دعت اللجنة الوطنية العليا لحق العودة ودائرة شؤون اللاجئين يوم الخميس الماضي لندوة سياسية حول أزمة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الدولية وسبل مواجهتها وطنيا. الحضور السياسي والمشاركة كان مقبولا كون الندوة ذات طبيعة حوارية استشرافية، وليست ندوة جماهيرية.

ومما لا شك فيه، ان الندوة سلطت الضوء على العديد من النقاط والمفاصل المهمة، إن كان في باب التشخيص أو آليات المواجهة، غير ان السمة العامة للغة السياسية المستخدمة من قبل المتحدثين، اتسمت بالخطابة والتكرار، لا سيما ان بعض المشاركين، لا يقبلون الوجود في الندوة او اية فعالية دون الادلاء بما لديهم من شعارات جاهزة، او مواقف مكررة. وقام شخص، اصدر دراسة حول موضوع الورشة، فشاء أن يعيدها على أذهان الحضور دون ضوابط، فجاءت مداخلته متناقضة مع ما رغب في تحقيقه، ودعا مشارك آخر لتشكيل لجنة وطنية لمتابعة برنامج العمل، مع ان الجهة الداعية للاجتماع، هي لجنة وطنية ودائرة شؤون اللاجئين التابعة لمنظمة التحرير، والمؤسستان ذاتا اختصاص في موضوع البحث، وجامعة للكل الوطني، وبالتالي لم يكن داع لتشكيل لجان إضافية.

بالتأكيد سبب الخلط بين لغة الندوة والمهرجان الخطابي، يعود لضعف الوعي العام في الفرق بينهما، وللنزعة الخاطئة المتأصلة في اوساط ممثلي القوى السياسية او الاتحادات والمؤسسات الرسمية او الأهلية، وهي الاصرار على ادلاء كل ممثل لجهة ما بدلوه، وإلا لا يعتبر حضوره اسهاما ومشاركة في الفعالية، مع ان من سبقوه للحديث، دونوا فكرته، مع ذلك يأبى أن يصمت، ويُّصر على الكلام بغض النظر عن طريقة المخاطبة للآخر. 

لغة الندوة السياسية، أيا كان عنوانها، تختلف اختلافا كليا عن لغة المهرجان الجماهيري، الذي يحتاج المتحدث فيه إلى شَّد الجمهور، واللجوء للمزاوجة بين الرسالة المطلوب إيصالها والعاطفة. حيث يفترض ان تكرّس العاطفة والحماسة الخطاب. لكن الندوة، تحتاج الى التركيز العالي، والاعتماد على الحوار الهادئ، وتكثيف الفكرة او الاقتراحات المطروحة، وعدم التكرار وخلط الحابل والنابل، واحترام الزمن المقرر للمتحدث، والأخذ بعين الاعتبار الزمن العام للندوة، ودور اقرانه بالادلاء بدلوهم وارتباطاتهم والتزاماتهم العملية.

مطلق ندوة، وبغض النظر عن عنوانها سياسي أم اقتصادي او ثقافي ام اجتماعي، تتسم اللغة المستخدمة فيها للحوار مع الآخر بمخاطبة العقل لا العاطفة، وتنحو إلى الأسلوب العلمي، المتسلح بالحجج والبراهين او المعتمد على وضع الرؤية او وجهة النظر في نقاط متسلسلة دون الاطالة، وبالابتعاد عن الاطناب والانشاء والشعارات الجاهزة، والحرص على إيصال الرسالة بأقل الكلمات والوقت، حتى المتحدث او المتحدثون الرئيسون في هذه الندوة او تلك، عليهم التقيد بما ورد اعلاه وبما منحوا من الوقت.

ابرز النقاط، التي كانت محل توافق في الندوة: اولا التركيز على حق العودة في كل المناسبات كأولوية، والتخلي عن سياسة التبسيط مع المفاوض الاسرائيلي او الاميركي؛ ثانيا الربط بين إنشاء وكالة غوث وتشغيل اللاجئين وتحقيق حق العودة وإقامة دولة إسرائيل الكولونيالية؛ ثالثا إماطة اللثام عن المؤامرة  التي تنفذها إسرائيل واميركا وكندا وكل من يتواطأ معهم لتصفية الوكالة وخدماتها؛ رابعا التأكيد على إلزام العالم ومنظمة الأمم المتحدة بتحمل مسؤولياتها كاملة تجاه اللاجئين الفلسطينيين لحين عودتهم، وعدم حصر الكفاح بالعجز المالي الحالي المفتعل؛ خامسا عدم حصر الكفاح الشعبي الفلسطيني في نطاق المخيمات، بل تعميم الفعاليات في المدن والقرى والمخيمات وكل التجمعات الفلسطينية في الوطن والشتات، لأن الكل الفلسطيني بما في ذلك المقيم في مدينته، هو لاجئ مع وقف التنفيذ في نظر دولة التطهير العرقي الاسرائيلية؛ سادسا توحيد الجهود مع اتحاد الموظفين في الوكالة.