لا أظن ان مسألة الاستفزازات في المسجد ستنتهي بتركيب كاميرات من قبل الاحتلال، لأن الاحتلال هو الذي يرتكب ممارسات هناك وليس غيره والآن يطيب له ان يفعل ما يشاء طالما  انه الخصم والحكم، فما يحدث لن ينتهي طالما ان الأسباب التي ادت الى الهبة المقدسية ما زالت قائمة. فالمقدسيون إنما ثاروا لسلسلة من الممارسات والاجراءات الاحتلالية طالت حياتهم وعقاراتهم وارضهم واطفالهم وسدت امامهم افق الحياة الكريمة في مدينتهم بما فيها الحياة الروحية حيث نغص المستوطنون والجماعات المتطرفة حتى الصلاة في المسجد الاقصى. فالمحصلة النهائية الآن ان حكومة اليمين احكمت قبضتها على المسجد وافرغته من مصاطب الدرس والمعتكفين فيه وامسكت بأبواب المسجد والبلدة القديمة وسنت قوانين عقابية قاسية حتى على الاطفال واعتقلت المئات وما زال القتل جاريا في المدينة لمجرد الاشتباه كما هو في كل مكان آخر.

بعكس كل التوقعات لن تعود الامور الى سابق عهدها لأن الاسباب ما زالت قائمة بل وتتفاقم من جراء الاجراءات القمعية الاحتلالية، فمن تمرد بالامس سيواصل تمرده لأن الاحتلال يدفعه بقوة الى الحائط ولا يترك له بديلا، فالمسألة ليست في المسجد فقط بل في القدس كلها ارضا ومقدسات وشعبا يرى الارض تسحب من تحت قدميه وبيته يهدم او يصادر ومقدساته تقتحم. وقد قلنا ان اثارة الحقد لدرجة القتل المتبادل بين الشعبين هي ايديولوجية سنها شارون منذ البدء لإقحام الشعبين في دوامة العنف وسفك الدماء لتبديد اي فرص للقاء والحوار حيث عمد الى تنفيذ مجازر صغيرة ضد المدنيين في مطلع الانتفاضة وانتظر ردودا مماثلة ضد المدنيين ليقول ان السلام غير ممكن والتفاهم بين الشعبين مستحيل، وهذا ما تفعله حكومة اليمين الحالية لأنها لا تريد لا مفاوضات ولا تسوية بل فرض الامر الواقع فرضا وكأنها ترحل القنابل الموقوتة الى الامام. من يريد عودة الهدوء يعالج الاسباب ولا يجتزئها على مزاجه. اعادة الوضع الى ما كان عليه قبل عقدين والغاء القوانين القمعية ووقف سياسة الاستيطان والتطهير العرقي هي البداية وبدون ذلك سيظل الجمر يتوهج تحت الرماد.