لدعم المستوطنين المتطرفين لأسباب انتخابية وتوراتية-تاريخية كاذبة، وسياسية ليجعل الفلسطيني في مواجهة المستوطن ، المُقدر له أن يقيم دولة المستوطنين في الضفة منعا لقيام الدولة الفلسطينية الى الأبد، وليُبعد الجيش عن الميدان فيتفرغ للدفاع عن كيانه ضد الاخطار الكبرى الخارجية كما يوهم جمهوره، على قاعدة إدارة الازمة في فلسطين لا حلها.
 يرسّخ "نتنياهو" وجيشه من المتطرفين وجود المستوطنين الارهابيين على أرضنا حيث يصرف عليهم سنويا 100 مليون دولار، ويدعم منابرهم الفكرية والثقافية بالمستوطنات وفي قلب الكيان وفي الاعلام عامة.
  هناك طرف ثان لا يدرك حجم الخسارة التي سنجنيها-أو يتعمد- ويحاول أن يتفاعل مع أجندات اقليمية بتحطيم الاسرائيلي، والسلطة معا التي بدلا من أن تلقى الدعم والوحدة والتآزر يتم وصمها وتشويهها وتخوينها؟! وهذه الفئة-القليلة قطعا في شعبنا إن شاء الله- هي من تحاول أيضا أن تجر غضبة القدس لمربع الفوضى والسلاح والحريق، بينما تلك الثلة الواعية من قادة الميدان مازالت ملتزمة بخطوات نرجو ان تبقى مدروسة ومحددة وشمولية ولكنها شعبية عارمة.
قال بعض قادة الميدان: لا نريد استنساخ الانتفاضات السابقة خاصة الفوضى آخرها، ونريد أن نضع مسافة كي لا تحصل مشابهة حتى في الآليات الفاشلة سابقا خاصة التجييش والاستقواء على الناس، وثانيا لأننا يجب أن ننظر الى ركائز عملنا الجديد لنحدد لون غضبتنا هذه وتميزها ومسارها المختلف عما سبق حيث تقوم غضبة القدس على الأركان التالية 1- وحدة قيادية سياسية وميدانية 2-لجان الحراسة ومقاومة المستوطنين التي شكلتها حركة فتح ومنذ شهور وهي الفاعلة الآن بالميدان 3-المرابطون بالأقصى وفي القدس والتحشيد الصلواتي فيه 4-ديمومة مقاطعة بضائع المستوطنات والتضامن الاقتصادي 5-تسخين نقاط التماس عند المستوطنات بالكثافة والسلاسل البشرية بالتظاهرات الشعبية رجالا ونساء وأطفال 6-المواجهات عند بوابات القدس من رام الله وبيت لحم بالتظاهرات الشعبية العارمة والأهلية.

فوضى السلاح
وفي سؤالي للاستيضاح حول ما يقصدونه بالفوضى أو السلبية في نهاية الانتفاضة الأخيرة (2000-2004م) قال أحد قيادات الميدان ممن نُكبِر وعيه :المقصود بالسلبية ثلاث نقاط: أولها الانجرار وراء العمليات التفجيرية داخل فلسطين ما يدمرنا عالميا ويشوه صورة نضالنا، وثانيا انقلاب الكتائب عامة ضد الداخل الفلسطيني اي تحولوا –بعضهم بالطبع- الى عصابات متحكمة أدت للفلتان الأمني المريع ، وثالثا تحييد المجتمع عن دوره النضالي فهذه الثورة شعبية (الثورة الفلسطينية عامة) ان لم ينخرط بها الجميع نخسر.
