انتهى (جنيف 2) بعد وصوله الى طريق مسدود دون تحديد مواعيد جديدة, والعناوين التي اعقبت الفشل هي عناوين غامضة مثل وعد الرئيس باراك اوباما بالمزيد من الضغط على النظام السوري, مع ان النظام السوري احرز في الشهور الاخيرة نجاحات ميدانية واسعة, كما انه تعاون بشكل كبير في الملف الكيميائي وفي الوضع الانساني في حمص وفي مخيم اليرموك ولكن النجاح الاكيد الذي حققه النظام السوري تجسد في المصالحات الداخلية التي شملت حتى بعض من حملوا السلاح في وجهه, وهذه المصالحات اضعفت المعارضة الخارجية السورية الممثلة بالائتلاف الذي ثبت انه لا يؤثر بشكل فعال على الارض, وان المعارضة السورية في الداخل لا تنتمي اليه !!! وهكذا بعد (جنيف 2) تعود الامور الى نقطة الصفر، فيعود الكلام عن تزويد المعارضة بسلاح فعال, فهل اتفقت الاطراف الدولية وعلى رأسها اميركا على هذه الخطوة ام ان المحاذير ما زالت قائمة, اما الحديث عن العودة الى مجلس الامن, فان التوازن في مجلس الامن مازال على حاله لم يتغير, فلقد تعطل مشروع قرار حول المساعدات الانسانية بسبب معارضة روسيا والصين, فكيف حين تطمح بعض الاطراف الاقليمية بقرار على غرار القرار الذي صدر بشأن ليبيا قبل نهاية القذافي؟ خاصة وان الوضع في ليبيا بعد سقوط نظام القذافي لم يتبلور بصيغة تشجع اللاعبين في الملف السوري.
اعتقد ان موقف روسيا الملتزم مع النظام السوري حقق سمعة طيبة، واعتقد ان زيارة المشير عبد الفتاح السيسي الى موسكو هي اكبر دليل على ذلك, ودليل على ان اتخاذ قرار ضد سوريا في مجلس الامن ليس بالأمر السهل.
ولكن هذا معناه ايضا ان المتورطين الاقليميين في الصراع السوري لن يوقفوا اللعبة بسرعة, فبعض هؤلاء مثل اردوغان في تركيا ليس امامه سوى التدخل الفج في سوريا وفي مصر للتغطية على التغيرا ت الكبرى التي تجري في تركيا نفسها, خاصة بعد انفضاح ملف الفساد المدوي, ومحاولة اردوغان ان يرد على ذلك بتغيرات حادة في جهاز الشرطة وفي هياكل القضاء التركي, الامر الذي يرشح تركيا بامكانية الغرق في مستنقع الاضطراب الداخلي التي كانت تتباهى بدورها في تأجيجه لدى الاخرين.
في هذه الاثناء: يتضح ان الاستقرار العربي الذي من شأنه ان يعيد للدور العربي مكانته مازال بعيدا, وقد يخطئ العرب مرة اخرى في اعطاء اميركا وحلفائها قرارات تغطية بالمجان كما حدث في النموذج الليبي، وكما حدث في حرب الخليج ايام صدام حسين، وكما حدث في القمة العربية في بيروت 2002 التي انعقدت بغياب الرئيس عرفات الذي كان محاصرا بقرار اسرائيلي وقرار اميركي في المقاطعة برام الله.
هذا الغياب للدور العربي وللثقل العربي الآن, يجعلنا فلسطينيا ملزمين بالحذر ودقة الحسابات في مواجهة اخطر مرحلة من مراحل العدوانية والعنصرية الاسرائيلية المتمثلة ببدعة الدولة اليهودية حيث هناك خلاف عميق منذ انشاء اسرائيل على تعريف مصطلح اليهودية، ناهيكم عن الحقن العدواني والعنصري الذي تحقنه حكومة نتنياهو.