أربعة أيام في نيويورك، حيث اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الرابعة والسبعين، التي انتهت الأسبوع الماضي، لم ينم فيها الرئيس أبومازن إلا ساعات قليلة، لأن لقاءات واجتماعات خمسين (50) بالتمام والكمال، عقدها مع رؤساء وقادة دول شقيقة وصديقة، ومنظمات دولية، كانت أكثر أهمية وضرورة عنده من ساعات النوم الثماني، المفترض أن ينامها كل ليلة، لأن فلسطين بهمومها وتطلعاتها تظل وحدها كليمة الرئيس أبومازن أينما حل، حتى لايعود نؤوم الليل الطويل. 

خمسون اجتماعًا ولقاء بأربعة أيام، أي بمعدل 12.5 لقاء واجتماعا في اليوم الواحد، إضافةً إلى خطابين ألقاهما الرئيس هناك، واحد لمجموعة (السبعة والسبعين والصين) والآخر أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وفي الخطابين كانت دولة فلسطين تتحدث بأوضح لغة وأصدقها، وأبلغها مسؤولية وحزما، تجاه مختلف التحديات الراهنة، لا فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وسبل تسويته وفق قرارات الشرعية الدولية فحسب، وإنما تجاه مختلف قضايا الأمن والاستقرار والتنمية، وسبل ترقيتها لا لدول مجموعتها الدولية فقط، وإنما للعالم أجمع حين السلام العادل، سلام فلسطين، الدولة السيدة، بعاصمتها القدس الشرقية. 

لابد أن نعرف ذلك على نحو لا مزايدات فيه ولا تهويل، لنرى وندرك معنى المسؤولية الوطنية، وكيف يجري تحملها، والتصدي لمهامها، ولنعرف الأهم أن خطابات الرئيس أبومازن في الأمم المتحدة ليست على قاعدة قل كلمتك وامشِ وإنما هي خطابات عمل تفرد بنودها في اللقاءات والاجتماعات الثنائية على هامش اجتماعات الجمعية العامة، حتى يبدو الهامش متنا، بل هو المتن الذي يحمل هذه الاجتماعات.

وخمسون اجتماعا ولقاء لم تتناولها تقارير الأنباء بالتفاصيل، لأن غاياتها لا تبحث عن ترويج استهلاكي، ولأن أهمية التفاصيل وقيمتها تظل بكونها طي التفاهمات العملية، التي تعبد المزيد من الطرق لمسيرة الحرية الفلسطينية.

أربعة أيام بخمسين اجتماعًا ولقاء، هذه عافية فلسطين التي لاتنتج غير العمل، وبلا بيانات شعبوية، ولا مزايدات لغوية، ولا تحليق في فضاء شعارات الجملة الحزبية، التي لا تحدث سوى نفسها بنفسه!! نعم، إنها عافية فلسطين وهذا هو الرئيس أبو مازن.