في حالة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي كل تفصيل هو مهم، لأنه صراع شامل يدور حول كل شيء، ومن بين التفاصيل المهمة هذه الانتخابات الرئاسية الأميركية، لأن طبيعة ومواقف الشخص الذي يحتل المكتب البيضاوي تؤثر مباشرة علينا. والدليل الرئيس ترامب الذي أصابنا وأصاب القضية الفلسطينية بطعنة غادرة، خصوصًا عندما اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وخنق وكالة الاونروا، وقلب رأسًا على عقب مرجعيات عملية السلام، حيث نحى جانبًا القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، وانهى مبدأ حل الدولتين. وهذا ما لم يقدم عليه اي رئيس أميركي قبله.
قد يقول قائل: إن الولايات المتحدة وبغض النظر عن الرئيس الموجود في البيت الأبيض، هي منحازة لإسرائيل ولا يمكن أن تسمح بالمس بها. وتحافظ على تفوقها الأمني والعسكري والتكنولوجي في المنطقة، وأن واشنطن هي صاحبة المشروع الصهيوني الفعلي والحقيقي. هذا صحيح بالمجمل ولا خلاف عليه، ولكن ومع ذلك هناك فوارق بين رئيس وآخر في النظر إلى المصالح الأميركية من هذا المشروع، ولذلك نهتم بهذا التفصيل، لان هذا الفارق، أما أن يكون فسحة نأخذ من خلالها نفسا لتعزيز وجودنا وصمودنا على أرضنا، أو أن يكون سنوات عجافا وحملة من الضغوط والخنق، كما حصل مع سنوات حكم ترامب.
وبغض النظر عن مواقف أي رئيس أميركي، وبغض النظر عن تبني الولايات المتحده للمشروع الصهيوني، فالشعب الفلسطيني ليس أمامه خيار سوى المضي قدمًا بمشروعه الوطني، مشروع الصمود والكفاح ضد الاحتلال ومن أجل تحقيق الحق بالعودة وتقرير المصير والحرية والاستقلال الوطنى. ولكن في المساحة التكتيكية هناك أهمية للانتخابات الرئاسية الأميركية، وهناك أهمية لهذه الانتخابات تحديدًا لاننا أمام رئيس أميركي لا يمزق بوحشية الجسد الفلسطيني ويعمل على القضية الفلسطينية، وحسب وإنما يقوم باخضاع العرب للمشروع الصهيوني إخضاعًا كاملاً، لذلك وبغض النظر عن الشخص الذي ينافسه، فإن لنا مصلحة مباشرة بألا يفوز ترامب لفترة رئاسية ثانية.
وفي التفاصيل، سواء ما تعلق منها بالقضية الفلسطينية والصراع الفلسطيني والعربي مع إسرائيل، أو من زاوية المصلحة الإنسانية، مصلحة البشرية جمعاء نرى أن استمرار ترامب في الحكم لأربع سنوات قادمة سيلحق ضررًا فادحًا بالجميع وفي مقدمتهم ذلك الشعب الأميركي نفسه. هذا الرجل لا يقيم وزنًا للمناخ والبيئة، ولا يقيم وزنا لتعاون دولي يستند لمبدا توازن المصالح، ولروح القانون الدولي. وفي الداخل الأميركي، هو يحطم فكرة وجود شعب أميركي، وهي الفكرة التي ناضلت من أجلها كل مكونات هذا الشعب، فهذا الرئيس يغذي العنصرية ويحرض على الغالبية العظمى من الشعب الأميركي، فهو ينافق حتى في شعار "أميركا أولاً" لان ما يعمل من أجله ليس أميركا وإنما من اجل عصابته الضيقة جدًا ومن أجل الصهيونية العالمية.
أما عن السؤال لماذا ننتظر الانتخابات الأميركية؟ 
إننا كشعب دفع ثمنًا باهظًا من وجود ترامب، ننتظر الخلاص من هذا الرئيس، لانه كان وقحًا جدًا معنا كبشر وكشعب يكافح من أجل حريته، متمسكا بالقانون الدولي والشرعية الدولية.
لسنا وحدنا من يريد إزاحة هذا الرئيس، بل العالم كله، ربما باستثناء عصابة نتنياهو وبعض المغفلين العرب، وبقايا الحقبة الاستعمارية العنصرية، التي اخذت نفسًا قويًا من وجود هذا الرئيس في البيت الابيض.