لا ندري ما الذي يسوّغ علاقات فصائل "اليسار التقدمية" مع الجماعة الاخونجية في قطاع غزة المكلوم، وعلى نحو كأنها علاقات تحالف بين نظائر متشابهة؟؟ ليس هذا سؤالاً استنكاريًّا، وإنما هو بحق سؤال يبحث عن جواب منطقي، لعلنا نكف عن العتب لرفاق الدرب الوطني، الذي لا يحتمله بعضهم، فيردون عليه بشخصنة، تظل لا محل لها من الإعراب، في الجملة السياسية!!

 

مبعث السؤال أنَّ مشروع الجماعة الاخونجية الاجتماعي، يتناقض تمامًا مع مشروع اليسار حتى وسطه المحافظ!! وإليكم ملمحًا من مشروع الجماعة الاخونجية الاجتماعي، القيادي في "حماس"، صالح الرقب يعلّق على باص الموسيقى الذي تسيره وكالة "الأونروا" بين طلاب مدارسها، بأنه من الأعمال التي "تعبث بثقافة أطفالنا" لأجل تدميرها!!! ويحرض على عدم السكوت على هذا العبث!! وهو هنا لا يدعو لمحاربة الموسيقى فقط، وإنما لمحاربة "الأونروا" أيضًا وهي التي وضعتها الإدارة الأميركية في عين العاصفة!!

 

الموسيقى التي توصف بأنّها من أجمل أعمال الروح بتطلعاتها الإنسانية، وحيث هي لغة تعبير عالمية، نسمعها في كل وقت ومن آلات مختلفة، وحتى من الطبيعة في سريان جداولها، وهبوب رياحها، وحفيف أوراق أشجارها، مثلما نسمعها في مقامات أذان الصلاة، وجرائس الكنائس، هذه الموسيقى هي عند الجماعة الاخونجية وحسب الداعية صالح الرقب عبث يستهدف ثقافة أطفالنا بالتخريب (!!) وكاد أن يقول إنها رجس من عمل الشيطان، بل لا نشك بأنه على هذه القاعدة، قد قال ما قال ضد الموسيقى والأونروا معًا!!

 

أين سنمضي بمجتمعنا مع ثقافة معتمة من هذا النوع؟؟ وماذا نفعل بطروحات التنوير والمعارف الحضارية، الضرورة الحتمية، لتعزيز مسيرتنا نحو الحرية والاستقلال؟ وهل بوسعنا أن نرمي نشيد الثلاثاء الحمراء، ونشيد العلم الذي رفعه شعبنا بالدم مثل آية من آيات التحدي والمقاومة؟؟

 

وماذا بوسعنا أن نفعل بأعمال روحي الخماش ورياض البندك وريم بنا وسليم سحاب وحليم الرومي وبشار غزاوي ومهدي سردانة والثلاثي جبران والقائمة تطول لموسيقيين فلسطيين أبدعوا بلغة التعبير العالمية وطبعوا الموسيقى العربية بطابعهم.

 

هذه أعمال تشكل ركنا أساسيًّا من أركان الثقافة الفلسطينية التي نورت وتنير فلسطين بتطلعاتها الانسانية النبيلة، والتي تريد "حماس" طبقًا لتحريمات صالح الرقب محاربتها!!

 

ويبقى السؤال الأهم، ترى على أية قاعدة ينبغي أن ننهي الانقسام البغيض، ما لم نحسب حساب الثقافة الاخونجية، الثقافة الكارهة لاعمال الروح الابداعية، ألا تتفشى بين صفوف أجيالنا الناهضة؟؟

 

والمغزى نريد إنهاء للانقسام البغيض يعمم الثقافة الوطنية بقيمها الأخلاقية والانسانية النبيلة، وبجماليات نتاجاتها الخلاقة في حقول الفكر والفن والمعرفة والشعر والادب، ومجمل حقول البناء والتطور وحتى علوم العقيدة.

 

حقًّا ما الذي يسوغ علاقات اليسار مع الجماعة الاخونجية، وعلى هذا النحو الذي لا تعرف السياسة له مفهومًا ولا قيمة!!