كرم الرئيس محمود عباس في الرابع من الشهر الحالي الصحفيةالاميركية هلين توماس بمنحها وسام الشرف، قلدته اياه الدكتورة حنان عشراوي، عضو اللجنةالتنفيذية لمنظمة التحرير، تقديرا لموقفها الشجاع في دعم قضية الشعب الفلسطيني، وخروجهاعن حالة الخوف والخشية، التي تتلبس صناع القرار في الولايات المتحدة من اللوبي اليهوديالصهيوني «الايباك»، عندما طالبت في حزيران / يونيو 2011 بـ «خروج اليهود من فلسطينوالعودة الى بلدانهم التي وفدوا منها مستعمرين للارض الفلسطينية». الصحفية الاميركيةتوماس، المشهورة بلقب «بوذا الجالس» و«ظل الرؤساء الاميركيين»، كونها رافقت الرؤساءالاميركيين من جون إف كنيدي حتى اوباما، المشهود لها بباعها الطويل في عالم الصحافةالاميركية، لم تكن ساذجة او غير مدركة ما قالته عن الاستعمار الكولونيالي الصهيونيلفلسطين، والذي عادت وأكدته في مقابلة مع مجلة (بلاي بوي في ديسمبر / كانون اول الماضيوبطريق أوضح وأعمق، واضافت له القول، « إن اليهود يسيطرون على البيت الابيض وعلى الكونغرس،وان الجميع في الادارة الاميركية تحت تأثير اللوبي اليهودي». واضافت ردا على سؤال حولوجود مؤامرة يهودية صهيونية على اميركا، فقالت « ان هناك مؤامرة يهودية في الولاياتالمتحدة «ليست سرية بل علنية جدا» واضافت أن اليهود لديهم «نفوذ على البيت الابيض ونفوذعلى الكونغرس».هذه المرأة التسعينية لم تعد تخشى شيئا، ولا تهاب الصهاينة والمتصهينينمن اعضاء اليمين المتطرف في الحزب الجمهوري او الديمقراطي في الكونغرس، حتى امست رمزاًللشجاعة والجرأة بقول الحقيقة، لانها من خلال متابعتها لسياسات إسرائيل على مدار العقودالطويلة التي عملت فيها بميدان الصحافة كمراسلة وكاتبة عامود في الصحافة الاميركية،وكونها على تماس مع الرؤساء الاميركيين واداراتهم المختلفة ادركت الحقيقة منذ زمن بعيد،ولم تعد تحتمل الصمت على الظلم الذي لحق بالفلسطينيين، وما زال يلحق بهم رغم التزامهمالواضح والصريح باتفاقيات السلام على ما بها من نواقص، وتنفيذهم كل الالتزامات المترتبةعليهم لدفع خيار حل الدولتين للشعبين على حدود الرابع من حزيران عام1967، فنطقت بمايمليه عليها ضميرها الحي، ولم تكفر او تتجن على الحقيقة. هذه المرأة الاميركية استحقتعرفانا فلسطينيا، ما حدا برئيس الشعب الفلسطيني لمنحها وسام الشرف. وهذا اقل تقديرلها من القيادة السياسية الفلسطينية. غير ان الغضب عم قادة حكومة نتنياهو، وبعض المتطرفينمن اعضاء الكونغرس امثال ستيف شابوت، رئيس لجنة شؤون الشرق الاوسط وجنوب آسيا، وآليوتإنجل، عضو لجنة العلاقات الخارجية، وكلاهما من الحزب الجمهوري، اللذين ارسلا رسالةللرئيس ابو مازن يهددان ويتوعدان فيها الرئيس والسلطة والتشكيك في مصداقية التوجه نحوالسلام؟! اما الانتهاكات المتواصلة من قبل حكومة قطعان المستوطنين، ومواصلتها التهويدوالمصادرة للاراضي الفلسطينية والبناء عليها، وتهديدها خيار حل الدولتين للشعبين علىحدود 67، لا يثير السؤال عند اولئك المتصهينيين؟ لا بل تجد حكومة اقصى اليمين الدعموالتأييد من امثال شابوت وإنجل وغيرهم من اعضاء الكونغرس، الذين يقفون كتلاميذ للتصفيقلجرائم نتنياهو وأركان حكومته عشرات المرات في شكل معيب وهزلي لا يليق بقادة من المفترضانهم يقررون في سياسة العالم ككل لا الولايات المتحدة فقط. الرد على شابوت وإنجل بسيطوعميق، إن الشعب الفلسطيني مؤهل اكثر منهما ومن قادة الاستعمار الكولونيالي الصهيوني،وليس بحاجة لشهادات من احد وخاصة الذين يدعمون الاستعمار الكولونيالي الصهيوني. ومنحق الرئيس عباس وقيادته، وواجبهم تكريم كل إنسان بغض النظر عن جنسيته، يقف ويعلن موقفاشجاعا في مواجهة سياسة العار الصهيونية ومن يقف خلفها من رعاة البقر الاميركيين قتلةالملايين من الهنود الحمر. فهل يدركون ذلك ويكفون عن الاستهتار بمكانة قيادة الشعبالفلسطيني، والتغابي في قراءة الحكمة السياسية الفلسطينية، التي اعطت السلام، وما زالتتعطيه كل ما لديها من طاقة لبلوغ السلام العادل والممكن من خلال تطبيق خيار حل الدولتينللشعبين على حدود الرابع من حزيران 67.