بسم الله الرحمن الرحيم
حركة "فتح" - إقليم لبنان/ مكتب الإعلام والتعبئة الفكرية
  النشرة الإعلامية ليوم الخميس 26-12-2019

*رئاسة

السيّد الرئيس يتلقَّى برقيةَ شكرٍ جوابيّةً من الرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية
  تلقَّى رئيس دولة فلسطين محمود عبّاس برقيةَ شكرٍ جوابيّةً من الرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق إغناطيوس، أفرام الثاني، على تهنئة سيادته له بأعياد الميلاد المجيدة.
وقال البطريك أفرام الثاني في برقيته: "نشكرُ لكم معايدتكم الكريمة لمناسبة أعياد الميلاد المجيدة والسنة الجديدة، وننتهز الفرصة لنبادلكم المحبّة، والتمنّيات بعودة الأعياد بالخير والسلام عليكم وعلى الشعب الفلسطيني".
وأضاف: "نُصلّي حتى يعود السلام إلى فلسطين لينعم أبناؤها الأبطال بالطمأنينة، ويكلّل التحرير صمودهم في وجه الظلم ومقاومتهم للاحتلال".

*فلسطينيّات

"الخارجية": الاحتلال يتحمَّل المسؤولية المباشرة عن اقتحام مستوطن لكنيسة القيامة
  حمَّلت وزارة "الخارجية والمغتربين" سلطات الاحتلال الإسرائيلي المسؤولة المباشرة عن اقتحامِ أحد المستوطنين كنيسة القيامة في مدينة القدس المحتلّة وترويع المصلّين والزائرين، كونها (القوة القائمة بالاحتلال) وتتحمَّل المسؤولية كاملةً عن توفير الحماية للفلسطينيين وزوّارهم في الأرض المحتلّة.
وأكَّدت الخارجية في بيان صحفي اليوم الخميس ٢٦-١٢-٢٠١٩ أنَّ هذا الاعتداء الخطير، وغيره من الاعتداءات التي تستهدف دُوْر العبادة، يمثِّل خرقًا واضحًا للقانون الدولي الإنساني، إضافةً إلى كونه انتهاكًا صارخًا لحُرّيّة العبادة كما نصَّت عليها القوانين الدولية.
وقالت: "في الوقت الذي تتصاعد فيه اقتحامات المجموعات الاستيطانية المتطرّفة للمسجد الأقصى المبارك وباحاته، اقتحم مستوطن متطرّف يحمل سكينًا كبيرة كنيسة القيامة بالقدس المحتلة في ذروة الاحتفالات بعيد الميلاد المجيد، ما تسبّب في حالة كبيرة من الذعر بين المصلين والزائرين، وقامت شرطة الاحتلال بتوقيفه وبعد ساعات قليلة أطلقت سراحه".
وأضافت الخارجية: "لو كان فلسطيني اقتحم إحدى دُوْر العبادة اليهودية لأقدمت قوات الاحتلال وشرطته على إطلاق النار عليه وقتله بدم بارد، وقامت أيضًا بمداهمة بلدته واقتحام منزله واعتقال عائلته عن بكرة أبيها وصولاً إلى هدم منزله، في المقابل، مستوطن متطرف يقتحم كنيسة بهدف القتل في فترة أعياد الميلاد المجيدة وسط حشود كبيرة من المصلين بهدف إرهابهم وإراقة الدماء داخل الكنيسة وفرض الانطباع بأنَّ المسيحيين في فلسطين غير آمنين في كنائسهم، وأنَّ المسيحيين بشكل عام غير مرحَّب بهم من دولة الاحتلال، يطلق سراحه بعد نصف ساعة، كي تبقى تهمة (الإرهاب) ملتصقةً فقط بالفلسطيني دون غيره كما حاولت دولة الاحتلال وعبر حكوماتها المتعاقبة وإعلامييها أن يسوّقوا على مدار سنين طويلة.
وأشارت الخارجية إلى أنَّ وسائل الإعلام الإسرائيلية وبالتآمر مع أجهزة الدولة تواطأت في التعتيم الكامل على هذا الموضوع، ولولا أنَّ القضية انتشرت بشكل كبير من قبل رواد الكنيسة وجرى تداول تفاصيلها، لما أُجبِرَت سلطات الاحتلال على نشر خبر موجز حول الموضوع دون الدخول في تفاصيله وعدم العــودة إلى نشره لاحقًا.
وتساءلت الخارجية: "هل هذا المستوطن اليهودي المتطرّف والعنصري تحرّك من تلقاء نفسه ضمن ثقافة العنصرية والفاشية التي يتمُّ ضخّها بكثافة في عقول هؤلاء المتطرفين؟ أم أنّه قد تمَّ تكليفه بشكل متعمّد وفي هذا التوقيت الخاص بالمسيحيين في العالم، وفي هذا المكان بالذات لضرب السياحة المسيحية لأرض فلسطين؟".
وقالت: "للأسف، التعتيم على هذه القضية لم يقتصر فقط على دولة الاحتلال ومؤسّساتها ووسائل إعلامها وإنّما أيضًا شمل وسائل الإعلام الدولية، خاصّةً في تلك الدول الكاثوليكية التي كان من المفترض أن تستشعر خطورة مثل هذا العمل الإرهابي الجبان، الذي لو تمّ لأدّى -لا سمح الله- إلى سقوط عديد الضحايا من المدنيين الأبرياء".

