نقلت بعض تقارير الأخبار، أن الملياردير الايطالي "جورجيو أرماني" صاحب الماركة العالمية، لأزياء النخب الثرية، وفي مواجهة جائحة "الكورونا"، التي تجتاح بلاده، أعلن قائلاً "لن أدع إيطاليا تسقط على ركبتيها، حتى لو أنفقت ثروتي كلها". وفي ظل هذا الخبر، انتشرت صورة على مواقع التواصل الاجتماعي للمطربة الاماراتية أحلام، وهي تلبس كمامة واقية، مرصعة بالألماس، بقيمة عشرة ملايين دولار، لتحميها من فيروس كورونا (...!!!) وإذا ما صحت هذه الصورة فإن هذه الفنانة (..!!) تبدو وكأنها لا ترى أحدا في جائحة "الكورونا" سوى نفسها، وبكمامة لا تلمع ماساتها بغير الأنانية المفرطة، والتباهي المريض ..!! وحتى لو لم تكن هذه الصورة صحيحة، ثمة أكثر من مليارديرعربي، لم نسمع منهم موقفًا يقارب بالحد الأدنى موقف الملياردير الايطالي "أرماني" وكأنهم وجائحة "الكورونا" على وفاق (..!!) طالما تظل خزائنهم عامرة ...!! أو لعلهم كمثل إبن النبي نوح عليه السلام، الذي  وحين عم الطوفان، توهم جبلاً سيعصمه من الغرق، وكان الرد المفحم كما جاء في القرآن الكريم " قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم، فحال بينهما الموج فكان من المغرقين".

وجائحة "الكورونا" إذا ما اجتاحت وتفشت كالطوفان، لا جواهر تحمي، ولا خزائن تحصن، ولا عاصم من أمر الله، إلا من رحم، بحسن الإيمان والانتماء، وحسن التعاضد والتكافل والتراحم.      

وإذا كان في خبر "أرماني" ما يشير إلى عمق انتمائه الوطني والانساني، فإن كمامة الألماس "الأحلاموية" عديمة الانتماء تمامًا، حتى للنعمة التي هي فيها، وهي تكفر بها بهذه الصورة الاستعراضية، التي لها من هذه الصور قبل ذلك الكثير ..!!! والواقع لم يعد ممكنًا أن نقول اليوم "من حكم بماله فما ظلم" لأن ما ارتكبته المطربة الإماراتية أحلام، وقد باتت مثالاً هنا، لم يكن حكمًا بمالها، وإنما هو البطر الذي هو في معجم اللغة، التكبر الذي يستخف بالنعمة فيكفرها، ونقل الرواة عن محدثين في الفقه والشريعة "أن البطر أشر أهل الغفلة، وأهل الباطل والركوب لمعاصي الله"، ولأن العلي القدير قال في محكم كتابه الكريم "وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها" وبما يعني أن البطر كفر والعياذ بالله.

البشرية اليوم تنوح جراء جائحة "الكورونا" من مشرقها إلى مغربها، ودرهم الوقاية من هذه الجائحة، بعضه في هذه اللحظات العصيبة، هو موقف التكاتف والتعاضد الإنساني، الذي على كل مقتدر، فردًا أو جماعة أو دولة، أن يساهم في تجسيده، وما يحتاجه الناس الآن ليس سوى تعزيز سبل الوقاية والمناعة والصمود، بكرم العطاء، وحسن الانتماء للحياة، بمعانيها وقيمها الإنسانية، لا بصور التباهيات المريضة،  والمواقف العنصرية التي تخرج أصحابها من صنف البشرية ..!!