في خضم التصعيد الاسرائيلي ضد ابناء الشعب الفلسطيني، ووضع بنيامين نتنياهو، ظهره للحائط، ورفض اية افكار اميركية او اوروبية او اممية، يمكنها تجسير الهوة نسبيا بين حكومته والقيادة الفلسطينية، ومواصلة التخندق في خنادق الاستيطان الاستعماري، والبطش والتنكيل والاعتقال للمواطنين الفلسطينيين الابرياء، فإنه يعكس افلاسه السياسي، حيث لم يعد يرى سوى الاستجابة لضغوط اركان إئتلافه الحاكم من اقطاب اليمين المتطرف، دون ان يملك رؤية سياسية واضحة لما يريده، سوى شيء واحد وحيد فقط، هو البقاء على رأس سدة الحكم. لكنه ينسى، ان سلوكه النرجسي، سلاح ذو حدين قد يرتد عليه، ويضعه في مرمى نيران الشارع الاسرائيلي، وبالتالي يسقط في متاهة الضياع وانفلات سلاح الارهاب المنظم من عقاله، ما يعرض مصالحه الشخصية ومصالح حكومته المتطرفة للانهيار. 
فما هي الخيارات الواقعية أمام نتنياهو وحكومته؟ هل يستطيع مواصلة الارهاب المنظم ضد الفلسطينيين إلى ما لا نهاية؟ وما إنعكاس ذلك على الشعب الفلسطيني وقيادته الشرعية؟ وهل العالم قادر على غض النظر عن التطورات الجارية دون التدخل المباشر لوقف دولة إسرائيل الخارجة على القانون؟ وما أثر ذلك على الرأي العام العالمي؟ ألا تعمق جرائم الحرب الاسرائيلية من عزلة دولة التطهير العرقي الاسرائيلية؟ وهل يمكنه بهكذا سياسة المحافظة على علاقاته السياسية والدبلوماسية والامنية مع الدول العربية والاسلامية؟ والم تثبت التطورات الجارية على الارض في القدس وداخل دولة إسرائيل فشل سياسة الجيتو والجدران؟.
المراقب الموضوعي للوضع الاسرائيلي، يشير الى الآتي: اولا هناك إنخفاض حاد في شعبية نتنياهو في اوساط اليمين واليسار والوسط؛ ثانيا فقدان الامن والامان داخل البيت الاسرائيلي نفسه؛ ثالثا سقوط مريع لهيبة المؤسسة الامنية الاسرائيلية وتقديراتها للوضع؛ رابعا إضمحلال مكانة الجيش الاسرائيلي، بعد انتشار صور ضباطه وجنوده، وهم يلقون بسلاحهم او الهروب المهين امام ابطال الحراك الشعبي السلمي الفلسطيني؛ خامسا تقسيم القدس رغما عن الحكومة وبارادتها عبر الجدران والمكعبات الاسمنتية؛ سادسا إنكشاف ظهر رئيس الحكومة امام الشارع الاسرائيلي، وارتفاع الاصوات المنادية بإسقاطه، حيث اظهرت استطلاعات الرأي تقدم كل من ليبرمان وبينت على حسابه؛ سابعا يبدو ان تقديرات رئيس "إسرائيل بيتنا" اقرب للواقع، حيث تشير المعطيات إلى ذهاب إسرائيل نحو الانتخابات المبكرة؛ ثامنا اتساع دائرة العزلة الدولية لاسرائيل؛ تاسعا دفع دول العالم للتدخل لفرض رؤية سياسية تفتح الافق نحو إطلاق العملية السياسية؛ عاشرا وقد تملي على العالم فرض المزيد من العقوبات ليس على المستعمرات ومنتجاتها فقط، بل على دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية. 
كل الخيارات مفتوحة، لأن حكومة نتنياهو، غارقة في مستنقع التطرف والاحتلال ومواصلة التهويد والمصادرة للاراضي وقتل الاطفال والنساء والشيوخ، ما سيضاعف من الحراك الشعبي السلمي الفلسطيني، لتعميق تعرية حكومة اليمين المتطرف اكثر فأكثر، وتجريد حلفائها الدوليين من كل ذرائعهم الوهمية في الدفاع او التغطية على جرائمها، واحراج الدول العربية والاسلامية المرتبطة معها بعلاقات دبلوماسية وتجارية وامنية، وإرغامها على اللجوء لخيارات، لن تكون في مصلحة إسرائيل ولا اي من قياداتها. 
المستقبل المنظور لا يبشر حكومة نتنياهو بالخير. والآفاق المفتوحة تشير إلى مصير أسود، يلقي بزعيم الليكود في زوايا بيته وخارج الحياة السياسية الاسرائيلية لزمن طويل، ان لم ينته به المآل إلى ما انتهى اليه بيغن او شارون.  -