سيلتئم مساء اليوم الخميس الموافق 3 أيلول/سبتمبر الحالي (2020) اجتماع الأمناء العامين واعضاء اللجنتين التنفيذية والمركزية في السابعة مساءً عبر آلية الفيديو كونفرس بين رام الله وبيروت. ومن حيث المبدأ يعتبر الاجتماع خطوة إيجابية. لا سيما أن حركتي حماس والجهاد ومعهما الشعبية والديمقراطية وآخرون كانوا يتذرعون بعدم المشاركة في اللقاءات القيادية إلا إذا تم انعقاد ما يسمونه "الإطار القيادي المؤقت" لمنظمة التحرير، مع أن تسميته وفق ما تم الاتفاق عليه "اللجنة الفنية" للمنظمة.

ومن الواضح أن الرئيس عباس في ظل تفاقم التحديات، واشتداد حجم المؤامرة على القضية والمشروع الوطني، ارتأى أن يتقدم خطوة للأمام تجاه حركة حماس خصوصًا وباقي الفصائل عمومًا حتى ينزع كل الذرائع والمعيقات للم الشمل السياسي الفلسطيني تحت راية وعباءة منظمة التحرير والقيادة الشرعية، وإرسال رسالة لإسرائيل نتنياهو وزمرته، وترامب وفريقه الصهيوني والمتصهينين العرب وللعرب الرسميين وغيرهم عنوانها وحدة الموقف السياسي الفلسطيني، ودفع عربة الحوار خطوة جديدة ونوعية للأمام، وقطع الطريق على صفقة العار الترامبية وجزئية الضم، وكل مشاريع التصفية للقضية ولخيار السلام الممكن والمقبول وطنيًّا.

ومما لا شك فيه، أنَّ عددًا من الأخوة في اللجنة المركزية لحركة "فتح" ساهموا بدور إيجابي في كسر الجمود الذي كان سائدًا بين الحركتين (فتح وحماس) قبل وبعد لقاء الفيديو كونفرس بين جبريل الرجوب، أمين سر اللجنة المركزية، وصالح العاروري، نائب رئيس حركة حماس يوم الخميس الموافق الثاني من تموز / يوليو الماضي (2020)، الذي شكل خطوة متقدمة على طريق تعزيز لغة الحوار الإيجابي بين الجانبين. كما كان لمشاركة حسن يوسف في المهرجان الرابع ضد الضم والتطبيع في ترمسعيا يوم الأربعاء الموافق 19/8/2020 أثر إيجابي لتطوير عملية التجسير والتقارب بين الحركتين.

ويأتي الاجتماع القيادي للأمناء العامين برئاسة الرئيس أبو مازن اليوم الخميس تتويجًا لتلك الجهود الإيجابية بين الطرفين خصوصًا، وباقي فصائل العمل السياسي عمومًا. لكن أهمية ونوعية هذا الاجتماع لا تقتصر على عقده فقط، وإنما بمخرجاته السياسية والتنظيمية واللوجستية، وإحداث النقلة النوعية المطلوبة على طريق المصالحة. لأن التغني بالاجتماع لمجرد عقده والتقاط الصور على أهمية ذلك، سيكون مضيعة للوقت والجهد وإضاعة الأهداف والغايات المطلوبة منه.

المطلوب ولقطع الطريق على كل القوى المعادية، والمتضررة من التقارب، التوافق على محددات أساسية أهمها: أولاً التأكيد على وحدة الشعب والأرض والمشروع الوطني والنظام السياسي الواحد الموحد، مع كل ما يترتب على ذلك من استحقاقات حكومية وأمنية ولوجستية ومالية واقتصادية؛ ثانيًا تكريس منظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد للشعب العربي الفلسطيني ونخبه وقطاعاته المختلفة: الاجتماعية والاقتصادية والتنظيمية والثقافية والأكاديمية؛ ثالثًا الاتفاق بشكل مسؤول على آليات وأشكال الكفاح إرتباطًا بالبرنامج السياسي بما يحمي مصالح الشعب العليا؛ رابعًا إلغاء وتصفية كل المشاريع المشبوهة التي اقيمت على ارض الوطن خدمة للمشروع الصهيو اميركي، ومحاربة صفقة القرن ومتفرعاتها وأولها سياسة الضم، وتعزيز فعلي وجدي للمقاومة الشعبية على الأرض؛ خامسًا إلغاء وتجسيد الإلغاء للاتفاقات المبرمة مع دولة الاستعمار الإسرائيلية كلها؛ سادسًا تشكيل جبهة عربية شعبية واسعة تمتد على مساحة الوطن العربي، لتشكل رافعة للنضال الوطني، وإعطاء عملية البناء للجبهة دورًا مركزيًا لتحقيق اختراق جدي على هذا الصعيد، والعمل على توحيد الإطر القومية القائمة؛ سابعًا بناء جبهة تحالفات أممية رسمية وشعبية من كافة القوى المحبة للسلام والعدالة، والخروج كليًا.

رغم اتساع دائرة التفاؤل نسبيًا، غير أن الضرورة تحتم عدم المغالاة والمبالغة في التفاؤل، لأن القوى المتربصة بالمشروع الوطني لا تهدأ ولا تنام، وتعمل بخطى حثيثة من أجل تكريس الانقلاب، وبقاء الانقسام والتمزق سائدًا في الساحة الفلسطينية. وحتى لا يصاب البعض بالاكتئاب والإحباط مطلوب التريث والانتظار والترقب، وتحفيز كل خطوة إيجابية.