لم تنفك القيادة الاسرائيلية وأدواتها ومنابرها الاعلامية عن إشهار سلاح «اللاسامية» في وجه مطلق إنسان، مسؤولا أو كاتبا او فنانا أو حتى لو كان إنساناً عادياً يحاول الاقتراب من الحقيقة أو يدافع عن حقوقه الوطنية كما هو حال رئيس الشعب العربي الفلسطيني، ابو مازن.
أول أمس اتهم رئيس وزراء إسرائيل القيادتين الفلسطينية والسورية بـ»إفشال» عملية السلام! نتنياهو المخادع والكاذب دون أن ترف جفناه. نطق كعادته الكذبة كما يتنفس، لانه اعتاد لعبة التزوير والافتراء على الحقيقة، ليمرر خياره العدواني الاستيطاني الاستعماري على جسد عملية التسوية السياسية. وليهرب من مواجهة الحقيقة والرأي العام الاسرائيلي والاقليمي والعالمي، لجأ لتحميل القيادات العربية المسؤولية عن « فشل « التسوية. مع انه يعلم علم اليقين ان التسوية اصطدمت بخيار ائتلافه اليميني الصهيوني المتطرف الحاكم. وحتى لو صمتت الولايات المتحدة، وحاولت ان تغطي شمس الحقيقة بغربال ممزق من خلال المساواة بين القيادتين الفلسطينية والاسرائيلية في تحمل المسؤولية عن فشل العملية السياسية، فإنها لن تتمكن وحكومة الارهاب المنظم الاسرائيلية، التي تتحمل وحدها دون سواها المسؤولية كاملة عن انسداد أفق التسوية السياسية. وهذا ما أكدته رئيسة المعارضة الاسرائيلية، تسيبي ليفني أمس الأول عندما أشارت بوضوح إلى مسؤولية نتنياهو عن الفشل.
وللالتفاف على العزلة السياسية، التي تواجهها حكومة اليمين الصهيوني المتطرف، ولقطع الطريق على الانجازات الايجابية التي حققتها التحركات السياسية والديبلوماسية الفلسطينية، المتمثلة بالاعترافات المتتابعة بدولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، كمقدمة للتوجه لمجلس الأمن في الوقت والمناخ السياسي الملائم، قامت بعض المواقع والمنابر الاعلامية الاسرائيلية، مثل موقع « HNN « الاخباري بـ « تحميل « الرئيس محمود عباس المسؤولية عن تعثر عملية التسوية. وأضاف الموقع المذكور قبل أسبوع « ان القيادة الاسرائيلية باتت مدركة لذلك التطور الخطير وانه يقوم (الرئيس عباس) بكل المناورات اللازمة لإحراج إسرائيل، وإظهارها كعقبة في طريق السلام، في جهد لتقويض أركان الدولة اليهودية تماما كما يفعله من وصفهم بـ»اللاساميين»!؟
ولم يكن هذا الموقف الاسرائيلي الاول، الذي يشبه الرئيس ابو مازن بذلك التشبيه الخطير، بل سبقه أكثر من موقف يصب في ذات الاتجاه، وهو ما يشير إلى أن الحملة الاسرائيلية المتصاعدة، إنما تستهدف شخص رئيس الشعب العربي الفلسطيني، ورجل السلام المعروف. حكومة الابرتهايد العنصرية لم تجد أمامها سوى تشبيه رئيس منظمة التحرير الفلسطينية بـ»اللاسامية» كمقدمة لارتكاب عمل إجرامي بحقه لاحقا. بعد ان فشلت في إيجاد ذريعة او سبب للهجوم على الرئيس عباس، او كما قال المثل الشعبي لم يجدوا في الانسان الجميل أي عيب فقالوا « أحمر الخدين «، وهذا هو حال رئيس السلطة الوطنية مع القيادة الاسرائيلية والمواقع الاعلامية التابعة لها والسائرة في فلكها.
غير ان التلويح به في الآونة الأخيرة في وجه رئيس الشرعية الفلسطينية، وشريك إسرائيل في العملية السياسية والتي كان آخرها أمس الأول عندما اتهم موقع إسرائيلي إخباري شهير الرئيس عباس في تعليق على وفاة شقيقه الأكبر الحاج عطا عباس، رحمة الله عليه، وتحت عنوان كبير « شقيق منكر المحرقة المخرب محمود عباس مات في دمشق «. ليميط اللثام عن النوايا الخبيثة لقادة حكومة بنيامين نتنياهو، التي بات واضحا أنها تستهدف شخص رئيس الشعب الفلسطيني، كما لفقت للرئيس الرمز السابق ياسر عرفات التهم الجزاف.
حملة التحريض الاسرائيلية السوداء ضد شخص الرئيس ابو مازن، واستهدافه تفرض على القوى والاقطاب الدولية التدخل المباشر مع حكومة نتنياهو وإلزامها بالكف عن التحريض المشبوه، الذي يشكل مدخلاً لعمل إجرامي ضد الرئيس ابو مازن. إسرائيل تستطيع ان تقتل من تشاء من الفلسطينيين، ولكنها لن تستطيع أن تملي سياستها الاستعمارية والمعادية لعملية السلام على الفلسطينيين. كما لن تجد فلسطينيا يتوافق مع خيارهم العدواني والعبثي المعادي للسلام. ولن تجد بالضرورة شخصا كما محمود عباس في تبني خيار السلام الممكن والقادر على تحقيق أحلام شعوب المنطقة وخاصة الشعبين الفلسطيني والاسرائيلي المستند إلى خيار حل الدولتين للشعبين على حدود الرابع من حزيران 1967.