تعكس المجزرة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي يوم العاشر من آب/أغسطس 2024 في مدرسة بحي الدرج بغزة عن استشهاد وإصابة أكثر من مئة مواطن أعزل أثناء صلاة الفجر، وحشية لا حدود لها، وتكشف عن انحدار أخلاقي عميق لدى الاحتلال، وتمثل تحديًا صارخًا للقيم الإنسانية وللضمير العالمي، الذي يجب أن يتحرّك لوقف مسلسل المآسي المستمر منذ أكثر من عشرة أشهر. حيث إن استمرار المجتمع الدولي في الصمت عن هذه الجرائم يُعد تواطؤً مع الجلاد ويشجع على استمرار الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني.

وسط هذا الواقع المرير، وبعد أكثر من عشرة أشهر من حرب الإبادة الجماعية وتنفيذ نحو 3500 مجزرة في غزة، يخرج علينا بعض محللي قناة الجزيرة ليقولوا أن المقاومة في رفح لم تستخدم سوى جزء بسيط من قوتها. ما الهدف من هذه التصريحات؟ وما الفائدة منها؟ هذه العنتريات الفارغة والتحليلات الجوفاء لا تجلب إلا المزيد من الدمار وتفاقم المجازر والإبادة التي يتعرض لها شعبنا، ولا تخدم سوى الاحتلال الإسرائيلي، بإعطائه الذريعة لمواصلة هجماته الوحشية دون رادع.

وفي سياقٍ آخر، يتجدد الحديث في الإعلام الدولي عن احتمالية تطبيع العلاقات بين بعض الدول العربية وإسرائيل برعاية أميركية. ولكن هذه المحاولات، مهما تزايدت وتيرة الحديث عنها، تبقى محكومة بالزوال. إذ أن التطورات الأخيرة التي شهدها الإقليم، خاصة بعد أحداث السابع من تشرين أول/ أكتوبر 2023، أكدت أن التطبيع ليس مسارًا لجلب السلام أو الأمان، بل على العكس، أضاف طبقات جديدة من التعقيد في العلاقات الإقليمية والدولية، والتي لم يعد بإمكانها تجاهل القضية الفلسطينية.

إن محاولات تصوير التطبيع مع إسرائيل على أنه مدخل لحل الصراع، سواء كان مصدرها عربيًا أم إسرائيليًا أم أميركيًا، لا تخدم سوى الاحتلال، وتغفل الحقيقة القاسية التي يعيشها الفلسطينيون يوميًا تحت الاحتلال. هذه المحاولات تهدف إلى تعميق الانقسام العربي وتهميش القضية الفلسطينية، وتعزيز استمرار هذا الوضع القائم الذي يخدم المصالح الإسرائيلية ويفاقم من مأساة الشعب الفلسطيني.

يتوجب علينا كفلسطينيين مواجهة الإعلام الذي يروّج لتحليلات مغلوطة تصوّر المقاومة كجيش موازن للجيش الإسرائيلي أو تروج للتطبيع كحل للأزمة الفلسطينية. يجب أن تكون الرسالة الفلسطينية واضحة، تركز على واقع معاناة الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، بعيدًا عن التفسيرات المشوهة.في ذات الوقت، يتعين على المجتمع الدولي والإعلام العالمي دعم الرواية الفلسطينية الحقيقية والابتعاد عن تحليلات غير دقيقة، والتصدي للتضليل الإعلامي وتعزيز الفهم الواقعي والعادل للقضية الفلسطينية وما تمر به من منعطف تاريخي خطير، وهذا أضعف الإيمان.