يستطيع قادة الميدان ببساطة أن يدركوا قدراتهم، ولا يستمعوا أو يطربوا لصراخ أو أهازيج أو لتصفيق المصفقين الجالسين بارتخاء وراء شاشات الحاسوب ويدعونهم للموت المجاني من البعيد، وهم أنفسهم – أعني هؤلاء المصفقين- من زجوا الأمة العربية والإسلامية في حربها الحالية ضد بعضها البعض التي أصبح فيها الموت المجاني شعارا لاحتراب أبناء الأمة التي تراكم الغبار على فكرها وروحها وفعلها فدخلت في أتون اللهب ودهاليز الظلام، ولنا أن ننظر بأعين مفتوحة للموقف العربي المنسحب بعيدا عنا الذي يعبر عنه بقلق ووضوح ومحبة د.ابراهيم البحراوي في صحيفة الاتحاد الاماراتية 9/10/2015 إذ يقول بألم: (قلبي مع الفلسطينيين، فالعالم مشغول بالغارات الروسية القريبة منهم في سوريا، وبالحرب في اليمن وليبيا.... فهل سيقدم الفلسطينيون وجبة شهداء جديدة لماكينة العدوان الإسرائيلية؟)

كلما اتسع النطاق تكاتفت الجماهير
يستطيع أبطال فلسطين أبطال (#غضبة القدس) بوضوح أن يميزوا بين (الاستدراج) الصهيوني ومن لف لفّهم للفعل العنفي الذي لا طائل منه في ظل وضع داخلي وإقليمي وعالمي لا يطيقه، وفي ظل حالة يريدها نتنياهو لينقذ نفسه وحكومته وليحقق ما وعد به ناخبيه بتدمير ومنع قيام دولة فلسطينية وفصل غزة،   وليستمر في سياسته البائسة بتدمير وسرقة أرضنا الفلسطينية (أو ما تبقى منها) بالإرهاب المتمثل بوجود المستوطنات والإرهابيين المستوطنين -وجيش الاحتلال- من حملة نار التوراة العنصرية فيها من عصابات (فتيان التلال) الى (تدفيع الثمن) الى (لهفة=اللهب او الشعلة).
دون كثير استنطاق قالها لى عدد كبير من كادرات الفعل الميداني لن ننجر ولن نُستدرج ولن نُخدع بحيل نتنياهو، فنحن نعلم مكمن قوتنا، فهو ليس بالرصاصة ولا السكين ولا القنبلة ولا السلاح الناري– الذي هو في جميع الاحوال حقنا ولكن في وقته وظروفه الداخلية والإقليمية غيرمتوفر حاليا – وإنما بصرخة الحجر وقوة البشر وغضبة القدس والزيتون وإرادة الانسان وشمولية المقاومة الشعبية في المساحة الجغرافية حيث يجب أن تمتد على طول وعرض البلاد، وفي المساحة السكانية (الديمغرافية) حيث نسعى للمشاركة من كل الفئات صغارا وكبارا، لأنه كلما اتسع النطاق تجاوبت الجماهير وتكاتفت معنا فلا تبقى متفرجة او تهتف وتصفق او تسير في الجنازات.
 لذا اخترنا أن نستمع لصوت الأرض وللأقصى وللناس فليس لنا إلا التضامن والوحدة ومرجعيتنا في القيادة الشرعية المتكاملة من اليمين الى اليسار وبرأسهم أبو مازن، ونحن بعيدون عن تجاذباتهم ومناكفاتهم واختلافاتهم التي عليهم هم أن يحلوها، ومالنا إلا السير وراءهم ضمن استراتيجية المقاومة الشعبية الوطنية الشاملة.

صناع الحياة
لن ننجر لمربع العنف والقتل، فالإرهاب اليوم هو لصيق بالتحالف الثلاثي بين الحكومة الاسرائيلية والجيش والمستوطنين ويجب أن يبقى كذلك.(يهدد تقرير أمان=الاستخبارات الصهيونية بالقول: في حال نجح مهاجم بتنفيذ "هجوم دام" فإن ذلك سيؤدي لردة فعل اسرائيلية تكون بدايةً لدخول غزة في التصعيد، وفقدان السلطة سيطرتها على الشارع في الضفة").
نحن صناع الحياة وما أصعب أن نغني للحياة وأن نعيش في سبيل الله، وما أسهل الموت في سبيله وسبيل الوطن ونحن اخترنا الصعب ولا نريد الغوص في مستنقع السهل والمؤذي في ظل الظرف الكئيب المخيم على الأمة حاليا.
أبعدوا عنّا دعوات بعض المتساوقين مع الاحتلال بالإنجرار للقتل المجاني، فلن نكون وقودا لحروب حزبية من الواضح أنها تشير باتجاه هذا المحور الاقليمي أو ذاك، نحن بوصلتنا الأرض وكل الشعب وباتجاه الوحدة كما كان يقول القائد الفذ ياسر عرفات هي فلسطين فقط ، ولنا أن نتخير وقت وشكل النضال ونحن اخترنا حربنا بصدور عارية ومقاومة شعبية شاملة بأكف مفتوحة.
