هل يتجه الاخوان المسلمون نحوقيادة منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح بالذات بعد «قطيعة مقصودة»، فيطلبون الاجتماعبالرئيس أبو مازن، يصغون بانتباه لحديثه عن رؤية القيادة الوطنية الفلسطينية للمشروعالوطني الفلسطيني، ونهجها في معالجة القضية الفلسطينية، ويستفسرونه عن كيفية اسهاممصر الجديدة بقيادتهم في دعم خطوات ابو مازن السياسية؟ فالاخوان كحركة سياسية براغماتيةيغلبون مصلحة الجماعة فوق كل اعتبار، وعليه فانهم لن يفرطوا بفرصة السيطرة على النظامالسياسي بمصر، واعادة «تدويره» بما يتناسب مع مفاهيم الجماعة ومصالحها.

ما يحدث في قطاع غزة ليس تخبطاولا هو مس من «الجن السياسي»، وانما مشروع انقلاب على الاخوان المسلمين بمصر وخالدمشعل رئيس المكتب السياسي لحماس، هو انقلاب رأس الجماعة المسلحة وفرعهم السياسي الناشئفي فلسطين، سيكون الوطنيون الفلسطينيون ضحاياه المصطنعين، فمشايخ حماس بغزة استشعرواما حسبوها خديعة من « جماعة الاخوان» بمصر عندما سبقوهم وقدموا أوراق الاعتماد للادارةالأميركية، لاكتساب مباركة البيت الأبيض كصنّاع وحكام للنظام السياسي الجديد لمصر.

لم يصدق اخوان غزة ( قادة حماس)أن جماعة الاخوان لم تعد هي الجماعة بعدما تربع مشايخ ونواب حزب العدالة التابع للجماعةعلى كراسي مجلس الشعب الا بعد الهجمات العسكرية الاسرائيلية ( الليالي الأربع) التيراح ضحيتها 27 مواطنا فلسطينيا، العسكريون كانوا من مقاتلي الجهاد الاسلامي، أما المدنيونفنساء واطفال، اذ اكتشف قادة حماس بغزة أن «اخوانهم» بمصر بعد ترتيبات واجتماعات وثيقةوموثقة مع الادارة الأميركية لا يملكون أكثر من اصدار بيانات واغراق الشارع باقتراحاتبرلمانية مثل الطلب من الحكومة اغلاق السفارة الاسرائيلية - هي بحكم المغلقة -. فقررمحمود الزهار الذهاب بالاتجاه المعاكس نحو طهران مهما كانت النتائج !! ضاربا الموقفالعربي الرسمي، وكذلك الاخواني المضاد للسياسة الايرانية في المنطقة عموما، الداعمةللرئيس السوري بشار الأسد في مجازره بحق الشعب السوري خصوصا، فأوقعت زيارته وسابقتهازيارة اسماعيل هنية لطهران الاخوان في حرج سياسي سيكلفهم خسائر سياسية.. ومن يدري فربماقرر مكتب الارشاد معاقبتهم.. ولكن ليس علنا.

ظن قادة حماس المتنفذون بغزةأن دحرجة ازمتهم الداخلية ( كرة اللهب ) نحو الحدود المصرية، سيدفع السلطات المصريةللخضوع، فقال فتحي حماد مهددا: «في أي وقت يمكن أن تنطلق جماهير غزة الى كل الحدودبكافة أنواعها لنقول للعالم أجمع اننا لن نصبر على منعنا من الوقود والكهرباء»... لكنهمفوجئوا باصرار السلطات المصرية على سحب كل امكانيات تربح حماس من تجارة الوقود المصريالمدعوم، واصرارها على تمريره من المعابر الحدودية المخصصة، وانتقاما من الصد المصريشرعوا بحملة اعتقالات ضد قيادات وكوادر حركة فتح، بعد أن روجوا لتعميم زوروه بأيديهمونسبوه لقيادة فتح يحث على الفوضى والاشاعة، وكان وقائع وحقائق المعاناة التي يعيشهاالمواطنون في غزة تحتاج لتعميم.

اذن هدد حماد باقتحام حدودمصر، اذ لا حدود للقطاع مع غير مصر الشقيقة.. الا اذا قصد الحدود مع اسرائيل، التيحرصت حماس على تأمينها، حيث اعتبرت التهدئة الأخيرة انتصارا !! لكن رغم تصريحات قادةحماس بغزة ان مرور الوقود المصري عبر اسرائيل... او منها، فقد سمحوا بوصول حوالي نصفمليون ليتر سولار صناعي لتغذية محطة توليد الكهرباء التي تكفلت السلطة الوطنية بدفعقيمة فاتورتها كالمعتاد.

ما حدث في غزة في عام 2007كان انقلابا على المشروع الوطني الفلسطيني ومنظمة التحرير والسلطة الوطنية عموما، أطاحالانقلاب بحكومة الوحدة الوطنية بعد اخراج محمود الزهار منها، لكنه ابقى رئيسها اسماعيلهنية رئيسا لحكومة حماس حتى اليوم... وما يحدث اليوم هو انقلاب التيار الايراني فيحماس على مشروع جماعتهم الاخوان المسلمين، فالضائقة الاقتصادية، والمخاض العسير الذيتمر به عملية ولادة النظام السياسي المصري الجديد يؤشران على مساحة مجهولة لا يمكنلحماس الانتظار لمعرفة من سيشغلها، لذا فانها ربما بحركتها الانقلابية هذه تعيد ربطخيوطها مع طهران لتأمين السيولة المالية، وارهاب السلطة الوطنية وممارسة البلطجية عليهاكي تستمر بالدفع، فيكون انقلاب حماس في غزة الانقلاب العسكري الوحيد بلا تكلفة.