اجتمعوا تلبية لنداء رب السلام عند الفجر ليصلوا، فباغتهم شيطان الحرب الإسرائيلي بصواريخه وقنابله، حتى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية باتوا يسمون أدواتها بالذكية، لكن ما نفع العقل الذي اخترعها وصممها، وغلفها وقدمها بلا حساب لمنظومة همجية القرن الواحد والعشرين "اسرائيل". أم أن للذكاء لدى المستعمرين العنصريين معيارًا مخالفًا لمعايير أمة الإنسان الحضارية، بالأمس وفي طيات تاريخ البشرية كانت الإبادة تعني قتل وسفك دماء جميع الواقعين في دائرة الأعداء بدون استثناء، أما اليوم فلم يتغير سوى إطلاق وصف الذكية على أدوات الحملات الحربية المدمرة والإبادة الجماعية الدموية، وأزياء المحاربين ورتبهم العسكرية، ومسميات ملوك ووزراء الجريمة والحروب.

فالهمجية تخبو وتندثر في مجتمعات متجانسة متصالحة مع مركباتها، أما المجتمعات التي تسود فيها العنصرية كركن من أركان عقيدتها، وتقدس سفك دماء الآخر "الغويم" أو "الأغيار" فإنها ترهن مصيرها ومستقبلها وحتى وجودها بذكاء أسلحتها، وذلك لأنها قد سلمت أمرها لمن اقتلع جذور شجرة العقل الإنساني، فباتت جافة، خاوية لا علامة فيها على الرحمة والحكمة والبصيرة، ورؤى الخير والحق والسلام، ونموذج هذا منظومة الاحتلال الاستعماري الاستيطاني العنصرية الإرهابية "إسرائيل" التي يسيطر على مفاصل مجتمعها رأسيًا وأفقيًا "تلموديون" من الطراز المتطرف، يعتبرون الردع وتدفيع الثمن، والإبادة الجماعية الدموية والمدمرة ذكاء، فيذهبون على صهوة البغي والعدوان والاستكبار إلى ما بعد الهمجية البشرية المدونة في كتب التاريخ القديم والحديث، وكأنهم لا يعلمون أن مصير المجتمع الذي يعتد بالذكاء الصاروخي، والحاسوبي، ولا يستقوي بالذكاء الإنساني، والحسابات التي تنتهي دائمًا بانتصار الحق، سيكون كمن يلقي بنفسه خارج مسارات الإنسانية المتوازنة بجاذبية العدالة الإنسانية كونها القانون الناظم لحركة كواكب الأمم والشعوب الحضارية.

ولا يمكن لعاقل يقدس النفس الإنسانية، قبول دعاية جيش الاحتلال الاستعماري الاسرائيلي الإرهابي حول استخدام أسلحته الذكية ومبرراتها لقصف مراكز تجمع لنازحين مدنيين فلسطينيين مكتظة بالآمنين الأبرياء، كما حدث فجر أمس السبت في "مدرسة التابعين" شرق مدينة غزة، فالضحايا المئة الذين تحول معظمهم إلى أشلاء، وأجساد محترقة، وجرحى ومصابون بينهم نساء وأطفال، برهان قاطع على أن الذكاء رديف الهمجية العنصرية لدى ساسة وجنرالات إسرائيل، فهؤلاء يستقوون بأحدث الأسلحة على أبرياء وقفوا بخشوع، يدعون الرحمن ليتم عليهم نعمة السلام، فأين ذكاء استخبارات هذه المنظومة، وأين ذكاء مقرر إطلاق "الصواريخ الذكية" وأين ذكاء رئيس حكومة هذه المنظومة بنيامين نتنياهو، فنحن نعلم ومعنا الأحرار في العالم، أن الأحمق الهمجي العنصري المستكبر، المتجرد من قيم الأخلاق الإنسانية، هو الذي يمضي بجريمة الإبادة الجماعية مستخفًا بذكاء آلاف الملايين من أمة الإنسان التي تشاهد جرائم منظومته ببث مباشر على المرئيات بكل اللغات. أما "مجزرة الفجر" في غزة، فإنها تعبير دقيق عن الأزمة الأخلاقية التي يعيشها أدعياء ريادة الذكاء في العالم، أزمة لا نعرف كيف سيتداركونها قبل سن الثمانين من عمر إسرائيل المصطنعة "الهيكل الثالث". إسرائيل تلك التي يتخوف بنيامين نتنياهو بألا تبلغ الثمانين سنة، ونعتقد أن في هذا التخوف الحق ذكاءً خارقًا، لأن توقعه وتوقع سابقيه من ساسة إسرائيل انهيار مشروعهم الصهيوني الحتمي والذي لا يقوى ذكاء في العالم على منعه.