بعدما توارى عن الأنظار والأخبار منذ مطلع ليلول/ سبتمبر 2019 حينما قدم إستقالته من مهمته، عاد مستشار الرئيس دونالد ترامب، جيسون غرينبلات الصهيوني يطل برأسه مجددًا عبر مقال نشره يوم الإثنين الماضي الموافق 15/6/2020 في صحيفة "جيروزليم بوست" الإسرائيلية، خلاصة ما أراد قوله: "إن الضفة الفلسطينية ليست فلسطينية"، وإنه "لا يفترض بسط السيادة الإسرائيلية عليها غير قانوني." وعاد يجتر ما حملته إتفاقية أوسلو، التي قتلها، ودفنها نتنياهو منذ حكومته الأولى 1996، ولم يعد لها وجود فعلي على الأرض، والمقولة التي إتكأ عليها محام العقارات، بأن "الأرض الفلسطينية أرضًا متنازع عليها." ويتابع جهله وأميته السياسية والقانونية، عندما يخلص للقول، "والطريقة الوحيدة لإنهاء النزاع، هي المفاوضات بين الطرفين."

لا أريد رن أقتبس أكثر من ذلك، لأن هدفه الأساس من مقالته مدفوعة الثمن تأكيد "حق إسرائيل" في مصادرة الأراضي الفلسطينية، وضرب خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، وشطب عملية السلام، والترويج للصفقة المشؤومة، التي ساهم في صياغتها وفق المشيئة النتنياهوية اليمينية المتطرفة، والتغطية على شقها المتعلق بضم الأراضي الفلسطينية.

وسأذهب بعيدًا مع الباحث عن المال والضوء في آن، بتعبير آخر، لو لم تدفن أوسلو من قبل إسرائيل، وشيعتها قبل أعوام ثلاثة إدارة سيدك الأفنجليكاني، ومازالت تنظم العلاقة بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، وعدنا لما ذكرته، بأن "الأرض متنازع" عليها، بتعبير دقيق ووفق أي قانون محلي أو دولي، لا يجوز لطرف إجراء أيّة تدابير عليها من طرف واحد. وتخضع للمفاوضات لحين الإتفاق بين الطرفين على الصيغة النهائية فيما بينهما بشأنها. أي لا يجوز لدولة الإستعمار الإسرائيلية القيام بإرتكاب أيّة أعمال على الأرض المحتلة في الخامس من حزيران 1967 من حيث المبدأ، وبالتالي كل ما إرتكبته من جرائم حرب عليها ممثلة بالبناء الإستعماري، وشق الطرق، وإقامة معسكرات لجيشها وأجهزتها الأمنية مخالفة وغيرها من الإنتهاكات لإتفاقية أوسلو، التي يدعي غرينبلات التمسك بها تصبح خارجة على القانون الدولي، وعلى إسرائيل إزالتها فورا دون قيد أو شرط إلى حين ترسيم الحدود بين الطرفين.
مع ذلك أؤكد للمحامي الصهيوني، أن القيادة الفلسطينية والمجتمع الدولي تجاوزوا الإتفاقية الميتة في أكثر من نص قرار أممي. ولكن سأتوقف أمام قرارين هامين فقط، هما القرار 67/19 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 تشرين ثاني/ نوفمبر 2012، والذي صادق على الإعتراف بدولة فلسطين عضوا في الأمم المتحدة، كدولة مراقب، لها كل امتيازات الأعضاء بإستثناء التصويت، وصوت لصالح القرار 138 دولة، وكان ضده 9 دول بينهما اميركا وإسرائيل والجزر غير المرئية. وهذا القرار أكد على ان دولة فلسطين تقوم على الأراضي المحتلة في الخامس من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
والقرار الأممي الثاني، هو القرار رقم 2334 الصادر عن مجلس الأمن في 23 كانون اول/ ديسمبر 2016، والذي صوت لصالحه 14 دولة وإمتناع أميركا عن التصويت. والقرار يعتبر من أهم القرارات الأممية المؤكدة على الحقوق والمصالح الوطنية الفلسطينية، وأهمها أن الأرض المحتلة عام 1967 هي ارض الدولة الفلسطينية بما فيها القدس الشرقية، ويرفض الإستيطان الإستعماري الإسرائيلي، وكل الإنتهاكات والجرائم، التي ترتكبها حكومات إسرائيل المتعاقبة.
إذًا تيها المحامي الجاهل في القانون الدولي، شيء لا تفقه به، لا تفتي به، ولا تورط نفسك بشأنه، وابقى تابع العمل والمرافعات في مجال العقارات، لإنها ميدانك، ولعبتك. لكن في ميدان السياسة والقانون الدولي، اثبتت مع رئيسك وفريقك الصهيوني السابق، إنكم جهلة، أو إستعملتم نفوذ الإدارة الأميركية الأفنجليكانية المتصهينة وجيرتوها لتنفيذ مخطط جهنمي يتعارض مع كل القوانين الوضعية والدينية والإنسانية، ويدفع البشرية لمتاهة الحروب والفوضى، واتكأتم على الأساطير والخزعبلات الصهيو أفنجليكانية، وسوقتم بضاعة فاسدة وخطيرة هددت السلم والأمن الإقليمي والعالمي، وضربتم عرض الحائط بخيار السلام الممكن والمقبول والمدعوم دوليًا من دول وأقطاب العالم. وعليه أنصحك، أن تبعد كثيرًا عن فتاوي التجهيل والتخريف، فهذا أفضل لك. مع إني أعرف أنك لا تستطيع، لأنك تاجر وصهيوني ومعادي للحقوق الوطنية الفلسطينية وللعرب عمومًا والسلام.