هاكم ذروة جديدة للوقاحة: إسرائيل تبرر الهجوم على نفق الجهاد الإسلامي في غزة بـ "خرق سيادتهم"، وتهدد بمواصلة ضرب كل من يحاول المس بسيادتها المقدسة. رئيس الحكومة، وزير الدفاع، رئيس الأركان رددوا كرجل واحد هذا الادعاء. أمر مضحك. دولة لا يوجد تقريبا أي سيادة حولها لا تخرقها ولا تحترم أي سيادة، والتي تسيطر بالقوة على مناطق ليس لها عليها أي مكانة سيادية، تقدس مفهوم السيادة عندما يكون الأمر مريحاً لها. هكذا يخترعون اسما سيئا للنفاق.
النفق في غزة، الذين سارعوا إلى تسميته "نفق الجحيم"، صحيح أنه عرض للخطر أمن سكان إسرائيل. الجهاد ادعى بأنه اعد لخطف جنود. خطف أشخاص من فراشهم هذا كما هو مفهوم حق محفوظ لجنود جيش الدفاع الإسرائيلي فقط. هم يقومون بذلك كل ليلة. في إسرائيل قالوا إن النفق اعد لقتل نساء وأطفال. على كل الأحوال ليس هنالك شك بان إسرائيل لها الحق بل ويجب عليها إحباط التهديد لسلامة سكانها وضرب النفق. ولكن التوقيت الذي اختارته مشبوه: بالضبط عندما يحاول الفلسطينيون الاتحاد في غزة، عشية نقل الصلاحيات على المعابر.
ليس من الضروري أن تكون ممسوساً بالشك من أجل أن تفهم إن إسرائيل ستعمل كل ما بوسعها من أجل إحباط الوحدة. هي خطرة على رفض إسرائيل ويهدد بكشف عارها. تخيلوا انه ظهر فجأة لا سمح الله شريك فلسطيني موحد، حفظنا الله من ذلك. لكن في غياب بينات، بالإمكان السماح لإسرائيل بالاستمتاع من الشك وافتراض أن التوقيت كان مصادفة: كشفوا عن نفق وفجروه.
من الصعب أكثر تصديق أن إسرائيل لم تعرف انه يوجد في أعماق النفق قادة للجهاد. ربما لم تقصد عمداً قتلهم – وهذا مشكوك فيه جداً – ولكن من المؤكد بأنها لم تعمل شيئاً من أجل منعه. جيش الدفاع الإسرائيلي وجهاز الأمن العام "الشاباك" الذين يعرفون لون الملابس الداخلية لكل مقاتل في الجهاد في كل لحظة معينة، لم يعرفوا أن قادة من المنظمة موجودين في النفق؟ أيضاً للتغابي يوجد حدود. إسرائيل تفضل تقريباً دائما خيار التفجير على أي خيار آخر، بالأساس عندما تكون الوحدة الفلسطينية مهددة. إضافة إلى ذلك لو كانت إسرائيل حقاً تريد منع القتل الجماهيري تقريبا، لكان بإمكانها عمل ما تتفاخر دائما بأنها تقوم به في هجماتها على غزة: "الطرق على الباب". أن تبلغ قبل عدة دقائق مسبقاً عن التفجير القادم، من أجل منع قتل لا لزوم به. هي لم تفكر بان تقوم بذلك، ومن هنا فان قتل قيادات الجهاد كان بالنسبة لها هدفا أو على الأقل زيادة، هدية من الله من اللطيف أخذها.
ليس من الصعب تخيل ما كان ليحدث لو أن تنظيم فلسطيني قتل ثمانية ضباط كبار من الجيش الإسرائيلي. سماء غزة كانت ستصبح حمراء وبيوتها كانت ستهتز. انتبهوا أيضاً للنقاش الذي ثار حول مسألة هل المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي تأسف على القتل – انه لم يتأسف – وكأنه من المحظور التأسف على قتل العرب دوما، يجب فقط أن تصر به. هل من المسموح به ذكر أن قادة الجهاد، وهي منظمة متطرفة وعنيفة لا تعمل فقط بتقديم الصدقات، هم بشر وفي وضع هدوء ليس هنالك سبب لتصفيتهم؟
لكن ادعاء خرق السيادة كان الأكثر وقاحة من بينها. لا يوجد لإسرائيل الحق بإلقاء المواعظ حول احترام السيادة. في الوقت الذي يغزو فيه الجنود في كل ليلة مدن الضفة، مناطق أ من أجل التنكيل بسكانها، وإظهار الحضور، الحفاظ على يقظة الجنود، تنفيذ اعتقالات، مصادرة نقود أو جميعها معا، هي لا تستطيع المطالبة باحترام سيادتها. عندما تتصرف في سماء لبنان وكأنها سماؤها وتفجر في سوريا وكأنها أراضيها، وعندما تمنع الصيادين في غزة من الخروج إلى البحر وتقصفهم، وتمنع الفلاحين من الاقتراب من الجدار وتطلق عليهم النار، كيف تستطيع أن تقدم ادعاءات بخصوص النفق باسم السيادة؟ عندما أطلق جنود جيش الدفاع الإسرائيلي أول أمس النار على سائق بريء في مفتر حلميش وقتلوه وجرحوا شقيقته، فقط لأنهم لم يتصرفوا كما أمرهم الجنود، باسم أي سيادة تم هذا الأمر، في منطقة من البلاد ليس عليها سيادة؟ ولكن إسرائيل في نظر نفسها هي سيدة العالم، يا إلهي. لهذا مسموح لها.
بقلم: جدعون ليفي
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها