عديدون الذين قضوا في سجون حركة حماس، وما ثمة لجنة تحقيق واحدة شكلتها هذه الحركة لنعرف ما جرى ضد هؤلاء الضحايا وكيف قضوا وهم في عهدة السجان..!! صحيح تعددت الأسباب والموت واحد، لكن الأصح أن نعرف في هذا الإطار سببًا واحدًا على الأقل كان وراء وفاة هؤلاء المعتقلين وآخرهم شادي نوفل المعتقل في سجون حماس منذ عام ونصف العام تقريبًا، بلا أيّة مراجعة قضائية إن صح التعبير، ولا أيّة محاكمة..!!
عام ونصف العام من الاعتقال، ولا شك أنها كانت بأيام كثيرة، من التعذيب والقهر تعرض له شادي نوفل حتى لم يعد جسده قادرًا على المقاومة، ولم تعد روحه، قادرة على التحمل فصعدت إلى بارئها، ولا شك أنها صعدت شاكية باكية، فما من روح تزهق نتيجة القهر إلا وكانت كذلك، وإذا كنا نظن ذلك تعسفًا، فعلى لجنة تحقيق أصولية، أن تبين لنا كيف قضى شادي، ودون هذه اللجنة، سيظل من الصعب المصادقة على بيان الأمن الحمساوي الذي قال إنه مات نتيجة جلطة قلبية..!!
لكن الصعب في هذا السياق لم يعد كذلك على ما يبدو طالما أن شادي نوفل لم يكن معارضًا للسلطة الوطنية!! ولأنه كذلك فإنه لا يستحق أي حراك شعبي وليبرالي، يندد بمقتله في سجون حماس التي لا شرعية لها، ولا بأي شكل من الأشكال!! وبغياب هذا الحراك يصبح لدينا نوعان من المواطنين!! واحد للذبح بلا أيّة مساءلة، وآخر لمطالبة لجان التحقيق في العالم بأسره كي تحقق بأسباب وفاته، طالما أنه كان معارضًا للسلطة الوطنية!!
لسنا من يريد هذا التقسيم التعسفي الخبيث، وكل مواطن فلسطيني يقضي بين يدي رجال الأمن سواء هنا أو هناك، لا بد أن تجري محاسبة المسؤولين عن وفاته، طالما كان في قبضتهم، ومسؤولية حياته من مسؤوليتهم.
أين دعاة حرية الرأي والتعبير من قضية شادي نوفل..؟؟ نعرف ونؤمن أن حرية الرأي والتعبير حق لا جدال فيه، لكن أليس من الطبيعي أن تتخلق هذه الحرية باخلاق الحق، وقيم الحق، وشجاعة الحق، وغاياته...؟؟ أين الساعون في دروب النزاهة والشفافية والمساءلة لملاحقة الأخطاء، والفساد، والاجراءات العنيفة لأجهزة الأمن، بمعايير واحدة، ولغة واضحة، وبلا نفاق، وبلا أية توضيفات حزبية، أو عصبوية، أو مناطقية، وبلا استغلال لدم هذه الضحية، أو تلك، لصالح أجندات خارجية مشبوهة، بدلالة ما يرفع هذا الاستغلال القبيح، من شعارات عدمية، وما يردد أصحابه من هتافات، بقدر ما هي خالية من أي محتوى سياسي، بقدر ما هي بالغة البذاءة، والرامية لإشاعة العبث والفوضى، لتدمير ما أنجز شعبنا تحت راية ممثله الشرعي والوحيد منظمة التحرير الفلسطينية، من تقدم لا في دروب الحرية والتحرر فقط، وإنما كذلك في دروب البناء والتأسيس في ظل السلطة الوطنية، وسياساتها، وبرامجها التنموية، في مختلف حقول الحياة نحو إزدهارها وتقدمها.
لا نطالب بأكثر من أن تكون المعايير واحدة، وأن تكون لغة الاحتجاج والمطالبة، لغة فلسطينية خالصة بلا أيّة عجمة خارجية ولا أيّة كلمات وشعارات عبثية. ولهذا نقول الآن: وماذا بشأن شادي نوفل..؟؟ سؤال برسم الجميع حتى لا يقال إنه موجه لأطراف محددة بعينها...!!