اثنتان وعشرون كلمة، في رسالة بعث بها آرثر جيمس بلفور إلى اللورد روتشليد  في الثاني من نوفمبر قبل مائة عام، كانت وما زالت كفيلة بأن يتجرع شعبنا ويلات احتلال احلالي، لم يترك شكلاً من الإجرام إلا مارسه ضد شعبنا، بهدف قلعه من أرضه.

وعد لم يكتف مصدره بمنح أرض لا يمكلها لمن لا حق له فيها، بل وكما قال بلفور صراحة في رسالة الوعد، فإن حكومته سوف تبذل ما في وسعها لتيسير تحقيق هذا الهدف.

طيلة المائة عام المنصرمة، لم يستطع صاحب الوعد، ولا الموعود أن يقنعوا العالم، أو حتى أنفسهم، بأنهم أصحاب حق، أو على حق فيما فعلوا، ولم يزل من كان عددهم بضعه ألاف اقل من 5% من مجموع السكان،  وأصبحوا اليوم ملايين، يحفرون بأيديهم وأسنانهم تاريخاً لا أصل له في ارض ينطق ترابها، وتعبق رائحته بعرق فلاحيها الأصليين، ويباهي زيتونها كل الأشجار بأنه أول من كان، ولن يزول.

قبل مائة عام ظن الواهمون إن الفلسطينيين عشب زائد في حديقة العالم، بالإمكان اجتثاثه، ولكن الحقيقة الثابتة بعد قرن، انه زيتونة تزداد اخضراراً كل عام، وزيتها سيال لا ينضب، والكبار الذين ظنت جولدا مائير إنهم يموتون، ما زالوا يعجون بالحياة، والصغار لم ينسوا، بل كبروا وهم حافظون للحكاية بتفاصيلها.

إن ما صدح به الرئيس أبو مازن في المنظمة الأممية، وهو يلوح بسبابته، ويطالب أصحاب الوعد بالاعتذار وتحمل المسؤولية الكاملة عن الكارثة التاريخية، لم يكن مجرد خطاب، أو خطاب مجاملة في مناسبة سنوية،  بل كان رسالة على العالم أن يلتقطها بان قبول الفلسطيني بأقل من مساحة ربع الأرض المسلوبة، لا يعني أبداً انه ليس صاحب الأربعة أرباع، بل رغبة منه بإنهاء الصراع، ووقف مسلسل الألم، وإعادة عجلة التاريخ.

ولهذا فان العالم الحر، وبهذه المناسبة الأليمة على شعبنا، مطالب أن تتوحد جهوده لتصحيح الكارثة التاريخية، ومعالجة نتائجها، بالاعتراف بدولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران عام 67، وعاصمتها القدس الشرقية.