أن تقوم المملكة العربية السعودية بتفعيل وتطبيق قانون الفساد الذي يطال الكبير والصغير، بل يستهدف الكبير أولاً  ليُعدُّ من المفاخر على طريق إزالة رواسب التعدي على الآخرين كما أشار عددٌ من المحلّلين السعوديين الذي كان يحصل تحت لافتة أنّه كبير أكان أميراً أو وزيرًا أو مسؤولاً مهما علا منصبه.

وأن تقوم المملكة بتنويع مصادر دخلها عبر مشاريع اقتصادية استثمارية تعي معنى التنوع الاقتصادي فإنه يُعدّ من مفاخر هذا البلد العربي -وفخرنا كأمة- الذي طالما كان الاعتماد الأساسي فيه على النفط وكما حال معظم دول الخليج.

وأن تقوم القيادة السعودية بعدد من الإصلاحات السياسية والإدارية والقانونية وكذلك القيمية بما ينطلق بالمملكة نحو العصرنة والحداثة والتقدُّم دون الإخلال بالانتماء الحضاري العربي والإسلامي فإنَّه أيضًا يعد مفخرة إضافية لنا من المتوجّب أن نصفّق لها ونبتهج لكن؟

يبدو أنَّ عددًا من الناس لا ينظرون لأي تقدم أو تطور أو تغير ايجابي عربي خاصة إلا بعين الريبة والتشكك أو بربط هذا التغيير بمؤامرة دون أدنى اعتبار للقيمة السياسية أو القيمية والأخلاقية للتغيير.

بلا شك أن انعكاسات تفتت الإقليم والصراعات القائمة فيه تعكس نفسها على كل تغير أو تطور فلا يستطيع الكثيرون أن يفهموا أي تغير إلا في سياق السياسي، أو في إطار خطاب المحاور العدائي، أو ضمن نظرة الانحياز الكلي لمحور على حساب آخر.

بلا شك أنَّ المنطقة العربية تشهد أزمات وصراعات منذ العام 2011 على الأقل، وهي أزمات ذات بُعد عالمي مصلحي ما بين "الفوضى الخلّاقة" والفكر الاستعماري المهيمن، وذات بعد إقليمي يسعى لمد نفوذه وخطابه وسيطرته على بلدان الأمة سواء بخطاب ديني أو بخطاب اقتصادي.

بكل وضوح تقف كلٌّ من إيران وتركيا على رأس هذه المحاور التي تتدخّل في بطن الأمة، ناهيك عن المصلحة الإسرائيلية البارزة بالاستفادة من كل أزمات المنطقة لترسّم نفسها قائدة بلا منازع للمنطقة ولترسّم نفسها عبر عدد من الاتصالات، وكأنَّها مع ما تسميه "محور الاعتدال" ضد إيران، لهدف حرف حقيقة الصراع وتحويله من أصل المشاكل أي القضية الفلسطينية إلى مجرد صراع بمواجهة ما تسميه الخطر الإيراني فقط وفق مزاعم "نتنياهو" واليمين الصهيوني.

إنَّ الصراع في المنطقة العربية أو عليها تحكمه المصالح الاقتصادية والسياسية ومناطق النفوذ، وإن تمَّ عنونتها باستخدامات سياسية أو فئوية أو طائفية، ومهما كان حجم الصراع كبيراً وقد نتّخذ موقعاً كفلسطينيين هنا أو هناك وفق المصلحة الوطنية-العربية، فإنَّه يجب ألا يغيب عن بالنا أن المطلوب منا هو الإسهام في تقليص حجم الأزمات في منطقتنا ليتم تحشيد القوة، كل القوة باتجاه القدس والقضية الفلسطينية.

فليس من شأننا أبداً أن نتهم أو ندافع، أن نتشكك أو نرفض، فالمقياس لدينا هو مدى الاقتراب أو البعد من القضية قضية الأمة العربية والإسلامية قضية فلسطين التي يجب أن تبقى القضية المركزية، لا غير، ولنا أن نبتهج لأي بلد عربي أو غير عربي حينما يتطوّر أو يتقدّم أو يتغير للأفضل.