كان إسقاط الطائرة الإسرائيلية أف 16 قبل يومين بالنسبة للنظام السوري حدثا مهما، كونها الطائرة الأولى التي تسقطها المضادات الأرضية السورية منذ تموز/ يوليو 1982، أي أثناء اجتياح إسرائيل للبنان لتصفية البنية التحتية لمنظمة التحرير قبل 36 عاما.
وأهمية إسقاط الطائرة الإسرائيلية المتطورة تكمن في أولا: التأكيد لإسرائيل أن الأرض السورية ليست مستباحة، ولا هي ميدان تدريب للطيران الحربي الإسرائيلي؛ ثانيا: رفع الروح المعنوية في أوساط الشعب السوري والنظام على حد سواء؛ ثالثا: تعزيز الثقة بالذات السورية، وبقدرات الجيش السوري في التصدي لأية اعتداءات إسرائيلية، رغم الاستنزاف الداخلي، الذي يثقل كاهل النظام ومؤسسته العسكرية؛ رابعا: استشعار إسرائيل إن الخطوة السورية لم تكن بعيدة عن الضوء الأخضر من روسيا الاتحادية، وهو ما يشير إلى أن جولات نتنياهو المكوكية لموسكو وسوتشي الروسيتين وخاصة زيارته الأخيرة قبل فترة وجيزة لم تثمر في الوصول لتنسيق أمني روسي إسرائيلي على حساب العلاقات الروسية السورية؛ خامسا: رسالة للقوى الإقليمية والدولية الأخرى المتورطة في الصراع الداخلي السوري السوري، أن يد سوريا طويلة وتستطيع الدفاع عن نفسها.
ومن تابع قراءة ردود الفعل الإسرائيلية على حادث إسقاط الطائرة، لاحظ أن هناك خيبة أمل إسرائيلية من عدم قدرة طاقم الطائرة على المناورة وتجاوز الصواريخ الموجهة لها. ووفق تقرير لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية والمعلقين العسكريين الإسرائيليين، أن الطاقم كان قادرا على ذلك، لكنه لم يفعل؟! الأمر الذي سيضع المسألة على طاولة البحث في أوساط قادة سلاح الجو الإسرائيلي. لأنهم يعتبروا أن الصواريخ، التي استخدمت قديمة نسبيا، وليست حديثة. وهو ما جعلهم يطرحوا سؤالا مباشرا، لماذا لم تتمكن الطائرة من تدمير موقع المضادات الأرضية، رغم أنها أصابت أهدافا أخرى؟ ومازال الجواب غير واضح حتى الآن. ويعتقد المختصون أن هناك خللا فنيا وعسكريا شاب سقوط الطائرة.
ولا يبدو أن الإسرائيليين سيمرروا الحادث دون رد الاعتبار لسلاح جوهم. لأنهم يعتبروا ذلك ثغرة تمس بمكانة وقدرة سلاح جوهم الأكبر والأهم في الإقليم. وبالتالي قد تشهد الساحة السورية عمليات قصف جديدة خلال الساعات والأيام القادمة، دون أن يعني ذلك الاندفاع لتوسيع دائرة المواجهة. لأنهم ليسوا معنيين بذلك، كون أولويتهم الآن تتمثل في الوصول لهدف الحل الإقليمي، وبناء التحالف الإسرائيلي مع دول الإقليم، وبالتالي في حال تصعيد المواجهة يمكن حدوث إرباكات تؤثر سلبا على المخطط الإسرائيلي الأميركي. أضف إلى أن التصعيد قد يدخلهم في مواجهة مباشرة مع الروس، الذين لهم حضور وقواعد عسكرية غير قاعدة حميميم في طرطوس، وهم ليسوا معنيين بذلك، ولهذا يعملوا على تحييد الروس بالقدر، الذي يستطيعون.
وللتخفيف من وقع وأثر سقوط الطائرة الحربية الإسرائيلية، أعلنت قيادة سلاح الجو أن طائراتها حققت أهدافها المرجوة في قصف 12 هدفا على الأراضي السورية، وان السرب عاد بإستثناء الطائرة المنكوبة. وذلك لذر الرماد في العيون الإسرائيلية.
في كل الأحوال إسقاط الطائرة الإسرائيلية فجر السبت الماضي، يعتبر حدثا مهما بالنسبة لنظام الأسد الابن، ويعزز من مكانته في المشهد السوري والإقليمي.