*مواقف "م.ت.ف"

الحسيني: الانتخابات حقٌّ لأبناء شعبنا كافّةً ويجب إجراؤها في القدس
  قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظّمة التحرير، رئيس دائرة شؤون القدس، عدنان الحسيني إنّه إذا مورست الضغوطات على حكومة الاحتلال ستُجرَى الانتخابات في القدس المحتلة، التي هي حقٌّ لأبناء شعبنا كافّةً.
وجدَّد الحسيني في حديث لإذاعة "صوت فلسطين"، اليوم الخميس، تأكيده على قرار القيادة وعلى رأسها الرئيس محمود عبّاس بأنّه "لا انتخابات من دون القدس المحتلّة".
وفي سياق آخر، حمّل الحسيني حكومة الاحتلال مسؤولية خطورة الأوضاع وتدهورها في القدس المحتلة منوّهًا إلى أنَّ ذلك نتاج تلقين الاحتلال لأبنائهم التعليمات في مدرسة الكره والعنف، والعنصرية ضدَّ المسلمين والمسيحيين.

*مواقف فتحاويّة

الفتياني: دعواتُ "حماس" لإصدار مرسوم الانتخابات محاولةٌ بائسةٌ لتحريض الرأي العام
  رأى أمين سر المجلس الثوري لحركة "فتح" ماجد الفتياني أنَّ دعوةَ حركة "حماس" لإصدار مرسوم رئاسي لإجراء الانتخابات من دون القدس محاولةٌ بائسةٌ لتحريض الرأي العام والمجتمع المحلي، معتقدةً بذلك أنّها تستطيع تغيير توجّهات أبناء شعبنا، وبالتالي كسب المزيد من الأصوات.
وقال الفتياني في حديث لإذاعة "صوت فلسطين" الرسمية، صباح اليوم الخميس، إنَّ هذه الدعوات "تُشكِّل تساوقًا مع المخططات الصهيوأميركية الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية"، مؤكِّدًا: "لن نعطي الاحتلال فرصةً لفرض سياسة أمر واقع في المدينة المقدسة".
وأكّد أنَّ "الانتخابات قرار وإرادة سياسية وحقٌّ مكفول لأبناء شعبنا، وبالتالي لا يمكن تصديق هذه الغيرة الكاذبة من" حماس" على إجراء الانتخابات".

*إسرائيليّات

بينيت يُهاجم محكمة "لاهاي" ويصفها بـ"مصنع لمعاداة الساميّة"
  هاجم وزير الجيش الإسرائيلي، نفتالي بينيت، المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بشدّة، ووصفها بأنّها "مصنع معاداة السامية".
 جاء ذلك خلال تخريج فوج طيارين في سلاح الجو الإسرائيلي، مساء يوم الأربعاء، وتعقيبًا على قرار المدّعية العامة في محكمة الجنايات الدولية "لاهاي"، فاتو بنسودا، التحقيق في جرائم حرب إسرائيلية.
وقال بينيت، حسب وسائل إعلام عبرية، إنَّ "لاهاي هي مصنع معاداة السامية المعاصر. وسنحارب الإرهاب كأنّه لا توجد لاهاي، ولاهاي سنحاربها كأنه لا يوجد إرهاب".
وأضاف: "أتوجّه هُنا بشكل واضح إلى جنود الجيش الإسرائيلي وضباطه، في الماضي والحاضر: دولة (إسرائيل) ستوفّر قبّة حديدية قانونية لجنودها وضباطها. أنتم تدافعون عنا، ونحن سندافع عنكم. لن يرتدع أي جندي وأي ضابط عن الدفاع عن حياة شعبه وعائلته بسبب المحكمة المنافقة في لاهاي".
وتابع بينيت: "لأنَّ هذه هي نقطة الانطلاق للمحكمة، فإنَّنا سنخسر في أيّ مداولات تجري فيها، ليس لأنَّنا ارتكبنا أمرًا سيئًا –معاذَ الله- وإنّما ببساطة لأننا دولة اليهود. وأي محاولة منا لنثير إعجاب هذه الهيئة، مصالحتها والتملُّق لها، لن تنجح. وفي كل مرة يوبّخنا فيها العالم المنافق ونتقبّل توبيخه باستسلام، فإنّهم يريدون الاستزادة وحسب. ولاهاي هي مصنع معاداة السامية المعاصرة. والآن، بينما تتضح الصورة، نحتاج إلى التعامل معهم كمعادين للسامية".
ومضى بينيت قائلاً: "في السنوات القريبة سنزيد قوّة سلاح الجو ليصل إلى قدرات هجومية غير مسبوقة: أكثر فتكًا، أكثر دقة وذو ذراع أطول وأقوى ولأمدية أطول".

