نعم، يشعر الكثيرون من اصدقائنا بالتعب أو الملل أو اليأس ، وربما بالكآبة بأنواعها ومنها (بالكآبة الوطنية) كما اسماها د. سفيان أبو زيادة ، نتيجة عوامل كثيرة لكنها في الشق الوطني تبرز من خلال انسداد الآفاق في الملفات المطروحة أمام الكل الوطني (لا أدري أيصح اليوم مصطلح الكل الوطني أم لا ؟ أم أنه قد سقط؟).

 هل نرى انفراجا في معزوفة المصالحة الوطنية؟ أم نرى انفراجا في فك الحصار عن شعبنا في قطاع غزة؟ أم نرى وقفا لاعتداءات عصابات المستوطنين الإرهابية والاستمرار في قضم الأرض؟ أم نرى تغييرا في  ذواتنا وهو الأولى أي في عقول من يتسلطون على مقدرات قطاع غزة ، أم هل ترانا نرى تغييرا في حالة الخلخلة والتفكيك التي تصيب جسد المقاومة الفلسطينية سواء في الضفة أم غزة ؟ .

  ما زالت الاعتقالات والاستدعاءات في قطاع غزة بلا توقف ، كما تستمر الاعتقالات في الضفة وفي الحالتين تجد أعذارا مقبولة أو مرفوضة، إلا عذر أن يتحكم فيصل بعينه في شعب بعيدا عن الحكومة التي يعترف بها الجميع ؟ وكأن ذلك أصبح حقا تم افتكاكه بالسيف؟

هل استطعنا ان نستثمر انتصاراتنا في قبول الأمم المتحدة لفلسطين كدولة غير عضو ؟ أم ترانا استطعنا أن نستثمر انتصاراتنا في المقاومة الشعبية الباسلة التي تقودها حركة فتح في الضفة الغربية ؟ ولماذا لا نرى استثمارا لصمود وانتصار وصلابة قطاع غزة والمقاومين من حماس والجهاد وفتح والشعبية والديمقراطية استثمارا يعبر عن الكل الفلسطيني، وليس عن تضخم الذات لفئة أو فصيل ضد آخر ؟

 هل استطعنا أن نخترق الجُدُر التي تفصل بيننا وبين العرب في ظل الخريطة الجديدة المهلهلة المفككة؟ فنفعل جبهة صمود عربية في وجه التمدد الصهيوني في جسد الأمة، وهو التمدد السرطاني الذي يشابه تمدد فكر ومساحة التطرف والإرهاب؟

  أم هل استطعنا استثمار عدد من الانجازات العلمية الفلسطينية والرياضية والإعلامية والأدبية والثقافية لكثير من المفكرين والعلماء والأدباء ؟

  هل استثمرنا بما يكفي في الطلبة والشباب عماد المستقبل وبؤرة التغيير، والحجر الذي سيحرك الساكن عاجلا أم أجلا؟ أم تغيرت عقليتنا في التعامل مع المرأة دون تهم التبعية والنقصان والضعف وبالتالي هل غيرنا في طرق تفكيرنا؟

الأسئلة بالتأكيد كثيرة ، ومجرد الشعور بالتعب أو الملل أو القرف لا يجب أن يؤدي مطلقا إلى اليأس ، ولا يجب أن يؤدي قطعا (للكآبة الوطنية) لأن الأمل وبصيص الضوء والفجر لا يطلع إلا بعد الليل الحالك.

  اننا نعيش حالة تراكم فوضى ومتاهة داخلية وإقليمية، وفوضى فكرية ونكوص ديمقراطي وتخلف فكري وانعدام ثقافة ، وأقصد بأننا الكثير ممن يرون بأنفسهم الطليعة أو القيادة أو الناشطين ، ونحن هنا لسنا في مجال الأسف أو الحزن كما لسنا من دعاة الاحباط والتكدر والكآبة، كما لا يعني القدرة على تشخيص الحال السيئ أن المعنى هو القبول به بل الاعتراف والإقرار بوجوده أولا، ثم محاولة تحليله وفهمه وحسن إدراكه لأنه بدون هذا التشخيص لا حل.

 إن مشكلتنا سواء الفلسطينية في حركة فتح أو حماس أو الشعبية أو غيرها تكمن في طرائق التفكير وأساليب الادارة وتحديد الأولويات والإرادة الوطنية الجامعة و فوق كل ذلك في قبول الآخر على علاته، دون التحصن برداء الوطنية الحصري، أو التحصن برداء الدين الحصري.

 إن القدرة على الاستثمار تأتي من معرفة حقيقة المشكلة أو الخلل ، وتأتي من امتلاك القدرة وشحذ الارادة للحل ولا تأتي من الاستسلام للواقع، ومن هنا يظهر التحدي للواقع المعاش، وإلا لما كانت الثورة والانتفاضة والمقاومة، ولما فرضت الثورة فلسطين على خريطة العالم، وفي الاتجاه الأخر لما كانت الاختراعات والاكتشافات والبدائع.

 اننا  تحتاج لثورة في كافة الاتجاهات ودعوني أركز على ثورة العقل بتغيير المنهج لدينا الذي أراه واجبا سواء في طريقة التعامل مع ذاتنا أو قضيتنا أو مع الآخر.