مرات عدة أكدت وكتبت في هذه الزاوية عن أن الظلم والجريمة الصهيونية المتفاقمة، وانفلات إرهاب الدولة الإسرائيلي المنظم ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني لا يمكن ان يمر دون دفاع الفلسطيني عن ذاته، وعن مصالحه وحقوقه وكرامته الشخصية والوطنية، ولا يمكن أن يقبل الاستباحة والتغول الاجرامي الصهيوني الاستيطاني الاستعماري في عموم الضفة الفلسطينية والقدس العاصمة الأبدية خصوصًا، في ظل صمت عالمي معيب، وفيه للأسف الشديد مهادنة وطأطأة الرؤوس أمام عنجهية وغطرسة دولة الموت والقتل والتطهير العرقي المنظم ضد الفلسطينيين العزل.
مؤكد، وواضح للعالم كله، أن الشعب الفلسطيني وقيادته الشرعية ممثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية مدت، وما زالت تمد يدها للسلام منذ أول يوم في الكفاح التحرري الوطني، وكرسته بالتوقيع على إتفاقيات أوسلو ومشتقاتها، رغم كل المثالب والنواقص، التي تنخر موادها المختلفة. رغم ذلك تعلن فيه القيادة الصهيونية عن رفضها المبدئي في بناء ركائز السلام، وترد حكومات إسرائيل المتعاقبة بارتكاب المزيد من جرائم حرب جديدة ضد الكل الفلسطيني، وتفرض مزيدًا من العقوبات الجماعية، والانتهاكات الخطيرة المهددة للحياة الآدمية في أرض دولة فلسطين المحتلة، ولا تتوانى عن القتل للأطفال والنساء والشيوخ في مختلف ربوع الوطن الفلسطيني، ويوميًا تقوم باعتقال العشرات دون سبب يذكر، وتقوم عصابات قطعان المستعمرين بعمليات تخريب وتدمير للاشجار والسيارات والبيوت والمساجد والكنائس وللمصالح الفلسطينية في مختلف مجالات الحياة ولم تبقِ ولم تذر، ولا اضيف جديداً لمعلومات القارئ الكريم، عن إرتفاع منسوب عمليات قتل الأطفال في ظل حكومة بينيت / لبيد حيث تجاوز الرقم حتى الآن ال17 طفلاً فقط، وكما أعلن ليبرمان يوم الثلاثاء الماضي فإن الحكومة بنت أكثر من 40 ألفاً من الوحدات الاستيطانية العام الماضي، وستبني هذا العام ما يزيد عن ال60 ألف وحدة استيطانية، وتعاظمت عمليات الاقتحامات للمسجد الأقصى، لا بل ان حكومة الجريمة المنظمة الصهيونية تنوي تنظيم زيارة طلاب المدارس الصهيونية عموماً والتلمودية خصوصًا لأولى القبلتين وثاني الحرمين وثالث المسجدين، وتدفع مع مختلف مكونات المجتمع اليهودي الصهيوني للتقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأكثر قداسة بعد مكة المكرمة ومسجد الرسول العظيم محمد عليه صلوات الله وسلامه كمقدمة لتدميره، كما قامت بقطع مئات وآلاف أشجار الزيتون، وعبثت في الاديرة والكنائس ودور العبادة عمومًا... الخ
هذه الجرائم والانتهاكات الخطيرة، ورفض حكومة التغيير الصهيونية مبدأ السلام، وخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967 وعودة اللاجئين على أساس القرار الدولي 194، وافقاد الفلسطينيين بارقة الأمل في بناء سلام الممكن والمقبول ضاعف من حالة الإحباط والقنوط واليأس في أوساط الشعب العربي الفلسطيني دون استثناء، وزاد من حالة السخط والغضب والاحتقان نتاج كل ما تقدم، ما دفع الشهيد فادي شحادة أبو شخيدم لتنفيذ عملية باب السلسلة في القدس العاصمة يوم امس الاحد الموافق 21 من نوفمبر الحالي، وأدت إلى قتل أحد الصهاينة وإصابة أربعة شرطيين بينهم إصابة خطيرة من حرس الحدود والشرطة الإسرائيلية، واستشهاد فادي برصاص قوات العدو المتواجدة في المكان.
والشهيد فادي من مخيم شعفاط في القدس العاصمة، عانى من عمليات القهر هو واسرته وأبناء مخيمه، وباقي إحياء زهرة المدائن، ومن التطهير العرقي الذي يجري على مدار الساعة في أحيائها المختلفة دون استثناء، بالإضافة لمصادرة ونهب العقارات والمنازل الفلسطينية بوثائق مزورة، وبدون وثائق، وتقوم إسرائيل دولة اسبرطة بإصدار مئات وآلاف البلاغات والمطالبات لابناء الشعب بهدم بيوتهم بايديهم بذريعة عدم الترخيص، الشماعة التي يعلق عليها المجرمون الصهاينة عملية التنكيل والتطهير والاذلال المتعمد واليومي ضد كل مواطن فلسطيني في القدس وكل فلسطين التاريخية من البحر إلى النهر، وتتكالب كل مؤسسات الدولة الصهيونية التشريعية والتنفيذية والقضائية والجمعيات والمدارس الدينية والحريدية المختلفة في البطش بالشعب الفلسطيني ومصالحه الوطنية، ووسط صمت مريب في أوساط العالم، أو الاكتفاء ببيانات الشجب والاستنكار التي لا تسمن ولا تغني من جوع، وحتى القرارات الأممية التي تصدرها الأمم المتحدة وهيئاتها القيادية من مجلس الامن والجمعية العمومية ومجلس حقوق الانسان واليونيسكو... إلخ
لا قيمة لها، ولا مكان لها من الاعراب والتطبيق والترجمة على الأرض مما سمح لحكومات دولة التطهير العرقي بالتغول في جرائم حربها، ووحشيتها وعنصريتها وفاشيتها. إذًا ما قام به الشهيد فادي او غيره من الشهداء لم يكن رغبة في الموت، ولا حبا به، بل دفاع عن الذات وعن الشعب/ ورفض للموت، واسهام في تقريب ودفع عملية السلام للامام. لان الغالبية الساحقة من الفلسطينيين يريدون السلام، وما لم تستجب حكومة إسرائيل المارقة والخارجة على القانون لنداء السلام، فإن الأمور تتجه إلى مآلات غير حميدة، تتحمل حكومات دولة المشروع الصهيونية المسؤولية الأولى والأخيرة عن ذلك.
فهل تستفيد حكومة التغيير من دروس العملية في القدس العاصمة وتتراجع عن خيار الاستيطان الاستعماري، وتدفع خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967 للامام، ام ستبقى تراوح في مستنقع الجريمة والإرهاب الدولاني المنظم؟
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها