بقلم: دلال عريقات 

   مقالي اليوم ليس كباقي المقالات، فمقال اليوم عنوانه أبي، اسمحوا لي بأن أبدأ مقالي بشكر وتقدير كل من صلّى وسأل عن أبي، لقد أكرمنا الله بأن تكلَّلت العمليّة بالنجاح بعد أن وهبنا رئة سليمة لمتبرّع كريم أحبّه الله فينا. هذه رحمة ومحبّة من الله وبركة دعاء أصدقاء ومحبّي صائب الطيّبين.

لم يأتِ يوم الثاني عشر من تشرين أول كباقي الأيام، يوم البشارة على الشعب الفلسطيني، إعلان مصالحة وطنية وقدوم اليوم الذي انتظرناه، أعاد لنا الأمل. لقد حدثنا صائب كثيراً عن الحلم، فهو مصمم حتى الدولة، ويعمل ليل نهار، لا أنكر استيائي في عدة مراحل من انشغاله عن البيت والعائلة، لقد أدركت اليوم أنَّ الشعب الفلسطيني هو العائلة وأن فلسطين هي البيت، لن أحدثكم عن حبه لارض فلسطين وانتمائه لأريحا مدينة القمر، يشهد العالم أنه أفنى جسده بالعمل مِن أجل إعادة فلسطين على خارطة الجغرافيا حتى انهكت القضية صَدْرَه من كثرة المناورات.

يلقبه كثيرون بكبير المفاوضين، إلا أنَّه طالما لقَّب نفسه بالجندي لفلسطين، نِعمّ الجندي الذي يقاتل بسلاح الفكرة والثبات، لقد تابع وراجع بيان المصالحة الوطنية بساعات قبل دخول غرفة العمليات، وأصر رغماً عنا جميعاً وهو على السرير على كتابة بيان رسمي باللغتين العربية والانجليزية إيماناً منه بأنه سيخرج لاستكمال المهمة التي وجد من أجلها. اجتيازه لعملية زراعة الرئة مثال يُقتدى به للإرادة والقوة والثبات وحب العمل لخدمة الوطن وحماية القضية، جَسدّ بهذه التجربة أصعب وأقسى وأجمل أمثلة الرجولة والإنسانية في تحقيق الأحلام، وها هو يعود جندياً لخدمة فلسطين وكله تصميم وإرادة للاحتفال بالدولة الفلسطينية مع كل الأوفياء.

ما أن أفاق من التخدير وأزاح الأطباء الأنابيب عن صدره الحنون حتى رأينا علامة النصر ترتفع مِن يدي هذا الرجل. ابتسمَ وزرع فينا الأمل من جديد، لقد حقق حلمنا بعودته إلينا، وكان أول ما أخبر به الأطباء بعد العملية أنه عاد لإنجاز المهمة التي وجد من أجلها، شكرهم على جهودهم بانجاح العملية وقال: علي الان إكمال مهمتي حتى قيام الدولة الفلسطينية وتحقيق السلام.

نعم كان ومازال وسيبقى صائب، لا تستغربوا من عدم استعمالي اليوم لكلمة أبي فصائب هو صديقي وأستاذي في الحياة الذي سمح لي بالخروج عن الألقاب. والدي وصديقي الذي نناديه باسمه، صائبٌ هو في كل قراراته حتى وَهُو يفاوض الحياة. عودنا صائب أن الحياة عبارة عن خيارات، ولقد منّ الله على الشعب الفلسطيني بأصعب الاختبارات، أتمنى اليوم من كل الفصائل والقيادات والأفراد والشعب العظيم، أتمنى من الحكومات والدول وكل صناع القرار أن نعمل على تحقيق الحلم فكما يكرر صائب، في داخلنا تكمن كل الإمكانيات، لنعمل معاً لانجاح الوحدة رغم كل المعيقات والتحديات حتى ننجز المهمّة، فصائب لا يتغنى بالشعارات.

لا أستطيع أن أنهي مقال اليوم دون تقديم كل الاحترام وتكرار الشكر الجزيل والتقدير للشعب الفلسطيني الطيب ولسيادة الرئيس وسفارة دولة فلسطين والحكومة وكافة المسؤولين والأفراد الأوفياء والأهل وكل من صلى لنا على وقوفكم إلى جانبنا في هذه التجربة. محبتكم لصائب كانت وراء ثباتنا وإصرار صائب على النجاح، ها هُو يتجاوب بإيجابية وإرادة وإصرار ويتابع كل تمنياتكم ويحبكم جميعاً، فهو يحب الحياة وإلى أن يكون معكم في فلسطين، لكم منه سلامٌ.