بعد أن تعرضنا ل #غضبة القدس من حيث الشرارة وقيادة الشباب ودور الجماهير واستمرار العمل المقاوم للفلسطيني، ولأنها تحمل اسم القدس وبالبعد التاريخي المكذوب من نتنياهو، والذي يكرسه لخرافة "الهيكل" والعاصمة الأبدية، كان من المهم اعطاء هذه النبذة في ختام حلقاتنا ضمن حاشية تاريخية عن القدس:

حاشية تاريخية عن القدس
القدس في التراث الاسلامي وفي التراث المسيحي في فلسطين والعالم تعني الأرض وتعني حراس الأرض وتعني السماء معا، ما لا يوجد عنها في أي تراث إنساني آخر، إلا ما خالطته الخرافة والوهم وصناعة الكهانة والكذب كما هو حال كتبة التوراة بعمقها التاريخي الذي لم يعبّر إلا عن اوهام وخيالات وأساطير وتراثيات خالطت الوقائع.
القدس للمسيحيين حقيقة في ميلاد وحياة سيدنا المسيح عليه السلام ابن هذه الأرض وسيدها، الذي تواجد في ظل قبيلته الموحدة-المرتدة وفي ظل عشرات القبائل العربية الوثنية الاخرى في بلادنا.
القدس بالنسبة للمسلمين والعرب حقيقة روحية ومادية-وللمفاجأة هي حقيقة مادية لا ينكرها أحد البتة-تسلسلت منذ عمرها الرسول (ص) بزيارته العامرة في الإسراء والمعراج الى أن حررها عمر بن الخطاب من محتليها الرومان الطغاة، ثم بنى عبدالملك بن مروان البناء القائم حاليا المتمثل بالمسجد الأقصى على خطى ابن الخطاب الذي وضع الأساس، وظلت القدس للمسلمين والمسيحيين العرب وما إن وطأتها جيوش الغزاة إلا وهبت الامة لتحريرها في سلسلة من الأبطال فحررها صلاح الدين الأيوبي، ولما لم تهنأ بهذا التحرير إذ سلمها أحد احفاده للفرنجة الغزاة الا أنه لم يلبث أن افتكها وحررها بيبرس البندقداري (غير الظاهر بيبرس) في إمارة الملك الصالح أيوب مع الخوارزميين، ليكمل بعده الأشرف قلاوون تحرير الساحل الفلسطيني من الاحتلال حتى وقوع النكبة عام 1948.
ظلت فلسطين عربية وإسلامية ويشاركنا فيها المسيحيون العرب كأرض وعيش مشترك ثم مواطنة . وفلسطين لنا منذ كان الكنعانيون (الكُنعانيون من قبيلة كنانة العربية) واليبوسيون العرب والفلستيون (الفلسطينيون) العرب (عبدة الإله العربي فلس في اليمن) ومنذ الازل، (أنظر الربيعي وديب والدبش..).
 وهي لنا منذ قدمت اليها هجرات العرب اللاحقة عام 200-300 قبل الميلاد بعد انهيار إمارات/مخاليف قبيلة بني اسرائيل (العربية اليمنية في اليمن( إمارة/مخلاف يهودا وإمارة اسرائيل العربيتين في اليمن، وإثر المجاعات والحروب بين القبائل والدول والسبي وخلافه هناك.
 لم تشهد بلادنا مطلقا -كما يقول علماء الآثار اليوم وكبار المفكرين والبحاثة والمنصفين من عرب وعجم متخصصين في الفنومولوجيا والأركيولوجيا والتاريخ والعلوم الاخرى...الخ- لم تشهد أي وجود لثقل ما أو هيمنة تحت أي شكل من الأشكال لقبيلة بني إسرائيل العربية ضعيفة العدّة والعدد في ظل عشرات القبائل الأخرى في فلسطين (عموما لا علاقة البتة بين بني اسرائيل القبيلة العربية اليمنية المنقرضة عن مسرح التاريخ وسكان فلسطين اليوم ممن ينتسبون للديانة اليهودية، وهم في غالبهم من يهود روسيا واكرانيا وجورجيا بين البحرين الأسود وقزوين ثم لاحقا شرق وغرب اوروبا - أنظر شلومو ساند وآرثر كوستلر اليهوديين المنصفين) ، وما تواتر الغزوات على فلسطين من فرس ويونان ورومان، وحديثا الانجليز والكيان الصهيوني الا مقدمة لإعادة افتكاكها بيد العرب أصحاب الأرض.