*عربي ودولي

رئيس غينيا يؤكِّد مواقفَ بلاده الثابتة تجاه القضية الفلسطينية
  أكَّد الرئيس الغيني البروفيسور ألفا كوندي مواقفَ بلاده الثابتة تجاه القضية الفلسطينية.
وطلب الرئيس كوندي، لدى استقباله في قصره بالعاصمة كوناكري، سفير دولة فلسطين ثائر أبو بكر، نقل تحيّاته للرئيس محمود عبّاس.
واستعرض أبو بكر البرامج التنموية التي تنفِّذها الوكالة الفلسطينية للتعاون الدولي في غينيا، وشكره على مواقفه الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني في المحافل كافّةً.

*أخبار فلسطين في لبنان

مخيَّم مار الياس يُضيء شجرة الميلاد المجيد
برعاية اللجنة الشعبية في مخيّم مار الياس في بيروت، وكعادتها في كلّ عام، وبمناسبة ميلاد نبي الله عيسى "المسيح" عليه السلام، أضاءت جمعية "أصدقاء فلسطين في ألمانيا" شجرة الميلاد، مساء الأربعاء ٢٥-١٢-٢٠١٩.
وحضر الفعالية أمين سر حركة "فتح" وفصائل "م.ت.ف" في منطقة بيروت العميد سمير أبو عفش، وأمين سر اللجان الشعبية الفلسطينية في بيروت أبو عماد شاتيلا، وراعي كنيسة مار الياس الأب سمير عطايا، ومندوب جمعية أصدقاء فلسطين في ألمانيا أكرم هنداوي، وحشد من عائلات شعبنا المسيحية ومن أهالي المخيّم.
وهنَّأ العميد أبو عفش، في كلمته، أبناء شعبنا عمومًا، والعائلات العائلات المسيحية من شعبنا الفلسطيني في مخيّم مار الياس على وجه الخصوص، بمناسبة الميلاد المجيد، ونوَّه بالتلاحم الإسلامي المسيحي في فلسطين في مواجهة الاحتلال الصهيوني، مُشيدًا بالعيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين من شعبنا الذي لم يستطع الاحتلال زعزعته بزرع الفتنة بينهم رغم محاولاته المتعددة.
ووجّه العميد أبو عفش التحية للجنائية الدولية على قبولها طلب فلسطين لمحاكمة الكيان الصهيوني، الأمر الذي يفتح الباب أمام مطاردة المجرمين من وزراء وقادة عسكريين. كما وجّه التحية لجمعية أصدقاء فلسطين في ألمانيا على دعمها  الشعب الفلسطيني في مخيّمات بيروت.
بدوره، حيّا أبو عماد شاتيلا الأُسَر المسيحية في المخيّم، وعاهد الحاضرين الحفاظ على النسيج  الفلسطيني المسيحي الإسلامي في المخيم، مؤكّدًا أنَّ هذا النسيج هو نسيج وطني يحتذى به على صعيد العيش المشترك، ومُثمّنًا الدور الذي تؤديه جمعية أصدقاء فلسطين في ألمانيا تجاه المخيّمات الفلسطينية.
من جهته، أشاد الأب سمير عطايا بدور الفصائل واللجنة الشعبية في الحفاظ على صمود الأسر المسيحية وتأمين سائر الخدمات لهم، وشدَّد على استمرار هذا التعايش المشترك، وتوجّه بالتحية إلى المقدسيين بشكل خاص، وإلى الفلسطينيين بشكل عام في الأراضي المحتلة، لدفاعهم عن المقدسات الدينية الإسلامية والمسيحية.

