فتح ميديا - لبنان

"من غير سابق إنذار وأثناء ممارستي عملي اليومي كمدير تنفيذي لنقابة الصحفيين في قطاع غزة يوم الثلاثاء الموافق 11-10-2011 اقتحمت مجموعة كبيرة من الأشخاص ما يقارب 150شخصاً يتبعون لحركة  حماس، من بينهم عدد قليل من الصحفيين المعروفين لدينا في النقابة وهم خمسة صحفيين يتبعون لكتلة الصحفي  التابعة لحماس والتجمع الإعلامي  التابع لحركة الجهاد الإسلامي ،ثم وبشكل غوغائي وغير مسبوق احتجزوني أنا ومجموعة من موظفي النقابة بالإضافة الى عدد آخر من الصحفيين المراجعين،فتشوا أغراضنا الشخصية ،صادروا أجهزة الجوال قبل أن يفرضوا سيطرتهم الكاملة على مكاتب النقابة وفتشوها بالكامل ثم أخرجوا الموظفين منها بالقوة في الساحة الخارجية للمقر،

سألتهم ماذا يحدث؟رد أحد المقتحمين" اسكت ولا كلمة " انت انتهى دورك الآن دورنا  " خلص دوركوا "،ثم شكلوا مؤتمراً ميدانياً أعلنوا فيه تشكيل مجلس إدارة جديد من العناصر المقتحمة للمقر ، ثم قال لي احدهم انتظر هنا مشيرا لأحدى الغرف وأغلق الباب علي بعد ان تمت مصادرة أوراقي الشخصية وهاتفي الجوال الخاص فقلت له أنا صحفي ولي حقوق وهذا بيتي ولا يجوز لكم إقصائنا بهذا الطريقة فقال لي اسكت بصوت عالي ، فأحسست بأنني موجود في جلسة تحقيق من جهاز امني وليس حوار بين صحفي وزميله".

وختم منير المنيراوي المدير التنفيذي لنقابة الصحافيين بغزة حديثه للـ"قدس"  "ثم أخرجونا من مقر النقابة بالقوة أنا والموظفين وبعض الصحفيين المراجعين و أعضاء الأمانة العامة للنقابة.

وروى الصحفي المستقل ناصر عطالله الذي كان متواجداً في النقابة ساعة وقوع الحدث للـ"قدس":"طلب مني أحدهم أن أعطيه حقيبتي الشخصية وجهاز اللاب توب الخاص بي ، طالباً مني عدم اصطحابها معي عند المغادرة ، لقرار اتخذ من قبلهم ، أن كل محتويات النقابة حتى الورقة البيضاء قيد الحجز، فرفضت طلبه ، وطلبت منه الكشف عن هويته ، فقال زميل صحفي ، فابتسمت قائلا له :" وهل صحفي يفتش صحفياً مثله..!!" فأصر على طلبه ، وزدت إصرارا على رفض ما يريد ، وطلبت منه أذن النائب العام لتفتيشي حسب نص القانون الذي يحمي الحقوق الشخصية ، وأنا خارج أي شبهة أو تهمة أو جنحة ، ولكن إصراره و تمسكي برفض ما يريد ، حلّق بعض أصحابه من حوله ، وطلبوا منه أن يكفّ ، وليس من حقه أن يطلب تفتيشي ، وقدم أحدهم ويبدو كبيرهم اعتذارا عاجلاً ،ثم طلب مني أحدهم مغادرة المقر، أنا ومن معي من الزملاء الآخرين ، بحجة أن انتخابات ستجري لتشكيل مجلس انتقالي لتسيير شئون النقابة ، رفضنا طلبهم ، وبقينا بالمقر حتى أجريت الانتخابات ، التي كانت سريعة ، وشكلوا تسعة منهم ليكونوا بدلاً من الأمانة العامة المنتخبة ، بعدها اتخذوا قرارا بإخلاء المقر حتى من صحفييهم الذين أدوا دورهم بالانتخاب وانصرفوا بعد مهمتهم وبقيت ومن معي ، رافضين الخروج من المقر ، حتى اشتدت نقاشات ، ودار جدلا واسعاً حول أسلوبهم والطريقة التي اقتحموا فيها المقر ، بحجة حرمانهم من خدمات النقابة عبر السنين الماضية.وبعد كثير من الأخذ والرد ، وطرد عضوي الأمانة العامة اللذان وصولا المقر  يوسف الأستاذ والدكتور تحسين الأسطل ، تم طردنا بشكل ينم عن نية مسبقة باستخدام العنف عند الضرورة ، فخرجنا تحت سطوة الغلبة وقوة الحشد !!!.

هذا وتواصل حماس سياسة تصفية علنية للأجسام والمؤسسات الصحفية في قطاع غزة وآخرها الإجهاز على رأس الهرم الصحفي"نقابة الصحافيين"حيث احتلت عناصرها مقر النقابة في 11 أكتوبر وطردت من فيه من موظفين وإداريين وصحفيين.

وأجمع عضوي الأمانة العامة لنقابة الصحافيين  د. تحسين الأسطل،ويوسف الأستاذ، في حديث خاص للـ"قدس" على  ان حماس لا تزال تواصل إغلاق العشرات من المؤسسات الإعلامية وتمنع إدخال الصحف الرئيسية إلى قطاع غزة، إضافة إلى ملاحقة الصحفيين، ومنع العديد منهم من السفر.

وأضاف الأستاذ :" ان احتلال حماس لمقر النقابة لا علاقة له بحقوق أو واجبات وإنما هو قرار سياسي وأمني بامتياز ويكشف بصورة جلية عن مخططات حماس الرامية الى تضييق الخناق على الحريات الصحفية"

وتابع الأستاذ:"ان احتلال الحوائط والجدران لا يعطي الشرعية لأحد كما أنه لا ينيزع الشرعية عن أحد، وإنما الشرعية تأتي بالانتخابات والقوانين الناظمة للعمل الصحفي، فهنيئاً لحماس على الجدران التي تتحصن بها"

وأضاف د.الأسطل على ما ذكره سابقه،بأن حماس ما زالت ترفض الحوار الذي بدأ مع الصحفيين والمؤسسات الإعلامية في قطاع غزة لبحث آليات إجراء الانتخابات التي جرى تأجيل عقدها لفترة أسبوعين للتوصل إلى صيغة متفق عليها لإنجاحها بعيدا عن السطوة الأمنية التي تحاول حماس فرضها على الصحفيين ومؤسساتهم الإعلامية في قطاع غزة".

ومن جانبها اعتبرت الصحفية في تلفزيون فلسطين، تغريد أبو طير أن ما قامت به كتلة الصحفي التابعة لحماس، أمر غير مقبول ولا بأي حال من الأحوال .

وأضافت أبو طير للـ"قدس":"ان  نقابة كانت دائما في الصفوف الأولى للعمل الوطني ونقل معاناة شعبنا للعالم أجمع  والدفاع عن الحقوق والثوابت الوطنية الفلسطينية عبر التاريخ ونحن نعلم أن الحوار هو الأسلوب المتبع للصحفي أينما كان وفي أحلك ظروف عمله، وحتى وإن أقفلت أبواب الحوار نتيجة تعنت طرف معين كانت تلجأ للكثير من الخطوات السليمة والإنسانية لإيجاد الحلول المطلوبة ولا ان يكون العنف والعربدة هي الحل كما حصل في نقابة الصحفيين في قطاع غزة والاستيلاء عليها بطرق ليست من أخلاقيات الصحفي الفلسطيني الحر الذي عرف عبر  التاريخ بنضاله والتزامه بمعايير المهنية والعمل الصحفي"

وتابعت:" برأيي ان الذي يستخدم يده ويعتمد مبدأ القوة والسلاح فإنما يدل على فشل قلمه وفكره وهذا ما لا نوافق عليه أبدا ولا نسمح به مهما كانت الجهة المسؤولة عنه مستنكرة هذا العمل المشين.وختمت أبو طير:" لا نقول أنه  لا يوجد هناك اعتراضات على أداء نقابة الصحافيين، ولكنها يجب أن تستند الى شرعية العمل النقابي وبدايتها أن يعترف بهذه القوانين والمعايير والاعتراف بالمرجعيات التي أنشأتها علما   أن هذه الأخيرة جعلت من نقابة الصحفيين عضوا في الاتحاد الدولي للصحفيين  وعضوا في اتحاد الصحفيين العرب وعليه يجب أن يكون هناك حوارا بطرف سلمية ووسائل ديمقراطية حتى يتسنى لنا الوصول الى حالة الرضى وعلينا أن نرتقي بحوارنا الى أعلى مستويات الديمقراطية الحقيقية لا أن نسيس الأمر لان العمل النقابي في نظري هو أسمى بكثير من أي حكومات وعلى القادة أن يضعوا ضمن أولويات أجندتهم مكانة العمل النقابي وضرورته في ترتيب الوضع في كل الهيئات والمؤسسات القائمة والمساهمة في الارتقاء بها ولأن الصحفي هو الباحث عن الحقيقة دائما والمفتش والمساهم أيضا في صناعة غد أفضل لمجتمعه ووطنه"

وبدوره لا ينسى الصحفي محمد المدهون مراسل مجلة البيادر السياسي في قطاع غزة،وقوف نقابة الصحافيين الى جانبه منذ اللحظات الأولى لإصابته برصاص الاحتلال عند الحدود الشمالية أثناء الاحتفالات بإحياء ذكرى "يوم الأرض" .

وقال المدهون للـ"قدس":" ان وقوف الصحافيين والنقابة الى جانبه كان له الأثر الكبير في التخفيف عني ورفع الروح المعنوية لي في وقت لم يبادر فيه أحد من التنظيمات الفلسطينية التي طالما استضفتهم على صفحات البيادر السياسي بحوارات خاصة حتى ولو بالاتصال بي للاطمئنان على صحتي، كما لم يبادر أحد من تلك الكتل والتجمعات الصحفية التي نسمع عنها ليل نهار بالاتصال بي والاطمئنان عليّ، لكن الدور الكبير كان ومازال من إخواني الزملاء الصحفيين والصحفيات وفي مقدمتهم نقابة الصحفيين"

واستطرد المدهون:" أود الإشارة إلى أن النقابة قامت منذ اللحظات الأولى لإصابتي بإرسال رسائل عبر الهواتف النقالة لكافة الصحفيين تعلمهم فيها بنبأ إصابتي و كان لهذه الرسائل دور كبير في توافد الزملاء الصحفيين إلى مستشفى الشفاء للاطمئنان عليّ، كما أن الإخوة في الأمانة العامة للنقابة لم يتأخروا، وتوافدوا عدة مرات لزيارتي، سواءً في بيتي أو في المستشفى، وكانوا على اتصال دائم معي بشكل شبه يومي، وفي الوقت الذي تعذر سفري لاستكمال علاجي داخل فلسطين المحتلة عام 48، كانت النقابة سباقة  في تقديم المساعدة لي للسفر إلى جمهورية مصر العربية لاستكمال علاجي من خلال عمل التنسيق اللازم لي لدخول مصر مع السلطات المصرية".

ومن جانبه اتهم الاتحاد الدولي للصحفيين في بيان له، حكومة حماس في غزة بمحاولة زعزعة استقرار نقابة الصحفيين الفلسطينيين بعد قيام مجموعة من الصحفيين المقربين من الحركة بالاستيلاء على مكتب النقابة بدعم من الشرطة في غزة. وقال جيم  بوملحة رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين: "إن هذا تدخل سافر في شؤون الصحفيين ويشكل تهديدا لوحدة الإعلاميين في غزة واستقلاليتهم، ويجب على حماس حماية زملائنا وضمان إعادة مقر النقابة لقيادة النقابة الشرعية فورا".

وأضاف بوملحة: "إن حكومة حماس هي المسؤولة عن ضمان السلامة الجسدية للصحفيين ولممتلكاتهم، إن دعم قوات الأمن للهجوم على مقر نقابتنا هو إخفاق خطير في الحفاظ على النظام والقانون في غزة".

ويمثل الاتحاد الدولي للصحفيين ما يزيد على 600000 صحفي في 131 دولة حول العالم.

كما استنكر الاتحاد العربي أيضا في بيان له، استيلاء عناصر حماس على مقر النقابة وطالب بإخلائها فوراً وإعادة الأمور الى نصابها الى حين إجراء انتخابات جديدة.

ونددت كافة التنظيمات المنضوية تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية في بيانات متفرقة باحتلال حماس لنقابة الصحافيين  معتبرة ما حدث بلطجة علنية.

وأخيرا سؤال مهم يطرح نفسه هل سيكون الإقصاء هو عنوان حماس الى الأبد؟ ..أم أنها ستقتنع في يوم من الأيام بأنها جزء وليست  كل الشعب الفلسطيني..وبأن للآخرين أيضا في كل شيء نصيب؟

 

خاص مجلة القدس - تحقيق / منال خميس