بدعوة من لجنة فلسطين، لدى مجلس النواب الأردني، وبالتعاون مع مؤسسات أكاديمية ومتخصصة، وتحت رعاية العاهل الأردني الملك عبد الله، وبرئاسة الأمير غازي بن محمد، مستشار الملك، عقد في الفترة الواقعة بين 28 إلى 30 نيسان 2014، المؤتمر الدولي الأول "الطريق إلى القدس" في عمان، بحضور حشد كبير من شخصيات برلمانية أردنية وفلسطينية وعربية، وأكاديميين وذوات دينية بارزة من المسلمين والمسيحيين، وفعاليات ذات حضور سياسي ومعنوي مميز.
فكرة المؤتمر، تعكس التفاهم، والإحساس بالمسؤولية نحو القدس من قبل الأردنيين والفلسطينيين، وعلى أرضية الاتفاق الذي وقعه الملك عبد الله مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في 31 آذار 2013، وانعكاساً للتعاون والاجتماع المشترك بين اللجنة السياسية في المجلس الوطني الفلسطيني، ولجنة فلسطين النيابية الأردنية، لذلك تم تشكيل لجنة عليا للمؤتمر، برئاسة الأمير غازي وضمت في عضويتها رئيس مجلس النواب الأردني عاطف الطراونة، ورئيس لجنة فلسطين النائب يحيى السعود، ورئيس المجلس الوطني الفلسطيني سليم الزعنون ونائبه الأب قسطنطين قرمش إضافة إلى عضوي المجلس الوطني نجيب القدومي وحمادة فراعنة، وعدد من الشخصيات السياسية والبرلمانية، ما يؤكد الحرص على تحمل تبعات المواجهة السياسية والدينية لحماية القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، والعمل كي تبقى مدينة القدس عربية فلسطينية إسلامية مسيحية، والعمل على حمايتها من التهويد والأسرلة.
قد لا يكون "الطريق إلى القدس" أول المؤتمرات، وقد لا يكون آخرها، ولكنه تميز من خلال نوعية المشاركين في اجتماعاته التي استمرت ثلاثة أيام، والتوصيات التي خرج بها، وتشكيل لجنة متابعة للعمل على تنفيذ توصياته ما يعكس الإحساس بالقلق والمسؤولية، والرغبة في المساهمة لتحقيق أقصى درجات الاهتمام لدعم وإسناد أهالي القدس وصمودهم، فالقدس صحيح أنها مقدسة، وصحيح أن لديها تراثاً إسلامياً ومسيحياً، ولكن قيمتها الحقيقية، تكمن في الإنسان القائم فيها وعليها، وهو مصدر مكانتها ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، ولذلك تسعى سلطات المشروع الاستعماري التوسعي العنصري الإسرائيلي على تغيير معالمها وسكانها، بطرد أهلها وترحيلهم وإسكان المستعمرين الأجانب مكانهم.
المشاركة الفلسطينية تمثلت بالمكونات الثلاثة: أولاً من أهالي القدس أنفسهم وهم حماتها والمرابطون فيها من قادة سياسيين ورجال دين مسلمين ورؤساء الطوائف المسيحية الأربع الكاثوليك والأرثوذكس والإنجيليين والسريان الأرمن، وثانياً من قادة مناطق 48 نواب الكنيست ولجنة المتابعة العليا للوسط العربي الفلسطيني، وثالثاً من أبناء الشتات والمنافي إضافة إلى قيادات في منظمة التحرير وسلطتها الوطنية مثل عزام الأحمد ومحمود الهباش وعدنان الحسيني وأحمد الرويضي وغيرهم، أما رجال الدين العرب فهم من الأبرز بدءاً من نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور علي محيي الدين القره داغي، والداعية عمرو خالد، والشيخ علي جمعة مفتي مصر، والشيخ أحمد الكبيسي العراقي، ونهاد عوض الأميركي، والشيخ محمد العريفي السعودي، والشيخ محمد حسين مفتي القدس وفلسطين، والشيخ عكرمة صبري أيضاً، وعدد كبير من علماء الشريعة الأردنيين، ووزراء الأوقاف في الأردن وفلسطين ومصر واليمن.
حصيلة المؤتمر، الذي توقف أمام مخاطر فتوى عدم زيارة القدس، وتركها فريسة للتهويد والأسرلة، وعدم قدرة الطرفين اللذين يؤمانها وهما 1- أهالي القدس فقط دون أهل الضفة الفلسطينية وأهالي قطاع غزة الممنوعين من زيارتها، و2- أهالي مناطق 48 أبناء الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل الفلسطيني المختلطة، وكلاهما لا يستطيع وحده إبقاء القدس عامرة بالحياة، ويحتاجان للإسناد والدعم الشعبي الإسلامي والمسيحي من شعوب العالم، ولذلك أصدر العلماء فتوى مشروطة، تجيز زيارة القدس، وهي أول فتوى فقهية ذات مرجعية متفق عليها، تشكل غطاء لمن يرغب في زيارة مدينة القدس، حتى ولو كانت غير مستقلة، وترزح تحت نير الاحتلال وإجراءاته وسياساته التهويدية ومحاولات أسرلتها.
فقد حدد المؤتمر أهدافاً يسعى لتحقيقها تمثلت بالمحاور التالية:
1- إظهار الأهمية الدينية للمسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية ومواجهة صناعة الرواية التهويدية للقدس.
2- سبل استنهاض العالمين العربي والإسلامي والمجتمع الدولي لنصرة القدس والإسراع بإيصال الدعم للأقصى والمقدسيين.
3- الدفاع عن المسجد الأقصى فرض عين على كل مسلم والدعوة لاستثناء زيارة المسجد الأقصى والغوث الإنساني للفلسطينيين من فتوى تحريم التطبيع مع المحتل.
4 - العهدة العمرية – معاناة المقدسات المسيحية وخاصة كنيسة القيامة ودعوة المسيحيين في أنحاء العالم لنصرة مقدساتهم والحفاظ عليها.
وخرج بأربع وعشرين توصية كوسائل وآليات عمل لتنفيذ أهدافه، وبفتوى زيارة المسجد الأقصى تحت الاحتلال، جاء نصها:
أولاً: يرى العلماء المشاركون في المؤتمر أنه لا حرج في زيارة المسجد الأقصى المبارك في القدس الشريف للفئات الآتية:
1 - للفلسطينيين أينما كانوا في فلسطين أو خارجها مهما كانت جنسياتهم.
2- للمسلمين من حملة جنسيات بلدان خارج العالم الإسلامي.
ثانياً: وفي جميع الحالات يجب أن تراعى الضوابط الآتية:
1- ألا يترتب على ذلك تطبيع مع الاحتلال يترتب عليه ضرر بالقضية الفلسطينية.
2- أن تحقق الزيارة الدعم والعون للفلسطينيين دون المحتلين ومن هنا نؤكد وجوب كون البيع والشراء والتعامل والمبيت والتنقل لصالح الفلسطينيين والمقدسيين دون غيرهم.
3- أن يدخل الزائر ضمن الأفواج السياحية الفلسطينية أو الأردنية بعيداً عن برامج المحتل.
4 - يفضل أن يكون مسار رحلة الأقصى ضمن رحلات العمرة والحج قدر الإمكان وبشكل جماعي مؤثر يحقق المصلحة الشرعية المعتبرة ويدعم الاقتصاد الفلسطيني والمقدسي تحديداً، وسياسياً بهدف حماية "الأقصى" والمقدسات.