ما زلنا نعيش تحت وطأة الانقسام، وما زال قرار قطاع غزة خارج إطار الشرعية الوطنية، هذا ما يؤكده الواقع، وتؤكده المفاوضات بين حماس وإسرائيل عبر الوساطات القطرية والمصرية. بالمقابل القيادة الشرعية ترفض أي شكل من أشكال العلاقة مع إسرائيل بما فيه رفضها لاستلام المقاصة، والتي هي أموال ضرائب فلسطينية، لأن عملية الاستلام هذه تحتاج شكلاً من أشكال التنسيق.

ولا يجوز القبول بأن يبقى القرار الخاص بقطاع غزة خارج الشرعية التوافقية الوطنية التي تنشأ الآن مع حضور حركتي حماس والجهاد اجتماعات القيادة، وتطور هذا الشكل ليكرس مصالحة وربما الذهاب لانتخابات في أي لحظة سياسية مناسبة. إنهاء انفصال غزة فيه رسالة قوية لمن يحاول تصفية القضية الفلسطينية، وله أهمية وطنية، لأنه يتعلق بوحدة جغرافيا الدولة الفلسطينية، وهي وحدة تضم العناصر الجغرافية الثلاث للدولة، الضفة والقطاع والقدس الشرقية كعاصمة للدولة، وهي وحدة تؤكدها قرارات الشرعية الدولية وحتى الاتفاقيات الموقعة (أوسلو) التي تنص بوضوح على الوحدة الجغرافية للضفة والقطاع.

كما لم يعد الانقسام مقبولاً، بعد أن ساد هذا التوافق في الموقف السياسي، فالكل الفلسطيني اليوم له الموقف ذاته من صفقة القرن والضم ومن كافة العناصر الرئيسية للقضية الفلسطينية. كما لم يعد مقبولاً أن نتساهل مع أي طرف إقليمي أو دولي يريد استخدام القضية كورقة لخدمة مصالحته هو وليس مصلحة الشعب الفلسطيني، مهما كانت الأسباب والشعارات المرفوعة. نحن نبني تحالفاتنا انطلاقًا من ما نريد نحن وليس ما يريده غيرنا لنفسه.

هناك مسألة غاية في الأهمية تستدعي إنهاء انفصال قطاع غزة، وهي مسألة تتعلق بالغاز الموجود قبالة شواطئ القطاع، وهو أول غاز تم اكتشافه شرق المتوسط، وكان استخراجه قد بدأ لولا الانقسام. هذا الغاز ملك الشعب الفلسطيني ويجب ان يكون خارج الاستقطابات التي تشهدها المنطقة. وللتوضيح، فإن شاطئ غزة وغازه لن يكون إلا في خدمة الأجندة الوطنية وليس أي أجندة اخرى، الغاز هو من المقدرات الوطنية يجب ان يكون بيد القيادة الفلسطينية الشرعية.

من يتابع المفاوضات الجارية الآن بخصوص التهدئة، يمكن أن يلاحظ ببساطة أن مستقبلاً منفصلاً يصاغ لقطاع غزة، ولا نريد أن ننفذ صفقة القرن بأيدينا، المقصود بيّد من يشارك في هذه المفاوضات. علينا أن نكون حذرين جدًا، لذلك يجب أن ينتهي الانقسام والانفصال فوراً، وفي سياق ذلك أن نعزز الوحدة والشراكة الوطنية بدل اللعب على حبال الانفصال ومغرياته الوهمية، والتي لن تكون إلا جزءًا من مخطط تصفية القضية الفلسطينية.