تشتعل العديد من عواصم الدول العربية بأحداث تدمي القلب، وخلف الكواليس تجري اتصالات مفاجئة لا يتوقعها المواطن العربي لأنه لا يحصل على المعلومات الصحيحة ولا يعرف إلا النزر اليسير مما يدور في الخفاء وخطط إعادة ترتيب الأوضاع في الإقليم، ويظل المواطن الفلسطيني في ظل التعتيم يسأل: ماذا يرتبون ويخططون بشأن قضيته؟ وما هي نتائج كل هذه الاجتماعات واللقاءات، العربية البينية والعربية الأميركية، والعربية الإسرائيلية؟
في ظل خوفهم مما ينسج في الظلام، يستذكر الفلسطينيون أبو عمار، ويعيدون قراءة تاريخه ومواقفه واللحظات الصعبة التي عاشها، ولكل واحد منهم معه حكاية، سواء التقاه شخصياً أو استمع اليه أو شاهده في وسائل الاعلام، ودون تردد، يلقي المواطن الفلسطيني بالخوف بعيدًا ويتفاءل بأن ما سعى إليه أبو عمار سيتحقق بأن يرفع شبل أو زهرة من أطفال فلسطين العلم الفلسطيني فوق أسوار القدس، عاصمة فلسطين الحرة المستقلة. ويشخص بنظره بعيداً ليصل إلى قاعات الأمم المتحدة حيث يستمر التأييد لحقه في تقرير المصير بأغلبية ساحقة، ويرتد إلى بريطانيا، وطن بلفور الذي أجرم بحقه، ليشاهد طرد سفيرة دولة الاحتلال من أروقة أعظم صرح علمي في لندن، كلية لندن للاقتصاد، ومنعها من الحديث وسط هتافات مناصرة لفلسطين وسؤال مدون: ألا تخجلين من نفسك؟
تسيبي حوتوفيلي، وزيرة شؤون الاستيطان سابقا في حكومة ليكودية يمينية متطرفة، وابنة مهاجِرَين من جورجيا السوفييتية، حاولت أن تتحدث إلى طلاب جامعيين لتسويق الرواية الصهيونية، لتفاجئ بأن حركة مقاطعة إسرائيل قوية ومؤثرة يستجيب لها أكاديميون وطلاب وطالبات لم تعد تنطلي عليهم الرواية الصهيونية الممجوجة، كما هو الحال في الكثير من المؤسسات الأكاديمية في العالم، يرفضون حضورها. وفي مقطع فيديو شاهده العالم في نشرات الأخبار ومواقع التواصل الاجتماعي، تظهر مرعوبة تركض باتجاه سيارتها يحيط بها أفراد الشرطة البريطانية وحراسها، لتغادر ذليلة الحرم الجامعي المقدس الذي انتصر لفلسطين، ورفض نتائج بلفور ووعده وهتاف ألا تخجلين من نفسك يتردد ليكون الصدى باقيًا في آذان عموم البريطانيين، ألا تخجل بريطانيا من نفسها فتعتذر وتعترف بجريمتها؟
حركة مقاطعة إسرائيل تتوسع وتنتشر وتحقق إنجازات مهمة في عقر دار الدول الراعية لدولة الاحتلال، ولا تلتفت إلى مظاهر ارتماء بعض العرب في أحضان إسرائيل، يحتفون ويحتفلون بتطوير العلاقات معها مجانًا، وفي يوم من الأيام، سيحاصرهم السؤال: ألا تخجلون من أنفسكم وأنتم تحتفلون بمن يدوسون على كرامتكم ويغتصبون أرضكم، ويدنسون مقدساتكم؟
ستتحقق رؤية أبو عمار، وسيتكرر مشهد كلية لندن للاقتصاد، في ساحات عالمية كثيرة، وسيتكرر فرح أحرار العالم بأنهم طردوها.
المصدر: الحياة الجديدة
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها