لم يوفر "الإخوان المسلمين" ورأس حربتهم حماس واحدا من أساليب إبليس إلا واستخدموها فيما يحق تسميته (فقه الجماعة) الذي هو في واقع الأمر مقولات مسمومة في شؤون الدين والحياة الدنيا، حقنوها في شرايين الجمهور البسيط، حيث بيئة لا يملك فيها المرء الحد الأدنى من القدرة على التحليل أو الاستخلاص، بيئة يؤخذ فيها كلام احدهم كمسلمات، حتى ولو كان سفيها أو مجدفا، فإرهابهم ووعيدهم بنار جهنم للناس أن هم فكروا أو ناقشوا، يجبر شريحة واسعة من المجتمع على تجنب إخضاعها لمنظور ومجهر العقل الإنساني.
احمد بحر، قيادي في جماعة الإخوان- فرع فلسطين– مثال حي ونموذج بمرتبة دكتور استوفى شروط (الاخونة) وزيادة حبتين!! ويسمي نفسه وتسميه حماس النائب الأول لرئيس المجلس التشريعي، المتوفاة قانونية وشرعية أعضاء كتلتها فيه منذ انقلابها في منتصف العام 2007 على السلطة الوطنية، وسيطرتها بقوة عسكرها ومسلحيها على قطاع غزة وفرض قانون الجماعة بعد إعدام القانون الأساسي الفلسطيني رمياً بالرصاص في ساحة الجندي المجهول في قلب مدينة غزة.
لا يفاجئنا الدكتور بمستوى أميته السياسية وجهله بالقانون وحسب، بل بقدرته على ممارسة الخداع، وتعاطي وترويج المخدرات السياسية !! المصنعة في (بلوكات الجماعة).
قبل الخوض فيما قاله في مؤتمره الصحفي أمس، سيكون مفيدا لو طلبنا من الدكتور بحر أن يدلنا على مجلس تشريعي في دولة ما في هذا العالم، شارك أعضاء كتلة الأكثرية فيه بانقلاب عسكري مسلح دموي على السلطة، وأفتى بعضهم بجواز قتل المنتسبين للمؤسسة الأمنية ولمواطنين بسبب انتماءاتهم السياسية، ووعدوا المجرمين بمقاعد ودرجات في الجنة، وظلوا يسافحون القانون، تحت تأثير (حقن شرعية) كل ما نعرف عنها، استخراجها من بذور الهيمنة والاستعلاء والاستقواء بسلاح المصطلحات الدينية!
يمنح (فقيه الجماعة) بحر مجلس تشريعي حماس بركة الشرعية، معتدا بمقولة اصغر نوابهم: "أن حماس قدر الله على الأرض" ثم يذهب لسحب الشرعية عن كل مؤسسات السلطة بما فيها الرئاسة والحكومة، ويدمغها بتهم الخطيئة والتعامل مع الاحتلال والتعاون معه، ورغم ذلك يطالب رئيس الحكومة بعرض الموازنة على (الانقلابيين) لإقرارها!! وحجته في ذلك أن المجلس التشريعي هو: "الجهة الوحيدة والحصرية صاحبة الصلاحية في إقرار الموازنة والرقابة عليها".
المجلس التشريعي يقر الموازنة ويراقبها، وهذا صحيح، ومادة من روح القانون، لكن عندما تغتال حماس هذا القانون، وتمثل بجثته في الشوارع، وترتكب جريمة الانقسام الجغرافي والمجتمعي والوطني، وتضرب بخنجر الإخوان وقوى إقليمية وإسرائيل المشروع الوطني الفلسطيني، وتعطل مسارات الوحدة الوطنية، وتخطف مليوني فلسطيني في قطاع غزة، وترهنهم لحروبها، وتخادع في تطبيق اتفاقية القاهرة وملحقاتها، وتراهن على سقوط حركة التحرر الوطنية، وتسعى لتكون البديل عن منظمة التحرير الفلسطينية، ويروج بعض قيادييها في وسائل التواصل الاجتماعي والإعلامي لمقولة الدويلة في غزة وامتدادها في سيناء، و"تحرير المقاطعة"- مقر الرئاسة الفلسطينية- كما يشتهي الدكتور الثاني محمود الزهار، وعندما تزج حماس الفلسطينيين والقضية الفلسطينية في صراعات المحاور الإقليمية والدولية، وتتسبب بفقدان آخر ما تبقى من مساندة شعبية جماهيرية عربية للقضية الفلسطينية ولشعبنا، عندما يفعل قادة حماس كل هذا وأكثر، سنفهم حديثهم عن الشرعية والقانون، (كحديث إبليس المستحيل) عن إصلاح أبناء آدم، وهدايتهم إلى الصراط المستقيم!!
يركض "دكاترة حماس الانقلابين" بأسرع من صوت "جماعة ترامب ونتنياهو" المزدوج وينضمان طوعا لا كراهية لحملتهما المنظمة على رئيس الشعب الفلسطيني الشرعي المنتخب أبو مازن، الذي يمنحه القانون حق إصدار القرارات بقانون في فترة غياب التشريعي- الغائب فعلا– ويحلمون برؤية المشروع الوطني الفلسطيني مندثرا، ليسكروا حتى الثمالة بالشماتة، وهذا حال الجاهليين الممتلئين بالأحقاد والكراهية، الذين لا يدركون أن انهيار المشروع الوطني لن يبقي أثرا لهؤلاء، لكن ما لا يعلمونه أن المشروع الوطني للوطنيين الفلسطينيين مسألة حياة أو موت، وقد اخترنا الحياة والوجود الأزلي على أرض وطننا فلسطين، التي لا يراها (المتأخونين) إلا بضاعة مربحة دائما.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها