في النصف الثاني من القرن الماضي، أي القرن العشرين، وخصوصاً بعد قيام ثورة تموز يوليو المصرية بقيادة الزعيم الخالد جمال عبد الناصر وزملائه الضباط الأحرار، مرت إسرائيل بحالة شديدة من التنمر ولكنها فشلت في كل محاولاتها بأن تكون القوة الآمرة في منطقة الشرق الأوسط، وكانت هناك قمم لهذا الفشل الإسرائيلي ساهم فيها الشعب الفلسطيني بدور عظيم، أولها في قطاع غزة عام 1956 بعد العدوان الثلاثي على مصر، وانسحابها المهين من قطاع غزة الذي احتلته آنذاك، ويمكن العودة إلى ذلك التاريخ لنشأة حركة "فتح"، فقد قامت نويات فلسطينية بتشكيل لجنة للمقاومة، ومن هذه اللجنة تشكلت بدايات حركة "فتح" التي أطلقت بدورها الثورة الفلسطينية المعاصرة، وأنشأت فوق الأرض، وليس فوق الورق منظمة التحرير الفلسطينية، وأنشأت حركة "فتح" والثورة الفلسطينية المعاصرة، ولكن هذا التنمر الصهيوني ومن لف لفه عاد للظهور مرة أخرى في عام 1967، مع الهزيمة لمصر والجيوش العربية في حزيران عام 1967، بحيث كرس الإعلام الإسرائيلي والأوروبي والأميركي كل إمكانياته لتضخيم النصر الإسرائيلي والهزيمة العربية، وأذكر أن الإخوان المسلمين قد لعبوا دورًا نافذًا في تكريس الهزيمة بدعوى البعد عن الإسلام، ولكن بعد تسعة شهور فقط، رد الشعب الفلسطيني من خلال "فتح" والثورة المعاصرة بالانتصار المجيد ضد إسرائيل في معركة الكرامة في الحادي والعشرين من آذار عام1968، ورأى العرب والمسلمون بأم أعينهم منظر جنود الجيش الإسرائيلي وجثثهم محترقة داخل الدبابات الإسرائيلية التي تم عرضها داخل عمان.
ولكن ذلك التنمر الإسرائيلي، واجه لحظات من صنع الفلسطينيين أشد تأثيرًا، فشلت في الانتفاضة الفلسطينية الأولى حيث تصدت الحجارة الفلسطينية للدبابات الإسرائيلية،ووقف أطفال فلسطين بقوة وبريق ساطع أمام جنرالات إسرائيل المصنعين داخل المصانع المسيحيانية اليهودية.
وكانت النتيجة أن الجنرال إسحق رابين، الذي كان قبل ذلك وزيرًا للجيش الإسرائيلي، هذا الجنرال رئيس الوزراء اضطر أن يجلس أمام القادة الفلسطينيين ليتفاوض معهم على ما أطلق عليه زعيمنا في ذلك الوقت ياسر عرفات اسم سلام الشجعان.
وقد ثبت من خلال المراجعات التي أجرتها مصر أن الهزيمة التي جعلت إسرائيل تبالغ في تنمرها لم تكن تعود إلى عدم كفاءة الجيش ولا عدم أهلية الجنود المصريين، فقد قال عنهم رسولنا العظيم وهو يخاطب المسلمين قائلاً لهم (( إذا فتح الله لكم مصر، فاتخذوا من أجنادها جيشًا، فهم خير أجناد الأرض، وصدقت يارسول الله صلى الله عليه وسلم
وأكبر تجسيد لهذه الرؤيا النبوية هو ماحدث في تشرين عام 1973، في حرب أكتوبر، وعبقرية الانتصار الذي حققة الجيش المصري في تلك الحرب، التي كسرت أنياب التنمر الإسرائيلي، إذن، يا أيها المنبطحون لاتسارعوا في الانبطاح، يا أيها المطبعون لا تستعجلوا في التطبيع، وإن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا، كما قال لنا ديننا العظيم في قرآنه الكريم)).
إسرائيل التي تتغذى على شذوذ أفعالها ضد شعبنا الفلسطيني غير مطمئنة، بل هي خائفة جدًا، والخائف كما يقول علماء النفس يلجأ إلى سلوكيات مضحكة حتى يتخلص من ذعره الوجودي، فقد يهدد ويدعي العناد، وقد يلجأ إلى الصراخ، وهذا هو حال نفتالي بينيت هذه الأيام، فهو يتظاهر بأنه لن يلتزم بنصائح أميركا سيدته المطلقة، بل يهدد بالعدوان، ويوغل في العدوان، فادعوا الله أن ترتد ضده ضآلة شخصيته، وقلة حيلته، وشعبنا وقيادتنا كم ارتدت كل السهام الموجهة لها مكسورة، فأين ذاكرتك يا بينيت ؟؟؟.

المصدر: الحياة الجديدة