شكرا لك يا قدس ياعصية الارادة، يا بهية الحضور، يا مبدعة القيامة، يا حلقة الوصل التي تكاد تكون وحيدة بين الامة وعقيدتها وبين الامة وميراثها، وها انت يا قدس في كل وقت وحين تتألمين فيسقط الحق على المداخل، وتغضبين ومن وهج غضبك، ومن شرر هبتك، ومن سخاء عطائك، ومن عبقرية اجيالك يعود الامل لأمة باكملها، وتصبح على يقين بانه ما دامت القدس واقفة بشموخ مثل علامة الله فان الامل موجود، وان الطريق مفتوح على المدى الواسع، وان فلسطين هى اول الكلام واخر الكلام.
هبة القدس، هبة الاجيال المقدسية، هبة الجرح حين ينزف بشموخ، وهبة القهر حين يتجاوز المدى، وهبة الوطنية الفلسطينية في عمقها الصافي النبيل، تسقط بديهيات نتنياهو وفرضياته الوهمية، فقد اعتقد بنيامين نتنياهو الزعيم الاوحد في "واحة الديمقراطية" الاسرائيلية، الذي لا يضاهيه احد في اسرائيل، ولا يواجهه احد، ولا يقف الى جانبه احد، وفي ظل الغياب العربي والاسلامي، وفي ظل الخلاف الحاد في قيادة النظام الدولي، يتوهم انه يستطيع ان يفعل أي شيء وكل شيء ولا يعترض عليه احد، يدير ظهره للاتفاقات، ويأمر القناصين من جنود الجيش الاسرائيلي ان يعتلوا السطوح ليتصيدوا شباب القدس، ويأمر الجيش ان يواجه بالرصاص الحي رماة الحجارة، ويستدعي جنود الاحتياط ليواجهوا حملة السكاكين الصغيرة، ويقدموا الرشوة للمستوطنين سارقي الارض بان افعلوا ما يحلو لكم بأرض الفلسطينيين ودمائهم مقابل ان أكون ملك اسرائيل!
وحين جاءت اجيال القدس لتقول لا اسقط في وجه نتنياهو اصبح يصرخ بالاتهامات المجنونة ضد القيادة الشرعية الفلسطينية، بل ان نتنياهو في غمرة اضطرابه وجنونه، اسقط أحد أهم الاعمدة التي قامت عليها الرواية المؤسسة لاسرائيل فاعطى البراءة لهتلر ووجه الاتهام للزعيم الفلسطيني الشهير في النصف الاول من القرن الماضي الحاج امين الحسيني، فما الذي ستقوله يا نتنياهو في الجولة المقبلة؟ 
اختلط الأمر على نتنياهو. أعتقد أن انشغال الأمة وغيابها يعني غياب القدس، وإذا في القدس تقلب الطاولة، وحضور القدس يعني حضور فلسطين، وحضور فلسطين يعني حضور الأمة العربية من جديد.. لك الله يا قدس، فحين تقومين يبدأ زمن جديد اسمه زمن القيامة الشاملة. -