أبلغ وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، في لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، بموقف ألمانيا، والاتحاد الأوروبي من مخطط الضم، قال بِشكل رسمي وعلني أنَّ بلاده والاتحاد الأوروبي يرفضون هذا المخطط، الذي يمثّل انتهاكًا للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، وهو من وجهة نظرهم تصفية لحل الدولتين، الذي يدعمه الاتحاد بقوة، ويعتبره الحل المنصف، والقادر على الصمود وتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.

الموقف الصارم الذي أبلغه ماس للجانب الإسرائيلي يتضمن إمكانية أن يفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات اقتصادية على إسرائيل، إن هي أقدمت بالفعل على الضم، ونعتقد أنه قال لنتنياهو لا تختبروا الموقف الأوروبي عندما يكون الأمر أن يختار الاتحاد بين إسرائيل والقانون الدولي، فالاتحاد سيختار القانون الدولي ومبادئه في تحقيق العدل، وهذا ما أعلنه الوزير الألماني حتى قبل مجيئه إلى إسرائيل، والمهم أن نشير هنا، واستنادًا لمصادر فلسطينية رسمية، إلى أنه ليس صحيحًا ما أشيع أن هناك دولتين، أو ثلاثًا في الاتحاد الأوروبي، لن ترفض الضم، فما أبلغ به الجانب الفلسطيني رسميًا، أنَّ دول الاتحاد كافّةً ترفض الضم، وتعتبره أمرًا خطيرًا وانتهاكًا صارخًا للقانون الدولي.

والموقف الأوروبي كان صارمًا إلى جانب موقف الأمم المتحدة وروسيا في اللجنة الرباعية، عندما رفضوا اقتراح إدارة ترامب بمناقشة صفقة القرن، وانتهى اجتماع الرباعية في عشر دقائق. صرامة الموقف الأوروبي الذي يصل للمرة الأولى في تاريخ الاتحاد بأن يهدد جديًا بفرض عقوبات على إسرائيل، وهذه هي الرسالة الرئيسة التي جاء ماس ليبلغها لنتنياهو. أما الخطوة التالية للاتحاد الأوروبي إن أقدمت إسرائيل على الضم، فهي الاعتراف بالدولة الفلسطينية، على حدود الرابع من حزيران/يونيو 1967.

من الواضح أنَّ أوروبا ترغب بتجاوز مسار الظلم التاريخي للشعب الفلسطيني، الذي تتحمل هي مسؤوليته وكانت سببًا له. وهناك مصلحة مباشرة للاتحاد الأوروبي بإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، باعتباره الأقدم والأعقد، ولأنّ القضية الفلسطينية شكّلت مادة استخدام لأطراف عدة، وخاصة من الحركات المتطرفة التي مارست الارهاب على الساحة الأوروبية، وقادت إلى توترات وأزمات تسببت بموجات الهجرة إلى الدول الأوروبية، وهذا ما لا يريد الاتحاد الأوروبي استمراره وتفاقمه مع مخطط الضم الإسرائيلي.

هناك ارتياح فلسطيني من الموقف الأوروبي، الذي نأمل أن يتطور إلى اعتراف بالدولة الفلسطينية، فلا شيء يمكن أن يلجم إسرائيل أكثر من هذا الاعتراف. نقطة الضعف في كل ذاك، وحتى في إمكانية أن يتطور الموقف الأوروبي ويستمر صلبًا، هو غياب الموقف العربي الرسمي والشعبي، وهذا الصمت المريب الذي قد نفسره تواطؤًا، أمر معيب، وكذلك أن يكون الموقف الأوروبي والدولي أكثر قوة ووضوحًا من الموقف العربي. المشكلة في هذا الموقف أن العرب لا يدركون على ما يبدو خطر الضم وتصفية القضية الفلسطينية عليهم وعلى دولهم وشعوبهم.