يبدو أن هناك حاجة ماسة للفت نظر تيار في أوساط الرأي العام الفلسطيني بشكل خاص، والرأي العام العربي والعالمي عمومًا، لأن البعض لا يميز بين مستويين في الموقف من حرب الأرض المحروقة، الأول الثابت من خلفيات واهداف واجندات القوى المنخرطة في الحرب، والثاني الموقف من حرب الإبادة، التي تستهدف الشعب العربي الفلسطيني في مختلف محافظات الوطن وقطاع غزة خصوصًا، التي تحتل أولوية مركزية من قيادة منظمة التحرير وحكومتها والقيادات العربية واقطاب العالم كافة. 


وهذا الالتباس أو الغموض يحول دون القراءة الموضوعية لمواقف الكتاب والباحثين والمحللين السياسيين، مما يجعل اتجاه في الرأي العام الفلسطيني تحديدًا يخلط بين الثابت والمتحول في المواقف من المحرقة الصهيو اميركية على محافظات الجنوب الفلسطينية، ويدعوهم لتشويه المواقف، وإلقاء تهم غير محقة على كل من ينادي ويتبنى موقفًا منحازًا وداعيًا لوضع حد فوري للحرب الإسرائيلية الأميركية الغربية الرأسمالية على أبناء الشعب في فلسطين التاريخية عمومًا والقطاع خاصة. 


الآن المطلوب من الكل الفلسطيني التمسك بوحدة الشعب بكل قواه دون حسابات ضيقة، والسقوط في دوامة نكء الجراح الداخلية، لا بل أن الضرورة تملي قطع الطريق على من يسعى إلى تشتيت الساحة، وتعميق التناقضات البينية، وخلق الفوضى، وتقديم خدمة مجانية للأعداء لينفذوا منها لاستهداف الشعب، كل الشعب ومشروعه الوطني التحرري ونظامه السياسي، حيث تقوم قوى الشر والإرهاب العالمي بقيادة واشنطن وأداتهم اللقيطة إسرائيل باستباحة كل معلم من معالم الحياة في قطاع غزة من بشر وحجر وشجر، وتستهدف المستشفيات والعيادات والمدارس والمساجد والكنائس، وتحرمهم من وصول المساعدات الإنسانية التموينية والدوائية والوقود والمستلزمات الطبية ووصول الطواقم الطبية لتأمين العلاج للجرحى، وتعمل على تهجير السكان الفلسطينيين لاستحضار نكبة العام 1948 و1967 في عملية تطهير عرقي بشعة عن سابق تصميم وإصرار على عدم وقف الحرب الهمجية، التي يشنونها على الشعب الفلسطيني، وتشويه نضاله الوطني في حملة غير مسبوقة سياسيًا وديبلوماسيًا وإعلاميًا، بما ليس فيه، ولا يمت بصلة للحقيقة، ويتناسون بشكل وقح حقيقة أداتهم الخارجة على القانون وجرائم حربها خلال ال75 عامًا الماضية من الصراع. ولاسيما وأن الشعب وقواه الوطنية تعمل للدفاع عن الحق في الحرية والاستقلال وتقرير المصير والعودة، واستقلال الدولة الفلسطينية المحتلة في الرابع من حزيران / يونيو 1967، والدفاع عن منظمة التحرير، الممثل الشرعي والوحيد للشعب. 


إذا المطلوب التركيز على الهدف الأساسي، وحدة الشعب، ووقف فوري للحرب القذرة، التي أودت بحياة 6000 آلاف وجرح ما يزيد على 1500 ألفًا من المواطنين الأبرياء وجلهم من الأطفال والنساء والشيوخ حتى الآن، وتدمير كامل لعشرات آلاف من المنازل والأبراج، فضلاً عن إخراج ما يزيد عن عشرات المستشفيات والعيادات الصحية، وتدمير حوالي 150 مدرسة، وتدمير ما يزيد عن عشرة مساجد وكنيسة، وتقطير دخول المساعدات الإنسانية، والعمل، وبالتالي المطلوب أيضًا وقف التهجير، والذهاب للحل السياسي القانوني، وعقد المؤتمر الدولي للسلام لتطبيق خيار حل الدولتين وضمان عودة اللاجئين لديارهم وفقًا للقرار الدولي 194.

ولنترك خلال حرب الإبادة الحديث عن مساءلة هذا الطرف، أو ذاك، ومسؤوليته عما فاقم الوضع الكارثي والزلزال الإرهابي والوحشي الذي أصاب الشعب العربي الفلسطيني من نكبة تفوق الوصف، وتوجيه بوصلة الصراع مع العدو الصهيو أميركي الغربي الرأسمالي فقط، ورفض الحلول الأمنية العسكرية التي يسعون لتنفيذها في قطاع غزة، والحؤول دون فصل غزة عن الضفة والعاصمة القدس، والعمل على حماية أبناء الشعب دوليا من إرهاب الدولة المنظم الذي يقوده الأعداء. 


علينا جميعًا أن نرتقي إلى مستوى المسؤولية الوطنية والقومية للدفاع عن شعبنا المنكوب بحرب جهنمية، وفضح وتعرية الغرب عمومًا وأميركا الشمالية خصوصًا، التي أنبرت منذ اللحظة الأولى للحرب بتقديم الدعم العسكري والأمني والمالي والاقتصادي والإعلامي والسياسي والديبلوماسي وعلى الصعد كافة لإسرائيل المهزومة، والتي أكدت الحرب وهنها وإفلاسها كدولة بكل معايير الكلمة.