*آراء

كتابُ "سيكولوجيا الجماهير"| بقلم: د.خليل نزّال
  رغم مرورِ ما يزيدُ على مئةِ عامٍ على كتابتهِ، ما زالَ كتابُ "سيكولوجيا الجماهير" لمؤلّفهِ الفرنسي غوستاف ليبون Gustave Le Bon أهمَّ المراجعِ العلميّةِ لدراسةِ ظاهرةِ "الجماهيرِ" بصفتِها واحدةً من أهمِّ الظّواهرِ التي رافقت تطوّرَ المجتمعاتِ من جهةٍ، وكانت سببًا في تفكّكِها أو تطوّرِها من جهةٍ أخرى. الكاتبُ عالِمٌ فرنسيٌّ مختصٌّ بعلمِ النفسِ عمومًا وبعلمِ النفسِ الاجتماعيِّ على وجهِ التّحديدِ، ويعتبَرُ كتابهُ المختَصرُ "سيكولوجيا الجماهير" الذي صدرَ عام ١٨٩٥ خلاصةَ أفكارِهِ المرتكزةِ إلى البحثِ العلميِّ بعيدًا عن معتقداتِهِ الشّخصيّةِ. فعلى الرّغمِ مما عُرِفَ عنهُ من الإلحادِ فإنَّه لمْ يُغفِلْ دورَ الدِّينِ والمُعتقداتِ وأثرَهما الإيجابيَّ في تطوّرِ المجتمعاتِ والحفاظِ على وحدتِها وتماسُكِها. كما أنَّ نظرتَهُ النّقديّةَ لانتشارِ "ديانةِ" الديمقراطيّةِ والمساواةِ بين الأفرادِ وخاصّةً في مجالِ الحقِّ الانتخابيِّ لمْ تَحُلْ دونَ استخدامِ العلمِ والعقلِ لتفسيرِ الظّواهرِ المرافقةِ لبزوغِ فجرِ هذا "الدّينِ" الذي عمَّ في المجتمعاتِ الغربيةِ مع نهايةِ القرنِ التاسعِ عشرِ وبدايةِ القرنِ العشرين.

أهمُّ ما يرتكزُ إليه الكتابُ هو التمييزُ الحادُّ بين نفسيةِ أو سلوكِ الفرْدِ وبينَ سلوكِ "الجمهورِ" أو "التجمّعِ" أو "الحَشْدِ" مهما كان شكلُهُ وأهدافُهُ، فالجمهورُ ليسَ مجرّدَ حصيلةٍ لمجموعِ الأفرادِ المشاركينَ فيه، لكنّهُ جسمٌ مستقلٌّ بذاتِهِ تحرّكُهُ فكرةٌ عليا أو هدفٌ محدَدٌ. ولعلَّ ما يلفتُ النّظرَ هنا هو الوصفُ الدّقيقُ لخصائصِ الجمهورِ وأوّلُها هو قابليّتُهُ "الفطريةُ" للتلاعبِ بعواطفِهِ وللتحكّمِ بتوجهاتِهِ والانقيادِ لشعاراتٍ وأهدافٍ متغيّرةٍ لا تتركُ مجالاً للتفكيرِ العقلانيِّ لكلِّ فردٍ من أفرادِهِ. هذا يلغي عمليًّا دورَ الفردِ ويحوّلهُ إلى جزءٍ مسلوبِ الإرادةِ لا يملكُ القدرةَ على التأثيرِ فيما حولَه. والاستثناءُ الوحيدُ هنا همُ الأفرادُ الذين يتمتّعونَ بقدرةٍ فائقةٍ على التأثيرِ في الجمهورِ وقيادتِهِ وتوجيهِهِ بالشكلِ الذي يتماشى معَ أهوائهم، مع ملاحظةِ أنَّ شرْطَ امتلاكِ القُدرةِ على قيادةِ الجمهورِ هو مخاطبتُهُ بما يُرضيهِ ويتوافقُ مع "روحِ الجماعةِ"، وإذا كانَ لا بدَّ من طرحِ أفكارٍ جديدةٍ فلا يمكنُ لها أن تكونَ بعيدةً عن معتقداتِ الجمهورِ أو عن الفكرةِ العُليا التي تحرّكُه.

