وجه بنيامين نتنياهو أمس الثلاثاء  خطابا للكونغرس الصهيوني مشحون بكل الوان التزوير والتضليل والتحريض على ابناء الشعب العربي الفلسطيني والرئيس ابو مازن، الذي ربط بينه وبين "داعش" و"النصرة"، وحاول ان يوحي للعالم وكأن السكاكين "سلاح نووي" بيد الشباب الفلسطيني، ولم يشر من قريب اوبعيد لجذر الارهاب، الذي هو الاحتلال الاسرائيلي، والاخطر مما تقدم، انه قام بإحراق تاريخ المحرقة النازية، وبرىء اودلف هتلر، الزعيم الالماني  من دم ملايين اليهود، و"حمل المسؤولية" عنها للحاج امين الحسيني، حسب منطق الفاشي الجديد، نتنياهو، الذي "حرض"  هتلر على المحرقة!!؟؟
نتنياهو فقد الوعي، وبات يتخبط، ودخل دوامة من الارق، افقدته القدرة على الربط بين منظومته الايديولوجية وحرق التاريخ. لان الهاجس الاساسي، الذي يقض مضاجعه، هو كيف يحرض على الشعب الفلسطيني ورئيسه، ويحمي رأسه من مقصلة السقوط، ليحافظ على كرسي الحكم.
لكنه كلما ابحر أكثر في فبركاته ومركباته المتناقضة مع الايديولوجيا الصهيونية، والرواية اليهودية التاريخية، كلما غرق أكثر فاكثر في متاهتة وافلاسه السياسي. حتى ان اليهود على مواقع التواصل الاجتماعي جن جنونهم مما جاء في خطاب رئيس وزرائهم. السقطة الاخيرة لزعيم الليكود، بالتأكيد ستكون السقطة القاضية لتاريخه السياسي. لان ما ذكره لا يتوافق باي حال من الاحوال مع ما دونه التاريخ العالمي، ولا المؤرخين الصهاينة.
الجميع يعلم، ان الشعب العربي الفلسطيني وقياداته التاريخية منذ الحاج امين الحسيني ومن سبقوه ومن جاؤوا بعده، كانوا جميعا ضحية تلك المحرقة، التي ألقى بنتائجها الغرب الاستعماري البريطاني والفرنسي والالماني والاميركي على كاهله، لانهم مهدوا لها بوعد بلفور البريطاني المشؤوم، ثم عبر حملات الهجرات اليهودية لفلسطين التاريخية، وقدموا لهم  (لليهود الصهاينة) كل التسهيلات السياسية والقانونية والاقتصادية والعسكرية لاقامة الدولة الاسرائيلية على انقاض نكبة الشعب الفلسطيني في ايار عام 1948. ولو كان لدى نتنياهو المريض والمصاب بالزهايمر السياسي والفكري حدا ادنى من الذكاء السياسي، رغم انه تربع على عرش الحكومة الاسرائيلية لاربع دورات، لما فكر، مجرد التفكير بالربط بين النازية والمحرقة واي فلسطيني، ولاعتذر للفلسطينيين جميعا، لانهم ضحايا الاستعمار الغربي القديم والجديد والحركة الصهيونية. لكن الحراك الشعبي، هدم المعبد على رأسه، وافشل كل مخططاته في القدس وفي عموم اراضي دولة فلسطين المحتلة عام 1967، فلم يعد قادرا على التركيز، فخر صريعا يتخبط في ملهاته غير الايديولوجية، لان ما جاء على لسانه، لا علاقة له بالايديولوجية والنظرية الصهيونية لا من قريب او بعيد، والمستقبل القريب بالضرورة سيحمل لطمة قوية لزعيم الليكود المختل والفاشي، لانه قرين هتلر وامثاله.
وتحريضه على الرئيس محمود عباس، كما باء بالفشل سابقا، فانه سيبوء مجددا بالفشل، لان قادة العالم اجمع بما في ذلك داخل إسرائيل، يعلمون أن ايو مازن، لم يحد قيد انمله عن خيار السلام والتسوية. ولكنه كزعيم ورئيس للشعب الفلسطيني، لا يمكن ان يكون إلآ مع شعبه ومصالحه الوطنية. ويخطىء نتنياهو وكل أضرابه، إن إعتقدوا، ان الرئيس عباس، يمكنه ان يغمض عينيه عن دوره ومصالح شعبه. والاصرار الفلسطيني على التمسك بخيار السلام، لا يعني انه سيسقط خيار المقاومة الشعبية، بل سيتمسك بها اكثر فاكثر لحماية مصالحه العليا، ولن يسمح لنتنياهو ولا لائتلافه الحاكم التمادي اكثر في ارهابهم المنظم، ولن يسمحوا للاحتلال ان ينعم بالهدوء، بل عليه ان يدفع الثمن غاليا، حتى يدرك قادة إسرائيل والعالم، انه آن الاوان لازالة الاحتلال الاسرائيلي واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران 1967، وضمان حق العودة للاجئين على اساس القرار الدولي 194.