كل مواطن فلسطيني مقدسي صابر وصامد ومتشبث بأرض المدينة المقدسة (عاصمة فلسطين المحتلة) قامة وطنية ما دامت القدس في قلبه ووجدانه ومحور حياته في حاضره ومستقبله فإرهاب منظومة الاحتلال الاستعماري العنصري الإسرائيلي المبرمج بحق المواطنين الفلسطينيين الأصليين كان وما زال تطبيقًا عمليًا لبرنامج تطهير عرقي واقتلاع وتهجير الشعب الفلسطيني من أرض وطنه التاريخي والطبيعي.
نعتقد أن وتيرة الحملات الصهيونية على المدينة المقدسة مرتبطة بعقلية عنصرية إجرامية إرهابية ما زالت حتى الساعة ناظم العمل اليومي لمؤسسات منظومة الاحتلال السياسية والأمنية، فهؤلاء لم يعملوا يومًا بأسلوب رد الفعل، وإنما يرفعون مستوى الخط البياني ويخفضونه وفق احتياجات خاصة خادمة، لتصب أولا وأخيرا في صالح عملية التهويد والاستيطان في المدينة وما حولها.
 نلاحظ في هذا السياق أن ارتفاع وتيرة الإرهاب الإسرائيلي والجرائم بحق مواطني القدس مرتبط بارتفاع منسوب الحالة الوطنية، وبمحاولات المواطنين في القدس، والشعب الفلسطيني عموما فرض الإرادة  الفلسطينية، في قضية حماية الشخصية الوطنية العربية والدينية والإسلامية للقدس ومقدساتها، حيث ينوب المقدسيون عن الشعب الفلسطيني كافة في تجسيد هذه الإرادة التي إذا ما استكملت إنجازاتها، فإن موعد الصبح القريب (الحرية والاستقلال) سيصبح أقرب .. فما بيننا وبين المنظومة الصهيونية الاستعمارية العنصرية صراع إرادات، لا انتصار فيها لمجرمي الحرب والإرهاب، حتى لو امتلكت حكومتها وجيشها أحدث أسلحة الدمار وسفك الدماء، وتمتعت بغطاء وعطاء لا محدود من دول استعمارية، ذلك أن الحق لا ينهزم، ولا يخضع ولا يستسلم أصحابه، حتى ولو خسروا جولات، فالعبرة في اللحظة التاريخية التي تبدو واضحة ودقيقة في المواجهة اليومية مع المنظومة في القدس كونها مركز القضية وروحها، وجزءا لا يتجزأ من عقيدتهم السياسية والدينية على حد سواء.
الإرهاب والإرعاب وسفك الدماء على أساس عنصري، سلوك تفردت حكومات منظومة الاحتلال الإسرائيلي المتعاقبة في جعله العمود الفقري لمنشأة (الدولة  الناقصة)، حتى باتت جرائم الحرب وضد الإنسانية بحق الشعب الفلسطيني، القاسم المشترك بين الحكومات قاطبة لا نفرق ولا نميز واحدة عن الأخرى، حتى بدا تصنيف بعضنا لحكومة ما باليسارية، وأخرى باليمينية المتطرفة أقرب إلى التحشيش والعبث الفكري، ومحاولة فاشلة لإقناع الذات فجميعها تطبق خطة تهجير واقتلاع الشعب الفلسطيني من جذوره التاريخية كحد أدنى بعد فشل مشروع الإبادة والإلغاء وشطب الذاكرة التاريخية والهوية الثقافية الوطنية للشعب الفلسطيني. 
لا ننكر وجود تيار سياسي عقلاني واقعي لدى المجتمع السياسي في المنظومة، المتميز بالتطرف العنصري كأغلبية، والمعتد بمفاهيم التفوق، ونحاول التواصل معه عبر لجنة مختصة أقرتها منظمة التحرير الفلسطينية، ونعلم جيدا مدى تمدده وتراجعاته أيضا، لكن إيماننا بحقوقنا يدفعنا باستمرار الحوار والتواصل للوقوف عند نقاط التقاء قاسمها المشترك الحل السياسي على أساس الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني بدولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشرقية. 
لا بد من التأكيد في خطابنا السياسي والإعلامي على أن الإسرائيلي المتمسك بالاحتلال والاستيطان والتطهير وجريمة الحرب والتمييز العنصري كمنهج وأساليب لا يمكننا تصنيفه إلا في خانة عدو نفسه والإنسانية، أما الإسرائيلي المؤمن بالسلام وبقرارات الشرعية الدولية وأن تطبيق وتنفيذ خطة استعباد وإخضاع الشعب الفلسطيني غير قابلة ليس للحياة الدائمة وحسب، بل غير قابلة للاستمرار، نظرًا لتنامي الوعي الوطني لدى الشعب الفلسطيني وقدرته على إبداع سبل الصمود والمواجهة، وإيمانه بمبدأ العطاء والتضحية من أجل وطنه فلسطين، ولعلهم يلتقون معنا على نقطة وهي أن المشروع الصهيوني كان ضربًا من الخيال والتخيل اللاواقعي واللامنطقي واللاأخلاقي، وكان لهؤلاء شرف اكتشاف زيفه ومكامن الخرافة التي اشتق منها، وكان لنا شرف إقناعهم في البحث عن هذه الحقيقة.

 

المصدر: الحياة الجديدة