ما دفعني إلى كتابة هذا المقال؛ هو تسليط الضوء على هذه الجرائم، والبحث عن سبل دفاعية وطرق لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة؛ من أجل توفير الحماية للمواطنين والممتلكات الخاصة والعامة التي تطالها هذه الاعتداءات المنظمة من قبل قطعان المستوطنين، ولعلنا نجد أن طرق الحماية في أغلبها تقع على كاهل المواطنين، الذين يجدر بهم أن يعيدوا بعض الوسائل القديمة التي استخدمت في الانتفاضة الأولى مثل: جماعات الحراسة التي كانت تسهر لتأمين الناس في بيوتهم دون أن يلحق بهم أذى، ودون أن تتعرض ممتلكاتهم لأي اعتداء، وحتى يتم ردع ولو جزء بسيط من هذه الجرائم في واقع لا حول للمواطن ولا قوة.
ظاهرة قديمة جديدة لكنها بدأت تتصاعد بشكل كبير في الآونة الأخيرة، وبدأت تتسع دائرتها، وهي عمليات الاعتداءات التي يقوم بها المستوطنون تحت مسمى فاشي «تدفيع الثمن»، وهي تتم عبر جماعات إرهابية متطرفة تسكن تلك البؤر الاستيطانية المنتشرة في كافة الأراضي الفلسطينية وتستهدف كل ماهو فلسطيني من بشر وشجر وحجر، حتى بيوت العبادة من المساجد والكنائس لم تسلم من هذه الاعتداءات الإرهابية التي يتم تنفيذها تحت غطاء مباشر من جيش الاحتلال، الذي يوفر الحماية لتلك الجماعات، بينما المواطن الأعزل لا يجد ما يدفع به خطر هؤلاء المسلحين الذين يهاجمون البيوت في جنح الظلام، ويحرقون المركبات والمحاصيل الزراعية، ويقطعون الأشجار فمن يدافع عن المواطن الأعزل الذي لا يملك حتى حق الحماية في المناطق التي تخضع لسيطرة أمنية لجيش الاحتلال، وفي المناطق التي تعرف بمناطق (ج)، أو تلك التي على احتكاك مباشر والمحاذية لتلك البؤر الاستيطانية والتجمعات التي يسكن بها هؤلاء المستوطنون.
الشعار الذي أطلقه هؤلاء المستوطنون «تدفيع الثمن»؛ يثبت أن هذه الأعمال منظمة، ويتم تنفيذها بشكل مدروس، ووفق خطط تقوم على عقيدة متطرفة منتشرة في كل الأراضي الفلسطينية، فليس الأمر محصوراً في منطقة معينة، خاصة وأن الاعتداءات تتم في معظم الأراضي الفلسطينية، حتى أنها تعدت إلى مناطق أخرى في الداخل الفلسطيني المحتل، وهذا دليل واضح على فاشية تلك الجماعات ومدى عنصريتهم، وأنها تقوم على فكر ممنهج بالحقد والكراهية، وهي خطر حقيقي يستلزم الوقوف أمامه، وهنا يظهر التساؤل دون أن نجد إجابة عليه، من يدافع عن المواطنين العزل؟ ومن يدفع هذا الخطر الحقيقي الذي يتهددهم؟ وكيف هي سبل الدفاع التي علينا اتباعها، في الوقت الذي نجد فيه المستوطنين محملين بالعتاد والسلاح وتحت حماية مباشرة من جيش الاحتلال.