من يقرأ الكتابَ الآنَ سيستغربُ من دقّةِ التنبّؤاتِ التي ضمّنها المؤلفُ بينَ صفحاتِ كتابِهِ حولَ مستقبلِ البشريةِ في القرنِ العشرين، وهو القرنُ الذي شهدَ صعودَ نجمِ الأنظمةِ الشّموليةِ واندلاعَ حربَيْنِ كونيّتَينِ وسلسلةَ الجرائمِ التي ارتكبَها الاستعمارُ في الدولِ الفقيرةِ. كلُّ هذا جرى في ظلِّ مشاركةِ "الجماهيرِ" وموافقتِها، بلْ ومطالبتِها أحيانًا بالمزيدِ من القتلِ والتدميرِ، دونَ أنْ تُدرِكَ أنّها تدمّرُ ذاتَها أيضًا. فالجمهورُ لا يفكّرُ إنما يسيرُ بشكلٍ غريزيٍّ خلفَ عواطفِهِ مسكونًا بالفكرةِ العليا التي تجمّعَ حولَها، وهذا ما يلغي دورَ الفردِ ويجعلُهُ مجبرًا على التخلّيِ عن استقلاليّتِهِ وعلى التكيّفِ مع "روحِ الجماعةِ" والعملِ في نطاقِها.

على الرّغمِ من الصّورةِ القاتمةِ التي يرسمُ الكاتبُ تفاصيلَها بأمانةٍ علميةٍ وبدقّةِ الباحثِ الملتزِمِ بالحقيقةِ، فإنَّه يحاولُ أن يضعَ تصوّرًا للوسائلِ التي يمكنُ أن تساهمَ في الحدِّ من التأثيرِ السلبيِّ لظاهرةِ "الجماهيرِ". أوّلُ وأهمُّ هذه الوسائلِ هو وعيُ كلِّ فردٍ لحقيقةِ كونِهِ معرّضًا للمشاركةِ في تجمّعٍ جماهيريٍّ والخضوعِ للقوانينِ التي تحكمُ هذا التجمّعِ، فالوعيُ بأنّ المشاركةَ ظاهرةٌ شاملةٌ والمعرفةُ بالقوانينِ التي تتحكّمُ بالجمهورِ وتسيّرهُ يمكنُ أنْ تساهمَ في تعزيزِ المناعةِ الفرديّةِ ضدَّ الانسياقِ وراءَ نداءِ الجمهورِ والخضوعِ لروحِ الجماعة. كما يحدّدُ الكاتبُ المجالاتِ التي يجبُ فهمُ دورِها جيّدًا في التأثيرِ على عجلةِ "الجماهيرِ" التي ما إنْ تبدأ بالدّورانِ حتّى يفقدَ الأفرادُ قدرَتَهم على التأثيرِ في مسارِها، تمامًا مثلما يفقدونَ إمكانيةَ التأثيرِ على قوّةِ الأعاصيرِ وشدّةِ الزلازل. يركّزُ الكاتبُ على ضرورةِ إعادةِ النّظرِ في الرّواياتِ التّاريخيّةِ السائدةِ والتي تشكّلُ دافعًا ومحرِّكًا رئيسًا لحركةِ الجماهيرِ، فالتّاريخُ أيضًا صنعهُ "الجمهورُ" الذي لا يملكُ القدرةَ على التّفكيرِ ويتصرّفُ بشكلٍ غريزيٍّ. كما يطالبُ الكاتبُ بإعادةِ النّظرِ في وسائلِ التّعليم ومناهجهِ التي تركّزُ على الأهدافِ الجماعيّةِ وتتناسى دورَ الفردِ واستقلاليّتَهُ، وهو ما يؤدّي إلى تجريدِهِ من مقوّماتِ الصمودِ أمامَ خطرِ "الجمهورِ" أو "الحشدِ الجماهيريِّ". ولا يغفلُ الكاتبُ الدّورَ المحوريَّ الذي يقومُ به القادةُ السياسيّونَ والنّقابيّونَ في تحريضِ الجماهيرِ وإثارةِ غرائزِها ومخاطبتِها بما ترغبُ في سماعِهِ، وهو ما يؤدّي في النهايةِ إمّا إلى فقدانِ السيطرةِ عليها أو إلى إخضاعِها لأهواءِ القادةِ ذوي الميولِ "الديكتاتورية". وفي الحالتَيْنِ يكمنُ الخطرُ الحقيقيُّ الذي دقَّ الكاتبُ ناقوسَ الخطرِ محذّرًا ممّا سيجرّهُ على البشريةِ من كوارثَ وأهوال.
*تنتقلُ كلُّ أمّةٍ وهي تسعى وراءَ مُثُلِها العُليا من مرحلةِ البربريّةِ البدائيّةِ إلى أعلى مراحلِ الحضارةِ الإنسانيّةِ. وعندما تسقطُ تلكَ المُثُلُ تسقُطُ الأمّةُ وتموت.
#إعلام_حركة_فتح_لبنان