كانت ولا تزال بعض الأمثال الشعبية الهادفة حتى العامية منها هي أصدق حالاً للتعبير، ولوصف حال الناس ويستحضرني المثل الشعبي العامي القائل: ( إلي بمِّوُت أمهُ وأبُوهُ، بمِّوُت إّلي بِحُّبوُه)؛ حيث يشعر سكان غزة بأنهم أمسوا واصبحوا أيتام لا نصير لهم ولا بواكيٍ لهم، وليس لهم إلا الله عز وجل، وكّأن الكل من أصحاب القرار وإمارة الظُلم والظلام يقولُون لشعبهم، هذا هو الحال في غزة فقرٌ وحصار من أمامكم، والاحتلال من خلفكم، فلا خيار لكم إلا الصبر عل  المُر والحنظل والعلقم، وقطع الماء والكهرباء، تلتحفون السماء وتفترشون الأرض، وتلعقون الجراح بألسنتكم دون اصدار صوت رنين، أو أنين، أو شجين، أو حنين للماضي، وبدون حت  دموع، ولو سحِّتُم وذبتُم كالشموع فعليكم أن تعضوا على أناملكم وتصبروا أيها الموظفون الفقراء والمساكين والشعب الغلبان!!، طالما أن هناك لجنة إدارية (ربانية) أستغفر الله، بل لجنة سادية تحكم غزة تتلذذ بعذابات الناس، تحكمهم بأمرٍ لم ينزل من السماء، ولم يكتب في الكتب المقدسة الثلاثة!!، وأبناء الوزراء والأمراء، والقادة والساسة والأفاكين والمنافقين والسارقين دم الشعب يستطيعون شراء كل شيئ لأبنائهم للعيد وللمدارس، وغالبية الشعب  تحت خط القهر مع الفقر المُدقع!، يقتلهم القهر والمرض، ويمرون بظروف صعبة للغاية لم يأتي مثلها من قبل !!. سيتوجه طلبة فلسطين المحتلة عموماً، وقطاع غزة خصوصاً الأيام القلائل القادمة إلى مقاعد الدراسة وسوف يبدأ العام الدراسي الجديد 2017م/2018م، وسط ظروف اقتصادية قاهرة وصعبة وكئيبة، وحزينة ودامية للقلب،  في ظل الحصار المفروض على القطاع منذ أحد عشر عاما؛ ومع اقتراب بدء موسم المدارس نرى كساداً في البيع والشراء في الاسوق التجارية بغزة، بينما تضج الأسواق والمحال التجارية بالكثير من المستلزمات المدرسية، وعلى الرغم من انخفاض الأسعار بغزة، نرى ونسمع بأن غالبية سكان القطاع ومنهم الموظفون الذين قطعت أجزاء كبيرة من رواتبهم لم يستطيعون الذهاب للأسواق لشراء المستلزمات الخاصة بالمدارس لأبنائهم، وقد عجزوا عن الشراء بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشونها وخاصة العائلات الفقيرة، ورغم كل هذا الوضع المعيشي الكارثي للسكان، لا تجد من يرأف بحالهم ويرحمهم، حتى الأغنياء أصيبوا بداء البخل، وتكرش بعضهم فاصبح بلا ضمير إنساني إلا من رحم ربي، وأما الأحزاب والفصائل والتنظيمات فكلٌ يغني على ليلاه، وقد جعلوا الشعب ينظر اليهم بريبة وشك وقهر؛ نظّر المغشي عليه من الموت؛ لأن ظروف الناس بغزة مأساوية بكل ما تحمله الكلمة من معاني ومضامين، لدرجة وصلت بالكثير من العائلات في القطاع الاستعانة على الوضع الصعب جداً من خلال البحث عن الزي المدرسي للعام المنصرم، وتوفير بعض الملابس القديمة والحقائب المدرسية القديمة لأبنائهم لأن الكثير من الأهالي لم يتمكنوا من توفير كسوة لأطفالهم الطلاب لعدم وتوفر المال معهم؛ ومع انحسار الأمل في إنهاء الحصار الظالم على غزة، ودق طبول الحرب من قبل الاحتلال، وتعثر جهود المصالحة واستمرار الانقسام واقترابه للانفصال، يستمر مسلسل المعاناة الشديدة والكبيرة والمحن العظيمة لسكان قطاع غزة لدرجة وصلت  بهم يتمنون الموت والسكن في باطن الأرض خيرٌ لهم من ظاهرها، حتى لا يرون وجوه الظالمين من ذوي القربى والمحتلين من ذوي البعدي، ولسان حال الشعب الفلسطيني يقول، بأي حالٍ عُدت يا موسم المدارس و يا أيها العيد الأضحى، هل بقيت عيداً سعيد؟!، وشعب الجبارين ينزف ويذبح من الوريد إلى الوريد، ولا مُغيث، وأصدق ما قيل في حالنا اليوم على لسان الشاعر العراقي الكبير معروف الرصافي رحمه الله، في قصيدة شعرية طويلة منها: "المَوْتُ أَفْجَعَهَـا وَالفَقْرُ أَوْجَعَهَا ... وَالهَمُّ أَنْحَلَهَا وَالغَمُّ أَضْنَاهَـا ... فَمَنْظَرُ الحُزْنِ مَشْهُودٌ بِمَنْظَرِهَـا،..  وَالبُؤْسُ  مَرْآهُ  مَقْرُونٌ  بِمَرْآهَـا.