لمنتدى ياسر عرفات في متحفه ثمة ذاكرة وطنية تدون في برنامج احتفاءات أصيل سيرة قادة النضال الوطني الفلسطيني من مختلف فصائله، بكلمات حميمية تشعل شمعة في أعياد ميلادهم، وتعلي راية الأمل والتحدي في ذكرى استشهادهم.

ما من حزبية هنا في هذه الذاكرة، وهذا البرنامج، بل الوطنية الفلسطينية، وأيقونة الارتكاز والتقرش الوحدوي ياسر عرفات، وحيث بلاغة الوحدة الوطنية، حكاية من حكاياته، لكنها الحكاية التي تتجلى كمتن وتفاصيل في سيرة مختلف قادة النضال الوطني الفلسطيني، وهي تمضي بمحبة وإيثار في دروب الوحدة الوطنية، على هذا النحو رأيت القائد الوطني الكبير، أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الشهيد أبو على مصطفى، يوم أمس الأول، في منتدى ياسر عرفات، وهو يحتفي بذكرى ميلاد هذا القائد الشهيد الذي كسر غوغائيات الموقف من "أوسلو" وعاد للوطن لمواصلة مسيرة الكفاح الوطني، من على أرض ساحة الصراع الرئيسة.

ولعلي اعترف أني لم أكن ملما بالكثير من تفاصيل سيرة هذا القائد الشهيد، خاصة ما يتعلق بنهجه الوطني الوحدوي، الذي كان يشدد أيا كان الخلاف مع ياسر عرفات كان الموقف الأساس الراسخ والأكيد، لا اختلاف عليه، ومع أمير الشهداء، خليل الوزير، أبو جهاد، كان القائد الكبير الشهيد أبو علي مصطفى الصديق الصدوق، والأخ الحميم، سوية كانا يمضيان في دروب الثورة، بلا استعراضات، ولا خطابات استهلاكية ودائما بصمت يجسد بلاغة العمل على أرض الواقع.

من بيت في عرابة جنين، خرج أبو علي مصطفى بثقافة الحداد أبيه، وثقافة الحداد بوطنية عالية، هي ثقافة تطويع المستحيل، وصهر الصعب، لأجل أصلب سبيكة ممكنة، ولهذا تميز أبو علي مصطفى بصلابة، كانت واحدة من أبرز سماته، ومن أوضح هوياته، ولطالما جعلها صلابة تحصن الوحدة الوطنية وتحميها، دون ثرثرات التنظير الفكرية، والعصبويات الحزبية. كم نفتقد أبو علي مصطفى اليوم، في هذا الإطار، وكم نفتقده إنسانا وقائدا ووطنيا ما أخطأ يوما بوصلة فلسطين، وما كان ليرضى بغير بيت الشرعية، مكانا لسكناه وحياته الوطنية والنضالية.

لن ننساه، وياسر عرفات يجمع من حوله مختلف رفاق الدرب، والمسيرة  النضالية، من كافة فصائل العمل الوطني، يجمعهم  في سيرته، وفي متحفه بمنتداه الأثير وحيث فرسان المنتدى يفتحون دفاتر الذاكرة بنهج وطني أصيل.