الأخ العزيز الدكتور يوسفرزقة، كتب في مقاله اليومي في جريدة فلسطين، التي صدرت في غزةيوم أمس عن أزمة الكهرباء، بعنوان الحل الوطني، وملخص هذا الحل من وجهة نظره أنيأتي الوقود الذي يغذي شركة توليد الكهرباء من مصر وليس من إسرائيل.
أولا: لأنه أرخص ثمنا ، وثانيا : للفكاك من الاحتلال الإسرائيلي،وغني عن التعريف أن الأخالعزيز الدكتور يوسف رزقة هو المستشار السياسي لرئيس الحكومة المقالة في غزة، وعلىالأرجح أن يكون الحل المقترح هو نفسه الذي تراه حركة حماس وحكومتها في غزة.
السؤال الذي أطرحه: هل فعلا هكذا يكون الحل الوطني؟ وهل سبق لهذا الحل أن وجد طريقهإلى أرض الواقع؟ وما هي الفرضية التي يقوم عليها هذا الحل؟ هل هي بقاء الانقسام ،وتكريسه كأمر واقع أم أنه ينطلق من أفق آخر؟
بدون أن نختبئ وراء الكلمات ، فإنحركة حماس التي سيطرت على قطاع غزة من الرابع عشر من حزيران عام 2007، مهماكان الاسم الذي يطلق على تلك السيطرة ، انقلاب أو حسم أو أي اسم آخر !!! وبغض النظرعن الأسباب التي يرسمها البعض تبريرا لتلك السيطرة، فإن حركة حماس حاولت منذ ذلكالوقت ، أن تحصل على اعتراف رسمي بشرعيتها من المستوى الوطني أولا الذي رفضمشاركته في حكومتها الأولى لأنها لم تستجب للثوابت الوطنية وخاصة تلك المتعلقةبالاعتراف بالمنظمة وبرنامجها السياسي، وعندما سقطت حكومة الوحدة الوطنية غير ذلكالانقلاب وتشكلت الحكومة الحالية في غزة بدون أية مشاركة من الكل الوطني، اعتبرت هذهالحكومة فاقدة للشرعية من المستوى الوطني والعربي والإقليمي والدولي،وانحصرت العلاقة معها من البوابة الإنسانية وليس السياسية أو الدبلوماسية، ومن بوابةالأمن، وهذا ما يشكو منه أعضاء الحكومة المقالة حين يقولون ان الحكومة المصرية علىسبيل المثال لا تتعامل معهم إلا من بوابة المخابرات وليس من بوابة وزارة الخارجية.
ولقد جرت محاولات كثيرة في السنوات الخمس الماضية، وأديرت العديد من الأزمات – حتىلا أقول افتعلت – من أجل الحصول على الشرعية الوطنية والعربية والإقليميةوالدولية، ولكنها جميعا محاولات باءت بالفشل، مع أن شعبنا الفلسطيني وخاصة في قطاعغزة قد دفع ثمنا باهظا لتلك المحاولات الفاشلة.
في الرابع من أيار العامالماضي، انبثق وعي سياسي متقدم جدا عبر عنه الاخ ابو الوليد خالد مشعل رئيس المكتبالسياسي لحركة حماس، الذي وصل الى قناعة كاملة بان حصول حركة حماس على الشرعية المطلوبةليس له إلا طريق واحد هو طريق الشرعية الوطنية، أي أن تصبح حماس تحت لواءالشرعية الوطنية، وجزءا عضويا منسجما مع النظام السياسي الفلسطيني !!! واعتقد انالكل الوطني اكد ان هذا هو الحل الوحيد لمأزق الشرعية الذي تعاني منه حركة حماسوحكومتها المقالة في غزة، انه الحل الوطني، بينما الحل الإسرائيلي، أو الحلالمعادي بصفة عامة، يريد لقطاع غزة أن ينسلخ عن مساره الفلسطيني، وأن تواجه غزةمشاكلها وحيدة، وأن تتوغل غزة أكثر باتجاه الصحراء، مرة عن طريق اخلاء إسرائيلمسؤوليتها عن القطاع بصفتها دولة الاحتلال !!! وهذا ما فعلته حين نفذت مسرحيتهاالمتقنة بإعلان الانسحاب الأحادي من قطاع غزة، فهل فعلا إسرائيل منسحبة من القطاع؟ أليستسطوتها قائمة في الجو والبر والبحر، وفي القتل اليومي الذي تمارسه، وفي الاستيلاءعلى ربع مساحة القطاع تحت عنوان الحزام الأمني، وفي مراقبة الاتفاق والاستفادة منهافي توجيه الاتهامات إلى القطاع بأنه حديقة خلفية للآخرين؟
وبما أن الأخ الدكتور يوسف رزقة عندما كتب مقاله تحت عنوان الحل الوطني، لم يدر بخلده كلهذه القضايا التي أثيرها الآن، ربما انحصر في مسألة الكهرباء كمسألة معزولة،وهذا غير جائز بالمرة في السياسة !!! ربما تجاهل دون قصد أن الكل الوطني ممثلابالشرعية الفلسطينية لا يريد إعفاء إسرائيل من مسؤولياتها، ولا يعترفون لها بأنهاأصبحت لا تتحمل أية مسؤولية!!!
الحل الوطني معروف، وهو مغادرة الانقسام، وعدموضع العراقيل، أمام المصالحة، والتوقف عن هذا الرهان الخاسر بأنه يمكن الحصول علىالشرعية بعيدا عن سقف الشرعية الوطنية الفلسطينية.
نحن بحاجة إلى زوايا نظرواسعة وليست ضيقة، زوايا نظر وطنية وليست فصائلية، لأن زوايا النظر الضيقة دائما تنتهيبنا إلى الاصطدام بالجدار المغلق، وإلى خريطة الأولويات، فتصبح الكهرباء بديلا عنالقدس، وتصبح السلطة الوطنية أو الشقيقة مصر، أو هذا الطرف أو ذاك هو محل الانتقادواللوم والشكوى وليس الاحتلال الذي هو سبب كل المصائب.
الحل الوطني يبدأ من تدعيم الشرعية الوطنية وليس التفلت منها بحثا عن الأوهام.