تقصف ضواحي بغداد ودمشق .. وتونس .. وتحتل عاصمة عربية.. تشرِقُ وتغرِبُ في طول الوطن العربي وعرضه دونَ أن يعترضها رادع !
تفرض اغتصابها واحتلالها لكل فلسطين، تدنّسُ المقدّسات الإسلامية والمسيحية فيها وتفرض عليها نظامًا عنصريًّا مقيتًا وحصارًا جائرًا على الشعب الفلسطيني ينكدُ عيشه في غزة والضفة والقدس، وتنكلُ بالشعب الفلسطيني كيف تشاء قتلاً واعتقالاً وبطشًا وتضيقُ عليه سبلَ العيش والحياة.. ولا تجدُ أيضًا من يردَعها، أو حتى من يستنكرُ أو يجرمُ أفعالها، كل ذلك تحت مُبرِّر حَقها في ضمان أمنها. كأنَّها دولة فوقَ القانون يسمحُ لها ممارسة أي فعل واي إجرام، وانتهاك أي سيادة. وأي أمن لأي دولة تحت حجة إزالة أي تهديد كامن في تلكَ الدولة لأمنها!
باتت نظرية الأمن الإسرائيلية هي المسيطرة والموجّه والمنظّم لحركة فعلها الأمنية والعسكرية دون مراعاة لأي ضابط من ظوابط القانون والعلاقات الدولية!
لقد بات العالم كله متواطئًا مع نظرية الأمن لـ(إسرائيل)، ويُبرِّر لها ما لا يبرِّره لغيرها من أفعال أمنية وإجراميّة.
وقد استمرأت (إسرائيل) هذه الممارسات الإجرامية والأمنية وفعلها في حق الشعب الفلسطيني خاصة والشعوب والدول العربية وغيرها بصفة عامّة!
أمام هذا التغوُّل للكيان الصهيوني في فلسطين ومحيطها العربي ومواصلة سياسة العربدة وعدم احترام الاتفاقات الموقّعة معه وتدميره لكلّ الجهود الفلسطينية والعربية والدولية من أجل التسوية السياسية.
بات من حق الشعب الفلسطيني والأمة العربية أن تدافع عن حقوقها وأمنها وسيادتها وأن تعملَ على وضع حدٍ لانتهاك سيادة دولها وحفظ أمنها أمام امتداد نظرية أمن هذه الدولة المارقة والخارجة على كافة القواعد المنظمة لسلوك الدول وعن قواعد القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية لتمسَ وتنتهكَ سياداتها وأمنها جهارًا ونهارًا، وتواصل اغتصابها للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في وطنه وفي مقدمتها حقه في العودة وتقرير المصير وإنهاء الاحتلال والعيش في امن وسلام وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
إنَّ مَن حقِّ الشعب الفلسطيني ومعه كافة الدول العربية مجتمعة وفرادى أن يمارسَ ويُفعلَ مبدأ حق الدفاع عن النفس.. حق الدفاع المشروع الذي يكفله له ميثاق الأمم المتحدة وللدول والشعوب في نص المادة 55 من الميثاق.. وأن لا يبقى الفلسطينيون مكبّلين باتفاقات أو تفاهمات لم تحترمها (إسرائيل) وتنتهكها صباحًا ومساءً، وتفرض ممارساتها المجافية لروح التسوية السياسية المنشودة على أرض الواقع مستندة إلى تطبيق نظرية أمنها الخاصة واحتكارها لفعل القوة على الأرض..
نقول في هذا السياق:
إنَّ كلَِّ فعلٍ له ردُّ فعلٍ مساوٍ لهُ في القوة ومعاكس له في الاتجاه.
فلا يكفي أن يُدانَ الاستيطان في الأراضي الفلسطينية فهو جريمة حرب في حدِ ذاته.. فإنَّ لم يجد من يضع حدًّا له بواسطة القانون والشرعية الدولية والقضاء الدولي فإنَّ كل مستوطنة هي شأنها أن تعاملَ شأن الوجود العسكري لقوات الاحتلال يجب أن تقاوم بشتى الوسائل بما فيها الوسائل العنفية للحيلولة دون مواصلة الاستيطان والقضاء عليه وكنسه.
كما يجب أن يقاوم الاحتلال بكافة تجسيداته وتشكيلاته وصوره حتى كنسه وإنهائه.
من حق كافة الدول العربية التي تنتهك (إسرائيل) سياداتها سواء بانتهاك أجوائها أو ضرب أهداف عسكرية أو مدنية أو غيرها على أراضيها أن تواجه هذه الانتهاكات والرَّدِ عليها بالمثل.
بغير ذلك لن تتوقَّف إسرائيل عن مواصلة عربدتها ولن تتوقَّف عن مَدِ نظريتها الأمنية الخاصة التي تنتهك بموجبها القواعد العامة للقانون الدولي والسلوك الدولي.. وستستمرُ في مزاولة غيرها. وفي استباحة الأراضي المحتلة وغير المحتلة كما فعلت في قصف ضواحي دمشق ليلة أمس وضواحي بغداد في الأسبوع المنصرم وكما سبق لها أن قصفت تونس في عام ١٩٨٥م واحتلَّت بيروت عام 1982م.
يجب أن يفعل حق الدفاع المشروع من جانب فلسطين وكافّة الدول العربية كي ترتدع هذه الدولة الغاصبة لفلسطين وحقوق شعبها والمنتهكة لسيادة الدول العربية وقت ما تشاء.
هذا يقتضي ويفرض عودة الروح للنظام العربي من جديد والعمل على تنقية العلاقات العربية من كل الخلافات ومن كل ما يسممها والعملِ على استعادة التضامن العربي وتفعيل معاهدة الدفاع العربي المشترك. وإعادة توصيف الكيان الصهيوني كيانًا غاصبًا لفلسطين ولأراضٍ عربية ومهدِّدًا لأمن الدول العربية كافّةً وللأمن والسِّلم في المنطقة والعالم.